Al - Talea
رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 1-7 ذي القعدة 1419هـ - 17-23 فبراير 1999
العدد 1365

سياسات الملك الراحل
سعود عبدالله

لا شك أن الملك حسين كان حاكما محنكا ومن أدهى رجال السياسة، فلقد لعب أدوارا صعبة لا يقدر عليها إلا من هو بخبرته وذكائه ، وقد اكتسب كل هذه الحنكة والخبرة من طول فترة حكمه التي استمرت زهاء نصف قرن·· والتي بدأها وهو شاب يافع·· كما اكتسب الدهاء من مخزون جديه السياسي عبدالله والحسين·· ومن نشأته الدراسية والعسكرية·

الأدوار الصعبة التي لعبها كثيرة نكتفي بذكر بعضها الذي يهمنا· قام بدور مهندس السلام بين العرب وإسرائيل·· واستعان بالهاشمي الآخر الملك الحسن في تقريب وجهات النظر بين الطرفين·· أو الأصح بين الأطراف المختلفة·· فكان يلتقي بساسة إسرائيل·· في وقت كانت فيه الإذاعات العربية ووسائل الإعلام الأخرى تطلق على دولة إسرائيل اسم العدو الصهيوني·· وكان فيه العرب يستنكرون النطق باسم أي سياسي منهم أو رؤية ظل يهودي حتى لو لم يكن صهيونيا·

قام بدور المقص في تقليم أظافر الثورة الفلسطينية المسلحة بعد أن قويت شوكتها في الأردن وقضى عليها قضاء مبرما فيما يسمى بأيلول الأسود·· ومنها انتقل نضال الثورة الى جنوب لبنان وليكون ذلك أحد أسباب الحرب الأهلية اللبنانية واحتلال الشريط الحدودي في الجنوب·

قام بدور المحرض على احتلال الكويت·· والمساند·· والمساعد·· ورأينا بأم أعيننا الأسلحة التي كان يستخدمها الجيش العراقي في الكويت·· وقد كتبت على صناديقها أسماء وأرقام فرق الجيش الأردني وفصائله·· مما جعل وسائل الإعلام الرسمية في الكويت تطلق على الأردن اسم (دولة ضد)·

ولو أردنا أن نطيل وأن نطنب في ذكر الأدوار العويصة الصعبة التي قام بها الملك حسين·· فلن تكفينا صفحات الجريدة·· وليس ما ذكرناه إلا غيضا من فيض·· ودلواً من بحر·

ما الذي جرى إذن··؟ وكيف تحولت الأمور بنسبة مائة وثمانين درجة·· من اليمين الى اليسار··؟ وهل اكتشفنا إننا مخطئون في حق الأردن أو الملك·· وأن علينا أن نهرول لهم ونرجو عفوهم كما حدث، فيذهب وفد رفيع المستوى للتعزية·· وترهن وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمنظورة لمدة أسبوع ما بين الحداد وترقب الوفاة ونقل مراسم العزاء والدفن·· والمقولة الشعبية (وش حدا ما بدا) هي أبلغ تعبير عن الدهشة والتعجب والاستغراب لهذا التحول المذهل·· من ذاك كله الى هذا كله·· فهل هناك تبرير؟

ليس من المقبول أن يقال إنه قد توفى وانتقل الى جوار ربه·· ولا شماتة في ميت·· فنحن لا نشمت به لأن الموت حق وسوف يصيبنا مهما طال العمر·· ولو دامت لغيرك ما اتصلت إليك·· بل ندعو الله له بالرحمة والمغفرة·

وليس من المقبول أن يقال إننا نريد أن نكسب ود الملك الجديد عبدالله·· فأبوه لم يحاول كسب ودنا·· أو حتى الاعتذار·· وكان علينا أن نؤدي الواجب بإرسال وفد عادي لتقديم التعزية ونترك الملك الجديد يطلب ودنا·· فالنظام العراقي الذي كان حليفه لم يكلف خاطره إلا بإرسال مسؤول كردي صغير·· ولم يعلن الحداد ولم يقطع إرسال تلفازه وإذاعته·· واكتفى بإذاعة النبأ فقط· فهل النظام العراقي أكثر استغناء منا في كسب الود·· وهو النظام المعزول تماما عن العالم·

وليس من المقبول أن يقال إنها فرصة لمشاركة دول الخليج والدول العربية في جمعهم بحجة عفا الله عما سلف·· وإلا فعلينا أن نتوقع ذهاب مسؤولينا للتعزية في وفاة حاكم العراق مثلا بالفلسفة نفسها والحجة·

لا·· لا·· كل التبريرات غير مقنعة·· فليس هناك سبب منطقي لهذا التهافت والهرولة·· وكان من الممكن القيام بواجب التعزية بأسلوب أكثر حكمة·· من دون هذا المستوى الرفيع·· ومن دون إعلان الحداد لأيام عدة·· ومن دون التمجيد والمديح الشديدين للملك وحكمته وسياسته وإخلاصه لأمته ودينه··  وليست هناك مصلحة مباشرة أو غير مباشرة·· كمقولة احتواء الملك الجديد وعزل النظام العراقي·· فقد قضى الأردن وطره من النظام العراقي·· واتفق مع إسرائيل رسميا·· ومصالحه مرتبطة مع دول الخليج بغض النظر عن التعزية أو غيرها·· فهو في حاجة ماسة لإنعاش اقتصاده الذي لن يتأتى من دولة مفلسة كالعراق·· وإنما من أمريكا والغرب والخليج·· وهو في النهاية دولة تابعة ليست من أصحاب القرار·· وتُرسم لها أدوارها بدقة من الخارج·· ولو كان الملك حسين فعلا ضد أمريكا والغرب لما رأينا كل رؤساء أمريكا الأحياء يصطفون الى جوار الزعماء الأوروبيين الآخرين لإلقاء نظرة الوداع في مشهد لم يسبق له مثيل لأي حاكم عربي على مدى التاريخ·· بل وربما لأي حاكم آخر·

نعم·· أعرف أن العلاقات الدولية مصالح فقط·· وليست صداقات أو عداوات أو عواطف·· كما أقر بأن من الواجب إبلاغ التعزية·· بل وأقول يرحمه الله وأدعو له بالمغفرة والعفو·· ولا أطالب باستمرار المقاطعة مع الأردن·· وإنما أرجو أن تعود العلاقات الطيبة·· ولكن ليس بهذا الأسلوب المندلق فلكل شيء أصوله وحدوده ومنهاجه·· نفعل كل هذا ونحن مُعتدى علينا ومع الشخص نفسه الذي اعتدى مباشرة·· ماذا كنا سنفعل لو كنا نحن المعتدين؟

�����
   

البطالة لدى الكويتيين:
محمد مساعد الصالح
"الإخوان المسلمون" وجمع الأموال(3):
مسلم صريح
تسليح غيت:
د.مصطفى عباس معرفي
عزوف أطفال وشباب العرب عن القراءة:
يحيى الربيعان
سوسيولوجية التيارات السياسية الإيرانية بعد ثورة فبراير 79 (2):
يوسف عزيزي
النفط والاستثمار الأجنبي:
عامر ذياب التميمي
عدم كفاية الأدلة:
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله
الأشخاص يموتون.. وتبقى الأوطان:
سعاد المعجل
تناقضات(الحلقة الخامسة):
محمد سلمان غانم
حركة أنصار الحرية:
ياسر الحبيب
المعارضة العراقية وظهر الدبابة الأمريكية:
أنور الرشيد
سياسات الملك الراحل:
سعود عبدالله
خطوة أولى على طريق الانفتاح:
فوزية أبل