Al - Talea
رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 8-14 ذي القعدة 1419هـ - 24 فبراير 2 مارس 1999
العدد 1366

رياح الفرح!
عامر ذياب التميمي
tameemi@taleea.com

أقامت الكويت مهرجان "هلا فبراير" خلال شهر فبراير الجاري، والذي شمل فعاليات تجارية واحتفالية غنائية، وكذلك شمل معارض فنية وندوات شعرية وغير ذلك من فعاليات·· وقد تبين من هذا المهرجان مدى توق المواطنين والمقيمين لهذه الاحتفالات وتعبيرهم عن أفراحهم المكتومة حيث استقبلت الشوارع والمحال العامة مئات الآلاف من البشر الذين، كما يقال، صوّتوا بأقدامهم من أجل استمرار الفرح وضد التزمت والكبت والاضطهاد··· ويبدو أن الناس بمشاركاتهم العفوية قد أثبتوا قدرتهم على التصدي لقوى التزمت والظلام، وبرهنوا أنهم يستطيعون أن يفرحوا ويروّحوا عن أنفسهم من دون أن يمسوا بالتقاليد والعادات والقيم التي تدعي بعض القوى السياسية الخوف عليها من هذه الفعاليات الاحتفالية·

ولا شك أن موافقة الحكومة الكويتية على إقامة هذا المهرجان، بالرغم من الاعتراضات التقليدية، يدل على أن هذه الحكومة بدأت تشعر بمدى التطرف الذي تستظل به بعض القوى السياسية الملتزمة بخط الإسلام السياسي، وبأن الناس قد ضجروا من استسلامها لأطروحات هذه القوى وتجاوبها معها·· وغني عن البيان أن هذه القوى ملكت الساحة السياسية في الكويت لأمد طويل ومنذ أواسط السبعينيات من دون مواجهة معارضة سياسية منظمة من القوى السياسية الأخرى، أو حتى من النظام السياسي القائم في البلاد، ولذلك فقد فرضت هذه القوى برامج عملها والتي لم تتعد فرض القيود على الحريات الخاصة والمجتمعية، وإعاقة تطوير الديمقراطية باتجاه المزيد من الحريات الفكرية·· كما أن هذه القوى حرمت التعامل مع الثقافة العالمية وفرضت قيودا على نشر وتوزيع العديد من الكتب والدراسات والدوريات التي لا تتوافق مع مناهجها وأيديولوجياتها الفكرية·

يضاف الى ذلك أن العناصر المتطرفة من هذه القوى قد أخذت تفسر الأحداث من خلال مناهج تغييب العقل والمنطق·· فمثلا تم تفسير غزو الكويت من النظام العراقي بما يعني أنه عقاب من الله، سبحانه وتعالى، نتيجة لاستمراء الكويتيين الفرح والمرح وعدم الالتزام بالعادات والتقاليد المتزمتة، وكأن النظام العراقي قد قام بتنفيذ إرادة السماء·· وبلا  ريب إن معظم الناس قد سخروا من مثل هذه الترهات، لكنهم لم يتمكنوا من وضع حد لطغيان هذه القوى على الساحة المجتمعية وقدرتها على التربص للقرارات السياسية·· وما أزعج المواطنون، بشكل مهم، هو عدم قدرة القوى المتحررة والليبرالية من تقديم أطروحات مخالفة لمنطق القوى المحافظة المتزمتة، وعجز القوى الليبرالية عن إقناع السلطة السياسية لاتباع منهج متوازن يأخذ بعين الاعتبار متطلبات الحياة العصرية، وأهم من ذلك مواقف الناس ورغبتهم في أن يمارسوا العيش بحرية ومن غير وصاية··

لقد أثبتت القوى الليبرالية، ذات الأصول القومية أو اليسارية، أنها عجزت عن تفهم متطلبات المواطنين، خصوصا بعد التحرير·· وإذا كان هناك من اعتقد من تصادم المواقف بين السلطة وهذه القوى في السنوات الأولى من الاستقلال، حيث إن هذه القوى الوطنية قد افترضت عداء الحكم للديمقراطية وعدم تقبلها، فإن الأوضاع التي تلت تحرير الكويت قد أوضحت أن عناصر التصادم السياسي أضحت محدودة ويمكن معالجتها من خلال الحوار الديمقراطي الهادئ·· وهكذا بات على هذه القوى أن توضح التزامها الجلي بالديمقراطية بكل معانيها، ومن أهم هذه المعاني الالتزام بالحريات الفردية وحق الناس في التمتع بحياتهم من دون منغصات بشرط عدم إيذاء الآخرين، وحقهم في التعبير عن وجهات نظرهم بحرية تامة·· كذلك لا بد من إقرار حق الأفراد بالاطلاع على الكتب ومشاهدة البرامج المرئية والاستماع للإذاعات من دون قيود·· ولا شك أن تدخلات القوى المحافظة والدينية لفرض قيود على حقوق الاطلاع والمشاهدة والاستماع، والتي برزت بين الفينة والأخرى من خلال مشاريع القوانين التي تقدم في مجلس الأمة، هذه التدخلات تعتبر اعتداء سافرا على حقوق المواطنين واستهتارا بالحياة الديمقراطية·

إن الدروس التي يمكن أن نستنبطها من مهرجان "هلا فبراير"، على محدوديتها، هي أن الناس أضحوا أكثر جرأة من السياسيين وهم يريدون أن يبينوا من خلال مشاركتهم في الفعاليات، التي أتاحها لهم المهرجان، أنهم يريدون الاستمتاع بالحياة وهم أدرى بالتقاليد والقيم ولا يريدون وصاية من أي طرف·· وإذا كان هناك من فوائد لهذا المهرجان فمنها أنه بعث علاقات حميمة بين الكويتيين والمقيمين، وخصوصا مع الجاليات العربية، كما فتح أبواب البلاد أمام الزوار من أقطار الخليج، ولم يكن هؤلاء الزوار فقط من الذكور بل كانوا من العائلات والنساء أيضا، ما يعني أن هذه الفعاليات قد جذبت مختلف الفئات·· وربما تجد بعض القوى الليبرالية فائدة من هذه المهرجان وتصيغ في برامجها السياسية أهدافا تتعلق بالترويح عن الناس وزيادة فعاليات الفرح في البلاد···

�����
   

الديمقراطية وديمومة الكويت:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
الأمريكان وسقوط صدام:
محمد مساعد الصالح
الشورى من منظور الحركات الإسلامية المعاصرة:
مسلم صريح
...أو تسريح بإحسان:
د.مصطفى عباس معرفي
أوغلان ويعقبه ابن لادن:
يحيى الربيعان
عاداتنا وتقاليدنا.. والغناء:
أنور الرشيد
رياح الفرح!:
عامر ذياب التميمي
جريمة خطف دولية:
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله
المدفع الأمريكي.. ومدافع السكراب:
سعاد المعجل
تناقضات(الحلقة السادسة):
محمد سلمان غانم
نحن بحاجة إلى حكومة إنقاذ وطنية:
ياسر الحبيب
استكانة شاي.. وتفكير:
مطر سعيد المطر
مات الملك حسين ليدفن سره معه..!!:
حسن علي كرم
مؤسسات المجتمع المدني وحقوق الإنسان:
فوزية أبل