أميل إلى الرأي الذي يرى أن شأن العراق الشقيق خاص بأهله في المرحلة الانتقالية على الأقل، ومهما كانت لدينا من معلومات وأحاديث مؤكدة نستطيع الاعتماد عليها، فإنها لا تبرر لنا المضي في تحليل ما يجري في الداخل العراقي إلى أن تتضح الصورة أكثر وتستقر الأوضاع الأمنية ويقوم العراق في عهده الجديد·
متحدثو الفضائيات العربية أبوا إلا أن يقحمونا بما لا نريده، فمن الملاحظ أن تصوراتهم وأوهاومهم التي يعتمدونها كتحليل "علمي" تميل إلى الجانب "السوداوي" للقادم من الأيام على العراق، وهي حالة نفسية مرضية تعيشها الأمة العربية، وأخالها أنها لا تقل سوءا عما يضمرونه على مجتمعاتهم الساكنة والخائفة من كل تغيير وتطوير جديد·
شعور هذه المجموعة من " المحدثين" يكمن في أن العراق قد يخرج من الطوق القومي أو أن تستحوذ عليه الأكثرية في الانتخابات العامة فتنحو به إلى الطائفية، وهو تشكيك في أمر مبهم ومجمل على عدة أوجه، فالذي يدفع بهذه المجموعة التي تتخفى بالطرح الوطني والقومي كستار لأمانيها الطائفية هو إيمانها الذي يضيق بالآخر، والذي يتعارض مع أبسط مبادئ حياة الإنسان، التي تحترم إرادة الفرد وحقوق الاختيار·
لقد انغمس عدد ليس بقليل من هؤلاء "المحدثين" في تخويف المواطن العربي من نتائج نقل السلطة وما زال حديثهم يتم التركيز فيه على بعدين: طائفي تفريعي وقومي تقليدي وكأن العراق وشعبه وليد اللحظة أو الصفة حتى يختزل مشروعه الجديد في هذين البعدين!
إن هؤلاء في "تحليلاتهم" المعتمدة على نفسيات محبطة ومتقوقعة حول ذاتها، يشبهون إلى حد ما من يبتلى بمحنة "ليلة الزفاف" فقد ملؤوا أذهان الناس بالخرافات والأوهام التي منعتهم من استخدام عقولهم وشعورهم الواعي فجلسوا ينتظرون خارج غرفة الزفاف حتى يخرج العريس عليهم ظافرا من سجنه مرة أخرى، فتضاعفت الانتكاسة لدى غالبية العرب بسبب أوهامهم التي حدثوا بها الناس، فلا عريس أدرك مرامه ولا أهل عروس استلموا شارة العفاف!
* رشفة أخيرة:
قال المنصور لمعن بن زائدة: كبرت يا معن· قال: وإن فيك بقية؟ قال: في طاعتك قال: وإنك لشحم! قال: على أعدائك· قال: أي الدولتين أحب إليك دولتنا أم دولة بني أمية؟ قال: ذلك إليك فإن زاد برك على برهم فدولتك، وإن نقص برك عن برهم كانت دولتهم أحب إلي!!
mullajuma@taleea.com
|