Al - Talea
رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 8-14 ذي القعدة 1419هـ - 24 فبراير 2 مارس 1999
العدد 1366

تناقضات(الحلقة السادسة)
محمد سلمان غانم

التناقض بين الإنتاج والتداول: يمر رأس المال في دورته من الإنتاج إلى الاستهلاك بثلاث مراحل هي التداول حيث يتم شراء متطلبات الإنتاج، ثم الإنتاج ،ثم التداول من جديد لبيع المنتجات، وفي هذه الدورة، يأخذ رأس المال ثلاثة أشكال، فيتحول من الشكل النقدي إلى الشكل الإنتاجي ومن الشكل الإنتاجي إلى الشكل البضائعي· وتختتم الدورة بالتحول من الشكل البضائعي إلى الشكل النقدي من جديد، وواضح أن حركة رأس المال هذه لا تكتمل إلا إذا تم تصريف وبيع كامل الإنتاج الاجتماعي، حيث إن كل قسم من الناتج القومي الإجمالي يخضع للمبادلة ويؤدي دوره في عملية الإنتاج - الاستهلاك المحكمة تماما، وتضمن حركة رأس المال هذه تنامي رأس المال وتراكم السحت فائض القيمة" وهو الأساس في نمو وزيادة الدخل والثروة وتصاعد الرأسمالية باتجاه هلاكها الحتمي بعد أن تستنفد دورها التاريخي في تقدم وتطور القوى المنتجة "أسباب الرزق"·

 إن تجديد الإنتاج الموسع هو القانون الاقتصادي المصاحب لنشوء وتطور الرأسمالية ،وإنجاز هذه المهمة يحققها تراكم وتكدس السحت في عملية إنتاجية متنامية إلى أن تسقط الرأسمالية الإمبريالية·

تأخذ صيغة تجديد الإنتاج الموسع شكل ن - س - نَ "نَ بشرطة" وقد سبق تاريخيا هذه الصيغة التي تعبر عن التجديد الموسع لرأس المال صيغة ن - س - ن ون تعني النقود وس البضاغة أو السلعة، هنا النون الأولى تساوي النون الثانية، وهي تعبر عن تحديد الإنتاج البسيط السابق للرأسمالية، حيث يذهب فائض القيمة "السحت" كلها إلى استهلاك الرأسماليين والتجار الشخصي، وهذا ما يفسر بطء التراكم في المرحلة العبودية والإقطاعية، وتخلف الفن الإنتاجي حيث لا يضاف إلى التراكم والاستثمار إلا النزر اليسير·

بيد أن رأس المال، عمليا وواقعيا لا يظهر في هذه الأشكال الوظيفية فقط، وإنما يستقل كل شكل لأداء وظيفة محددة في عملية نطاق الإنتاج، أما رأس المال التجاري فيبرز في نطاق التداول فقط وثمة فارق آخر بين صيغة "ن - س - ن" وصيغة "ن - س - نَ" وهي أن مصدر الربح في الأولى، هو التبادل اللاتعادلي، حيث يتم شراء البضائع من صغار المنتجين بأقل من قيمتها ويبيعونها بأسعار تعلو قيمتها، وهذا يعني أن مصدر الربح ينشأ في نطاق التداول، ومن عمال التجارة إن وجدوا، أما في التجديد الرأسمالي الموسع فإن الربح لا ينشأ أساسا في التداول وإنما في نطاق الإنتاج، وإن كان أيديولوجيو رأس المال ينظرون إلى البضائع وكأنها تأتي إلى السوق بلا قيمة، وأن الربح مصدره السحر لا السحت· إلا أنه مما لاشك فيه  أن  رأس المال التجاري وتخصصه بوظيفة تحقيق القيمة والسحت يساعد على زيادة كمية السحت ومعدل الربح الوسط·

إن التجارة هي شكل التداول وهي عبارة عن حلقة في عملية الإنتاج والتوزيع والاستهلاك ، وهي كغيرها من الأنشطة الاقتصادية تخضع للتناقضات في الإنتاج الرأسمالي، فهي من ناحية تخفض الأجور إلى الحد الأدنى وهذا يقود إلى انخفاض القوة الشرائية ، وبالتالي عدم القدرة على تصريف كامل المنتج البضائعي، وهي سبب أزمات فيض الإنتاج، ويرتبط الإنتاج بالاستهلاك بصورة غير مباشرة أي عن طريق السوق حسب القدرة على الدفع والقوة الشرائية الكافية، وهذا لايتوافر إلا لدى كبار الرأسماليين· إلا أن كمية القوة الشرائية بشكل مطلق ترتبط باستهلاك الجماهير الشعبية الواسعة، إلا أن الاقتصاديين الملاكيين "البرجوازية" يرون التناقض لا في تناقض استهلاك الطبقات الشغيلة، بل في عدم نمو استهلاك طبقة الرأسماليين بالسرعة الكافية، ويؤكد كينز شأنه شأن مالتوس إن عدم كفاية استهلاك الطبقة العاملة يمكن أن يعوض باستهلاك الطبقات السائدة المفرط، وإن تبذير الطبقات المستثمر يمكن أن يخفف كثيرا التناقض بين الإنتاج والاستهلاك  رغم حياة البذخ والترف والعبث التي يعيشونها، لقد نشرت الصحف مرة أن المصروف اليومي لخاشقجي يعادل ربع مليون دولار·

وتضطرب العلاقة بين الإنتاج والاستهلاك في المرحلة الراهنة من تطور الرأسمالية·· إن القدرة على الإنتاج تتقدم بينما يتخلف الاستهلاك في هذه العلاقة عن الإنتاج الموسع بلا حدود· إن الطاقة الإنتاجية الهائلة تصطدم بالقاعدة الضيقة لاستهلاك الشغيلة والمنتجين،وهم غالبية السكان، وهو ما يؤدي إلى تفاقم التناقض بين الإنتاج والتداول، ووظيفة هذا التداول تحقيق القيمة والسحت، وتتحدد القيمة بأجور العمال وتكاليف الإنتاج· أما السحت فإنه يوزع بين أطراف الملأ وأتباعهم، حسب قوانين التوزيع الرأسمالية وأهمها قانون تجديد الإنتاج الموسع، فرجال الأعتمال "الأعمال" من الصناعيين والتجار والمصرفيين ينالون ربحا، والرأسمالي الطفيلي ينال الفائدة وعائدات الأسهم، وأماملاك الأراضي والعقارات فيحصلون على الربح ، هذا إلى جانب الضرائب المباشرة وغير المباشرة، والتي تتحدد حسب السياسة الاقتصادية الرأسمالية والتي لا يفلت منها إلا كبار الرأسماليين عن طريق الألاعيب المالية المختلفة·· بينما تخصم قسرا من أجور ومرتبات الشغيلة والعاملين بالتمام والكمال، ولذلك فإن الضرائب تساهم في الوقت نفسه على تحديد ولجم استهلاك الشغيلة والذي يعجز عن امتصاص واستهلاك كامل الإنتاج الموسع·· وفي هذه الحالة يزيد العرض من البضائع عن الطلب المقرون بالقدرة على الدفع، وهذا يؤول إلى تناقض بين الإنتاج والتداول حسب قوانين إنتاج وتحقيق القيمة والسحت أي قانون التوسع الذي لاحد له، وقانون التراكم الذي ينتج عنه إفقار الكادحين، أي تراكم البؤس من ناحية وتراكم رأس المال من ناحية أخرى· وأود أن أشير هنا إلى أن قطاع الإنتاج الرأسمالي يمكن أن ينفصل إلى قطاعين: قطاع إنتاج وسائل الإنتاج وهو القطاع الأول، قطاع إنتاج وسائل الاستهلاك وهو القطاع الثاني، ويخرق رأس المال التناسق والتوافق بين هذين القطاعين، فالقطاع الأول لا يرتبط بالاستهلاك الشخصي مباشرة وبالتالي يمكن توسيعه باستمرار، أما القطاع الثاني فإنه مرهون، مما يقود إلى خرق الترابط والانسجام بين القطاعين، ويخفف من هذا التعارض ، استهلاك المنتجين في القطاع الأول ، خصوصا أن مستوى أجورهم أعلى نسبيا، كما يجري في الوقت ذاته جذب أشكال الإنتاج ما قبل الرأسمالية إلى حلبة الإنتاج والتداول الرأسمالي، وتوسيع السوق، ولكن هذا ليس كافيا والطريقة المفضلة لرأس المال لكسر الحلقة المفزعة بين الإنتاج والاستهلاك هي التسلح وشن الحروب والمنازعات بين الدول، كما  إن أسهل طريقة هي إتلاف وتدمير الثروة المنتجة للتخلص من فيض الإنتاج وتثبيت الأسعار المرتفعة، وهذا ليس نادرا، كما أن إفقار الشغيلة ليس نادرا أيضا، وهكذا يترافق البؤس والتراكم·

وفي زحمة الركض وراء أقصى الأرباح، يشتد الصراع للسيطرة على الأسواق الخارجية، سواء أسواق التصريف أو أسواق المواد الأولية وفي حالات معينة، قد تتجه رؤوس الأموال إلى الدول المتأخرة اقتصاديا حيث الأيدي العاملة أرخص وحيث التركيب العضوي لرأس المال أضعف، وحيث الحصول على الفارق في معدل الأرباح بين الدول المتطورة والمتأخرة·

إن الصراع يتفاقم على الأسواق وتتهافت الدول الرأسمالية إلى إحكام قبضتها حتى وإن أدى ذلك إلى صراعات صدامية دموية وساحتها المهيئة والمفضلة هي العالم الثالث·

�����
   

الديمقراطية وديمومة الكويت:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
الأمريكان وسقوط صدام:
محمد مساعد الصالح
الشورى من منظور الحركات الإسلامية المعاصرة:
مسلم صريح
...أو تسريح بإحسان:
د.مصطفى عباس معرفي
أوغلان ويعقبه ابن لادن:
يحيى الربيعان
عاداتنا وتقاليدنا.. والغناء:
أنور الرشيد
رياح الفرح!:
عامر ذياب التميمي
جريمة خطف دولية:
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله
المدفع الأمريكي.. ومدافع السكراب:
سعاد المعجل
تناقضات(الحلقة السادسة):
محمد سلمان غانم
نحن بحاجة إلى حكومة إنقاذ وطنية:
ياسر الحبيب
استكانة شاي.. وتفكير:
مطر سعيد المطر
مات الملك حسين ليدفن سره معه..!!:
حسن علي كرم
مؤسسات المجتمع المدني وحقوق الإنسان:
فوزية أبل