رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 9 رجب 1425هـ - 25 أغسطس 2004
العدد 1642

مسألة رفع سعر الخصم!
عامر ذياب التميمي
tameemi@taleea.com

أثار قرار بنك الكويت المركزي رفع سعر الخصم الى أربعة في المئة جدلا في الأوساط الاقتصادية حول أهمية السياسة النقدية في بلد مثل الكويت··· قد لا تكون أدوات الدين ذات الأهمية التي تتمتع بها تلك الأدوات في البلدان الصناعية المتقدمة، حيث ترتفع معدلات الاستدانة Leverage الى مستويات عالية قد تصل في بعض المشاريع الى حدود الثمانين في المئة من التكلفة الرأسمالية، كما أن الكثير من الأعمال تعتمد على جدارتها الائتمانية للاقتراض، والتوسع في أنشطتها··· يضاف الى ما سبق ذكره أن المستهلكين يعتمدون في بلد مثل الولايات المتحدة الأمريكية على الاقتراض لمواجهة متطلبات المعيشة والاستهلاك، ولذلك فهم يقترضون لشراء السلع المعمرة مثل السيارات وأجهزة التلفزيون والثلاجات والغسالات وغيرها، ولذلك أصبحت القروض الاستهلاكية مكونا مهما في الائتمان المصرفي هناك، وفي بلدان صناعية أخرى في أوروبا وغيرها··· وقد لا تكون الكويت بعيدة عن هذه الأوضاع، لكن ما زال هناك الكثير من رجال الأعمال والأفراد والأسر يترددون كثيرا قبل اعتماد مبدأ الاقتراض، خصوصا وأن تجارب الكثيرين منهم كانت صعبة مع الاستدانة·· بيد أن هذه العوامل النفسية أخذت بالتراجع حيث تفرض المظاهر الاستهلاكية، ومحاكاة الآخرين دفع الكثيرين لاستخدام أدوات الدين لتحقيق مآربهم··· وقد أبدت البنوك والمؤسسات المالية اهتماما كبيرا خلال السنوات الماضية، بتوفير القروض المتنوعة لكل القطاعات الاقتصادية في البلاد·

وقد أشارت الإحصائية النقدية الشهرية الصادرة عن بنك الكويت المركزي "مايو 2004" أن إجمالي موجودات البنوك المحلية قد بلغ 20,6 بليون دينار كويتي، وقد ارتفع خلال عام واحد بما يقارب 3 بلايين دينار أو يوازي 18 في المئة···، وقد تركز خمسين في المئة من هذه الموجودات على شكل مطالب على القطاع الخاص، في حين لم تمثل المطالب على الحكومة سوى ما يقارب 3 بلايين دينار أو 15 في المئة من إجمالي الموجودات··· ويتبين من التوزيع القطاعي للتسهيلات أن التسهيلات الشخصية كانت بحدود 3,8 بليون دينار البالغ إجماليها 9,2 بليون دينار أي بنسبة 41 في المئة من قيمة التسهيلات، وقد شكلت التسهيلات الشخصية المتعلقة بشراء أوراق مالية 841 مليون دينار أو 22 في المئة من هذه التسهيلات الشخصية، و9 في المئة من إجمالي التسهيلات، وقد ارتفعت هذه التسهيلات المتعلقة بشراء الأوراق المالية بنسبة 88 في المئة عما كانت عليه في مايو 2003، ولا شك أن هذا الارتفاع قد تزامن مع النشاط في سوق الكويت للأوراق المالية خلال النصف الأخير من عام 2003، وهو عام ارتفع فيه مؤشر السوق بنسبة 101 في المئة·· لكن هناك تسهيلات للتجارة والعقار ارتفعت بشكل معقول خلال الفترة نفسها، وهي 18 في المئة و11 في المئة على التوالي·· وكان لذلك الارتفاع علاقة بالتطورات الاقتصادية التي نجمت عن حرب تحرير العراق، وارتفاع الطلب على السكن الاستثماري، وانتعاش قطاع التجارة، وإعادة التصدير··· لكن القروض الاستهلاكية ظلت من دون تغييرات تذكر فقد ارتفعت من 705 ملايين دينار في مايو 2003 الى 749 مليون دينار في مايو 2004 أو بنسبة 6 في المئة·

إذا فإن اهتمام القطاع المصرفي كان متنوعا في مختلف القطاعات، ولا بد أن جملة من العوامل قد أدت الى الارتفاع في قيمة التسهيلات الائتمانية خلال الفترة المذكورة ومن أهمها أحداث العراق، وانعكاسها على نفسيات رجال الأعمال، وزيادة حدة التفاؤل لديهم، وذلك أمر مفهوم ومقبول، وقد حدث مثله في بلدان أخرى مرت بمثل هذه الظروف··· لكن يجب ألا يغيب عن البال أن بنك الكويت المركزي يعمل في إطار اقتصاد عالمي، ويتأثر بما يجري في مختلف بلدان العالم··· فإذا أخذنا بنظر الاعتبار ما يجري في سوق النفط، وارتفاع إيرادات الحكومة من دخل النفط، فإن ذلك لابد أن يعني زيادة الإنفاق الجاري والرأسمالي من قبل الحكومة، مما قد يؤدي الى حدوث بعض التضخم··· يضاف الى ذلك أن توجهات البنوك المركزية الرئيسية تشير الى رفع سعر الخصم لمواجهة احتمالات التضخم، مهما كانت تلك الاحتمالات محدودة أو متواضعة، وكان آخر القرارات هو قرار بنك انجلترا لرفع سعر الخصم الى 4,75 في المئة··· ولا بد أن تؤدي عمليات رفع سعر الفائدة في الدول الصناعية الى انتقال أموال الى هناك لتتوطن كودائع لأجل، خصوصا إذا حصل أصحابها على فائدة معقولة على تلك الودائع·· لكن ما يحد من ذلك الانتقال لرؤوس الأموال هو خلق فرص الأعمال التي يمكن أن تجذب الأموال الوطنية للتوظف فيها··· أما إذا اندفعت الأموال الى البنوك للاستفادة من رفع سعر الفائدة، وتحولت الى ودائع لأجل فإن البنوك لابد أن تشعر بالضغط من أجل توظيف الأموال من خلال قنوات الائتمان التقليدية في البلاد والتي أشرت إليها آنفا··· وقد ارتفعت الودائع الخاصة من 9,9 بليون دينار الى 10,7 بليون دينار خلال الفترة من مايو 2003 الى مايو 2004، أو بنسبة 8 في المئة، مما يدل على أن رجال الأعمال وجدوا قنوات أفضل لتوظيف أموالهم خلال الفترة المذكورة الى جانب ادخار جزء منها على شكل ودائع·

بطبيعة الحال لا يمكن أن يزعم المرء أن رفع الخصم سيؤدي الى تعطل الأعمال، أو حتى تأثرها، كما ليس من المتوقع أن يكون لهذا القرار تأثيرات مهمة على أداء سوق الكويت للأوراق المالية إذا ما كانت نتائج الشركات المدرجة جيدة، أو تحقق انتعاش في مجمل الأعمال في البلاد بفعل المشاريع الحكومية المتوقعة، وتطور الأوضاع الاقتصادية في دول الجوار··· ما كان مهما في عملية اتخاذ القرار هو التمهيد لها، والتبرير لها من قبل السلطة النقدية في البلاد مثل ما يحدث في البلدان الأخرى··· بعد ذلك يظل من المهم تعزيز سلطات بنك الكويت المركزي، وتطوير استقلاليته، ولا يجب أن تخضع قراراته للتوجهات السياسية، بالرغم من أهمية أن تكون السياسة النقدية متوافقة مع السياسات المالية، وتهدف الى التوازن النقدي، وتعزيز فرص الانتعاش الاقتصادي· هذه المعادلة المهمة يضاف لها حماية سعر صرف العملة الوطنية على أسس اقتصادية، وفنية تمثل صلب أي قرار يتخذه بنك الكويت المركزي··· أخيرا ما زالت تكاليف التمويل في الكويت معقولة، ومن المهم ألا ترتفع كثيرا عن التكاليف التمويلية في البلدان الأخرى، والتي ترتبط بعلاقات اقتصادية مع الكويت· كذلك ربما يسعى بنك الكويت المركزي لتعزيز عمليات توحيد السياسات النقدية في دول مجلس التعاون الخليجية من خلال التشاور حول كل الأمور ذات الصلة بما في ذلك القرارات المتعلقة برفع أو خفض أسعار الخصم·

 

tameemi@taleea.com

�����
   

أبعد من خليفة ونجمة:
سعود راشد العنزي
بصراحة:
مسعود راشد العميري
حكاية التكنولوجيا وثورتها(1):
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله
سمعت وما "شفت":
م. مشعل عبدالرحمن الملحم
فضيلة التخلف!:
فهد راشد المطيري
مسألة رفع سعر الخصم!:
عامر ذياب التميمي
الغلاء·· والقطاع الخاص:
المحامي نايف بدر العتيبي
محطات في حرب التحرير:
عبدالله عيسى الموسوي
خلط المفاهيم بين الديمقراطية والعلمانية:
كامل عبدالحميد الفرس
أزمة وطن:
د. سامي عبدالعزيز المانع
ما هو مفهوم الحكومة الوطنية؟:
د. جلال محمد آل رشيد
تجربة نضالية مثيرة أمام البيت الأبيض!:
رضي السماك
الانتخابات العراقية·· مفتاح العملية الدستورية:
حميد المالكي