Al - Talea
رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 1-7 ذي القعدة 1419هـ - 17-23 فبراير 1999
العدد 1365

بلا حــــدود
الأشخاص يموتون.. وتبقى الأوطان
سعاد المعجل
suad.m@taleea.com

لعل الجميع قد لاحظ ذلك القلق الواضح الذي ارتسم على وجوه كثيرة شاركت الأردن في تشييع جثمان ملكها الراحل·

فالرئيس الأمريكي "كلينتون" وأقرانه من الرؤساء السابقين اختلط قلقهم بشك وريبة من مقدرة الملك الجديد على حفظ التوازنات السياسية التي كانت بارزة في نهج والده الراحل، كذلك فقد امتزج القلق الإسرائيلي بحسرة واضحة بدت على وجه نتنياهو، وشارون ووايزمان على فراق الرجل الذي كان يحبهم، على حد تعبير "ايتان هابير" المساعد السابق لرئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل "اسحق رابين"، فقد عبر "هابير" في مقال نشرته جريدة "يديعوت احرنوت" عن المشاعر الإسرائيلية تجاه الملك حسين، حيث يقول مخاطبا الملك الراحل: "لو وضعت ألف زهرة على ضريحك ستكون إحداها مني، ولو غطت ألف دمعة قبرك، سأذرف إحداها"·

إن مشاعر القلق التي عبر عنها الشعب الأردني، وحالة الإرباك التي طالت دول المنطقة وإداراتها السياسية، تعكس ولا شك حالة الخوف التي يعاني منها المجتمع العربي دائما عند غياب أي من رموزه!! سواء أكان ذلك الرمز "جمال عبدالناصر" أم "عبدالله السالم" أم "الإمام الخميني" أم "الملك حسين"، فحالة الهيجان العاطفي، المصحوب بحمى الدموع عند غياب أي وجه سياسي، هي مشهد لا نراه إلا في دول العالم الثالث، لأسباب لا علاقة لها بدفء عواطفنا وأحاسيسنا مقارنة بالعالم الغربي، وإنما لطبيعة البناء السياسي الذي غالبا ما يربكه أي تغيير في الوجوه والأسماء!!

ولا تختلف في ذلك الدول التي تتمتع ببرلمانات منتخبة، عن تلك التي لا تمارس أي نوع من أنواع التمثيل النيابي، أو النهج الديمقراطي!! وإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على خلل في مسيرة الديمقراطية في العالم العربي بشكل عام!!

إن الديمقراطية في معناها الشامل، تعتبر أسلوبا حضاريا يبيح للمجتمع المساهمة ويوفر لأفراده المشاركة السلمية في إدارة الدولة، بمؤسساتها وهيئاتها!! وهي مشاركة لا تتحقق إلا إذا خرجت من قلب مجتمع يدين بالشراكة الاجتماعية والاقتصادية، بمعنى أن الديمقراطية تأتي كنتيجة لتلك المعطيات وليس العكس!! وهو بالتأكيد ما لم تحققه المجتمعات السياسية العربية بعد، على الرغم من قدم بعض الديمقراطيات فيها!! لأنها أساسا لا تؤمن بتلك المشاركة بما جعل من ديمقراطيتها، ديمقراطية الرجل الواحد، أو الحزب الواحد، أو العائلة الواحدة!!

إن الحرية التي تنص عليها الديمقراطية، ليست حرية التعبير والمطالبة فقط، بل هي كذلك في الحصول على ما تطالب به!! من خلال توفير القنوات السلمية التي تمكن المواطن من تحقيق مطالبه!! وهو قطعا ما لم يوفره المناخ السياسي العربي إطلاقا!! بل إن كل الشواهد التاريخية تقول إن الحقوق الديمقراطية في المجتمع العربي تتعطل عند حدود التطبيق أو التحقيق!! وهو أمر ينطبق على كل الديمقراطيات العربية ومن دون استثناء، بل وحتى في أقدمها وأكثرها عراقة، ويكفي أن نسترجع هنا كمثال على ذلك الواقع، ما حدث في مصر في 18 يناير 1977، حين حاولت بعض القوى الشعبية والتي تمثل كل الطبقات في مصر أن تمارس حريتها وأن ترفع صوتها واحتجاجها على تلك القرارات الاقتصادية التي أثارت الاستياء العام!! ليحدث ما حدث يومها من اعتقال وسجن، لكل الذين حرضوا على (انتفاضة الحرامية) كما أطلق عليها الرئيس المصري الراحل "أنور السادات"!!

إن النظام السياسي والمجتمعي الراسخ والمستقر هو ما يميز دولة عن أخرى·· والاستقرار عملية تراكمية لا يمكن أن تضمنها ظروف مرحلية مؤقتة، أو أن توفرها أسماء أو شخوص عابرة!! والشعوب العربية التي دائما ما تنتحب وتنوح لغياب شخص أو وجه، لا تأبه لذلك الغياب المستمر لشخصية الوطن الذاتية التي طالما غيبها تزاحم الوجوه والألقاب والشخوص!!

إن ذلك الهلع والقلق الذي يصيبنا كمجتمعات عربية عند غياب أي من تلك الوجوه، إنما يعكس درجة الخلل المتمكنة منا لما يتعلق بمعايير الاستقرار وشروطه!! فالاستقرار الذي يرتبط بوجود وبقاء شخص هو بلا شك استقرار هش وزائف!!

لكن وللأسف يبقى واقعنا الذي أصبح علينا أن ندركه ونعيه لكي نرجو الخلاص منه!! لذا فإن للقلق الأمريكي، والإسرائيلي، والسوري والإيراني تجاه غياب الملك حسين مبرراته الكامنة في طبيعة البنية السياسية للدول العربية!! والتي تتعامل مع الأشخاص كرموز خالدة، غير مدركة بأن الأشخاص يموتون، لكن الأوطان تبقى خالدة!!

�����
   

البطالة لدى الكويتيين:
محمد مساعد الصالح
"الإخوان المسلمون" وجمع الأموال(3):
مسلم صريح
تسليح غيت:
د.مصطفى عباس معرفي
عزوف أطفال وشباب العرب عن القراءة:
يحيى الربيعان
سوسيولوجية التيارات السياسية الإيرانية بعد ثورة فبراير 79 (2):
يوسف عزيزي
النفط والاستثمار الأجنبي:
عامر ذياب التميمي
عدم كفاية الأدلة:
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله
الأشخاص يموتون.. وتبقى الأوطان:
سعاد المعجل
تناقضات(الحلقة الخامسة):
محمد سلمان غانم
حركة أنصار الحرية:
ياسر الحبيب
المعارضة العراقية وظهر الدبابة الأمريكية:
أنور الرشيد
سياسات الملك الراحل:
سعود عبدالله
خطوة أولى على طريق الانفتاح:
فوزية أبل