Al - Talea
رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 8-14 ذي القعدة 1419هـ - 24 فبراير 2 مارس 1999
العدد 1366

نحن بحاجة إلى حكومة إنقاذ وطنية
ياسر الحبيب

تمر علينا يوم غد ذكرى العيد الوطني المجيد وذكرى التحرير، ولا يختلف اثنان من بني وطننا الصغير على أمر تدهور الحال العامة لهذا الوطن، فالكل يستشعر مدى التقهقر الحاصل في مختلف المجالات حيث تدنى مستوى الأوضاع العامة بالشكل الذي يمثل تهديدا مباشرا للمستقبل الذي لا يزال مجهولا بفعل انعدام الإحساس بالمسؤولية لدى صناع القرار·

وأينما ينظر المرء·· ير أمثلة ونماذج عدة من التخلف الذي أصاب البلاد وعرقل نموها وتحضرها، فالجميع اليوم يتحدثون عن أزمات ومشاكل اجتاحتنا، والشكاية منها ومن الواقع تأتي على كل لسان، إذ لا يكاد يجتمع عدد من المواطنين في ديوان أو منتدى شعبي حتى تتعالى أصوات التململ والتأفف والشكوى نتيجة الإحباطات المتراكمة في النفوس·

وثمة سؤال يطرحه الجميع يعبر عن شعور بالقلق تجاه المستقبل: الى أين نحن ذاهبون؟ وإلى متى ستبقى الأوضاع السيئة على ما هي عليه؟

والحق أنه ما من أحد قادر على الإجابة عن هذا السؤال لأن المستقبل مجهول نظرا لانعدام التخطيط له من أصحاب المسؤولية· وإزاء هذا لا يمتلك أحد أية مؤشرات إيجابية تجاه الغد وليس له إلا الركون الى القلق والخوف والخشية من مستقبل مظلم مخيف·

ولعل من أوجه الأزمة الكبرى التي تعيشها البلاد على مختلف الأصعدة وشتى الميادين، غياب استراتيجية تنموية واضحة، والعجز المتراكم في الموازنة العامة، وصيرورة الكويت دولة مدنية بفعل السقوط الاقتصادي، والوضع الأمني المتردي داخليا وغير المستقر خارجيا، والتمييز الطبقي والعرقي والطائفي وغياب سيادة القانون وتجاوزه من القائمين عليه، وتخلف مناهج التعليم، وتدهور الخدمة الصحية، وتفشي ظاهرة البطالة المقنعة وظهور وازدياد حالة من البطالة الحقيقية لكثير من الخريجين· هذا عدا كوارث الاحتلال الغاشم واختلاسات الأموال العامة والسحب المستمر من الاحتياطي العام، ومشاكل البدون والإسكان والتوظيف والمخدرات··· الخ·

وإذا ما بُحث في خيوط تلك المساوئ وأصولها، فسنرى أن معظمها يرجع الى تهاون الحكومات المتعاقبة منذ أواسط السبعينيات في المسؤولية العظيمة الملقاة على عاتقها، فالأداء الحكومي الضعيف وفق سياسات هلامية كلامية، واعتبار المنصب الوزاري موقعا تشريفيا لا مهمة تكليفية، وحصر القرار في شخصيات معينة، والانشغال في المصالح الضيقة على حساب القضايا التنموية الكبرى، وعدم التحضير لمواجهة تحديات المستقبل، وغياب القراءة الصحيحة للواقع··· ليست إلا بضعة أمثلة لسمات حكومات العقدين الأخيرين·

وعلى ذلك يكون طبيعيا وصول الوطن الى هذا المنعطف الخطير الذي يسير فيه متخبطا يمينا ويسارا· وليس تحليلنا هذا نوعا من التجاسر على الحكومات أو رغبة في تحميلها ما لا تتحمله، فهي الحقيقة المرّة التي لا بد من الإقرار بها أولا قبل الانطلاق نحو الإصلاح·

ولرب قائل يقول مدافعا عن السلطة إن كارثة الغزو الآثمة وانخفاض أسعار النفط في السوق الدولية وغيرهما من مشاكل وأزمات، هي التي أثّرت على الوضع العام للبلاد وليس للحكومة دخل بها فهي خارج نطاق مسؤوليتها·

ونحن نرى أن في ذلك نسبة من الصحة، غير أننا لا نستطيع إعفاء الحكومة من المسؤولية لوجهين: الأول، هو أن من واجبات أية حكومة في العالم تأمين مستقبل البلد ومواجهة التحديات المحيطة به عن طريق التخطيط السليم والإعداد الجيد والتحضير الحسن للمستقبل، وإلا فما وظيفة الحكومات؟ والثاني، هو أن حكومتنا تتحمل المسؤولية تجاه كثير من الأزمات التي حلّت بوطننا، بما فيها كارثة الاحتلال، إذ إنها كانت قاصرة في ضمان أمن الوطن وهو ما أكده مجلس الأمة عام 1995 في تقرير لجنة تقصي الحقائق عن أسباب حدوث الغزو العراقي الغاشم في 2/8/1990·

ولنضرب في هذا السياق أمثلة قريبة للأذهان، ولنتساءل: من المسؤول عن أزمة العجز المتنامي في الموازنة؟ أليست هي سياسة الانفلات التي اتبعتها الحكومات المتعاقبة في ما يخص الإنفاق العام؟ فحينما ارتفع دخل النفط في الماضي قامت الحكومة بزيادة معدلات الإنفاق السنوي بواقع %52 وتضخم الإنفاق خلال عشر سنوات من ثلاثمئة مليون الى ثلاثة آلاف مليون(!) وبعدئذ سرعان ما تدنت عائدات النفط ووقعنا في كارثة العجز وسقطنا في هذه الهاوية بفعل النظرة القاصرة للحكومة حيث كان الاعتماد المطلق على النفط رافدا ماليا·

وأزمة المديونيات العامة من المسؤول عنها؟ أليس هو إفساح المجال للمضاربات وتشجيعها رغم مخالفتها للقوانين وهو ما فعلته الحكومة فحلت الأزمة التي بلغت ضخامتها 6 مليارات دينار· ومن المسؤول يا ترى عن السرقات في شركة الناقلات والاستثمارات الخارجية؟ وهل من شك بأن ما شجع هذا النهب المنظم لقوت الوطن وأجياله هو التراخي في تطبيق القانون وفقدان الصرامة في المحاسبة والتدقيق من الحكومة؟

إن المرحلة الدقيقة التي نعيشها تتطلب تغييرا جذريا في منهجية إدارة الحكومة، لأنه لم يعد بالإمكان الاستمرار على النهج الحالي الذي تسبب في وصول البلاد الى هذا المآل الخطير الذي بات يهدد كياننا السياسي الصغير بجدية·

نحن بحاجة الى إحداث إصلاح حقيقي في شتى الميادين، إصلاح ينطلق من الدستور لا ما سواه، ومن القانون لا ما عداه· ويجب أن يكون من أولويات برنامجنا الإصلاحي عودة الكويت الى الريادة على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحقوقية·

نحن بحاجة الى استعادة مركزنا المالي والاقتصادي كمحطة تجارية نشطة في الخليج، وبحاجة لأن تعاد هيكلة الاقتصاد الوطني وفق آلية تتيح المزيد من موارد الدخل بخلاف النفط، وبحاجة الى ضمان العدالة الاجتماعية وتطبيق مبدأ تكافؤ الفرص ونبذ أي نوع من أنواع التمييز·

ونحن بحاجة أيضا الى محاسبة المتسببين في تردي أوضاعنا سياسيا واقتصاديا، والى محاربة الفساد المستشري في معظم قطاعات الدولة، والى إعلاء سيادة القانون وصون المكتسبات الدستورية وحماية الحقوق وضمان الحريات، وهي سمات أي بلد متحضر يريد علو شأنه·

كما أننا بحاجة ماسة الى ضمان أمن البلاد عن طريق تأهيلها استثماريا، بحيث تغدو أرض خصبة للاستثمارات الأجنبية وهو ما سيكفل الأمن ويعيد الطمأنينة بفعل وجود مصالح للدول الكبرى· والحاجة ماسة أيضا الى تنمية بشرية تضع في مقدمة أولوياتها بناء إنسان مثقف واع قادر على تحمل المسؤولية وخدمة الوطن·

وكل هذا الذي مر لن يتحقق إلا من خلال حكومة جديدة شكلا ومضمونا·· حكومة تحترم الدستور والقوانين·· حكومة حازمة في تطهير البلاد من الفساد·· حكومة ذات رؤية وبرنامج محدد·· حكومة ذات كفاءة سياسية وقيادية·· حكومة عازمة بجدية على الإصلاح والتنمية·· حكومة قادرة على اتخاذ القرار·· حكومة تنمي آليات الحكم الديمقراطي وتحترم البرلمان وإرادة الشعب·

نحن أحوج ما نكون له اليوم الى حكومة إنقاذ وطنية تضع في اعتباراتها تأمين المستقبل الوطني·

�����
   

الديمقراطية وديمومة الكويت:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
الأمريكان وسقوط صدام:
محمد مساعد الصالح
الشورى من منظور الحركات الإسلامية المعاصرة:
مسلم صريح
...أو تسريح بإحسان:
د.مصطفى عباس معرفي
أوغلان ويعقبه ابن لادن:
يحيى الربيعان
عاداتنا وتقاليدنا.. والغناء:
أنور الرشيد
رياح الفرح!:
عامر ذياب التميمي
جريمة خطف دولية:
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله
المدفع الأمريكي.. ومدافع السكراب:
سعاد المعجل
تناقضات(الحلقة السادسة):
محمد سلمان غانم
نحن بحاجة إلى حكومة إنقاذ وطنية:
ياسر الحبيب
استكانة شاي.. وتفكير:
مطر سعيد المطر
مات الملك حسين ليدفن سره معه..!!:
حسن علي كرم
مؤسسات المجتمع المدني وحقوق الإنسان:
فوزية أبل