Al - Talea
رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 1-7 ذي القعدة 1419هـ - 17-23 فبراير 1999
العدد 1365

حركة أنصار الحرية
ياسر الحبيب

حينما يتحدث المرء عن الديمقراطية حكما ونظاما فإنه لا بد أن يقرن معناها بقيام أحزاب سياسية حرة في ظل نظام تعددي مدني، فالديمقراطية في جوهرها تعني حكم الأغلبية مع حفظ حقوق الأقلية، وهذا لا يكون إلا عبر مؤسسات دستورية تتتبع الرأي الشعبي الغالب وتسير في إدارتها للدولة بمقتضاه، ويتحقق ذلك بأفضل كيفية بوجود برلمان منتخب على أساس قواعد النظام الحزبي·

وحق الناس في العمل الجماعي أيا كان لونه أو طبيعته أمر مكفول في ظل الأنظمة الديمقراطية التي تشجع على نشوء جماعات منظمة هدفها خدمة الصالح العام، وما دامت هذه الجماعات ملتزمة بما يقرره لها الدستور ومنضبطة تحت ما حددته القوانين بشأنها فإنه ما من مانع يحول دون ممارسة أنشطتها·

ومن مصاديق العمل الشعبي الجماعي، تكوين النقابات المهنية والهيئات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتشكيل جمعيات النفع العام· وحينما أقر الدستور الكويتي هذا الحق في إحدى مواده الصريحة في هذا الخصوص، فإنه أكد مضامينه الديمقراطية حيث إن روح الدستور تشجع على المشاركة الشعبية المنظمة في الحكم، ومن يقرأ مواده بعين دقيقة سيراها تتمحور حول هذا المحور·

تنص المادة (43) من الدستور على "حرية تكوين الجمعيات والنقابات على أسس وطنية وبوسائل سلمية"· وقد أتت هذه الصياغة كمخرج توفيقي لجدل أثير في جلسات لجنة الدستور (الواضعة لمسودة الدستور بتكليف من المجلس التأسيسي) حيث كان الجدل يحوم حول إيراد كلمة (الهيئات) في النص، وهي الكلمة التي تعني في الفقه الدستوري الأحزاب السياسية بلا فصل· فالجانب الأول كان يرى ضرورة تحاشي ذكر هذه الكلمة التي توجب على المشرع سن قانون ينظم قيام الأحزاب، في حين أصر الجانب الآخر من أعضاء اللجنة على بقاء كلمة (الهيئات) ضمن النص لأن في إلغائها تضييق للحريات العامة ومنع لتشكيل المنظمات السياسية·

إلا أن الخبير الدستوري المرحوم عثمان خليل عثمان أوضح أن حذف كلمة (الهيئات) من الصياغة لا يعني بأي حال من الأحوال تجريم العمل الحزبي· وقال: "نحن بحذفنا الكلمة لا نقصد منع الهيئات وإنما لم نذكرها على سبيل الإلزام أيضا، بل تركناها مبهمة من دون حظر أو إلزام، وفي التطبيق نترك ذلك الأمر للقانون، وهذه ليس فيها إلا تنازل طفيف، إذ بدل الأمر بالهيئات نتركها للمشرع، وذلك رغبة في التصالح على النص"·

وقد أكد ذلك ما ورد في المذكرة التفسيرية للدستور بشأن هذه المادة من أن عدم النص على حرية تكوين الهيئات (ليس معناه تقرير حظر دستوري يقيد المستقبل لأجل غير مسمى ويمنع المشرع من السماح بتكوين أحزاب إذا رأى محلا لذلك"·

وفي تأكيد آخر·· نصت المذكرة التفسيرية للدستور عند توضيحها لماهية المادة (56) منه على أن المشاورات التقليدية قبل تشكيل الحكومة يتوجب أن تشمل "رؤساء الجماعات السياسية" في البلاد، وهو دليل لا يقبل الرد على أن روح الدستور إنما تدفع باتجاه تكوين الأحزاب والتنظيمات السياسية تاركة أمر تقنين ذلك للمشرع حينما يرى أن الضرورة تقتضي ذلك· وإزاء هذا الواقع الذي لا يحظر قيام أحزاب سياسية وفي المقابل فإنه لا ينظم أمرها بتشريع أو قانون، تساهم جموع المواطنين في تشكيل الحركات والتجمعات السياسية دونما حائل قانوني يحول دون ذلك· ولدينا اليوم على الخارطة السياسية المحلية سبعة تنظيمات معلنة تمارس أنشطتها السياسية والاجتماعية بكل حرية وفق ضوابط النظام العام، وهي: المنبر الديمقراطي الكويتي، التجمع الوطني الديمقراطي، الحركة الدستورية الإسلامية (الإخوان المسلمون)، التجمع الشعبي الإسلامي (سلف بن سبت)، الحركة السلفية العلمية (سلف عبدالخالق)، حركة الوفاق الوطني والتحالف الإسلامي الوطني·

والحق أن العمل الحزبي الحركي في بلادنا أمر له أصوله التاريخية، وهو قديم سجله المؤرخون مع أوائل هذا القرن وفي العشرينيات منه تحديدا، حينما ظهر أول تجمع سياسي شهدته الكويت تحت مسمى "الكتلة الوطنية" من مجموعة من التجار الوطنيين المستنيرين المثقفين· وتوالت بعدئذ الأحزاب والتنظيمات الى يومنا الحاضر، وقد كان من أبرزها حركة القوميين العرب والعصبة الديمقراطية الكويتية وجماعة الإخوان المسلمين وحزب الشعب الديمقراطي وحركة التقدميين الكويتيين وغيرها·

واليوم يُضاف الى سجل هذه الحركات تنظيم وليد يقوم على أسس وطنية مدنية هادفة الى الرقي بالوطن وتنميته من خلال ممارسة ديمقراطية فعالة لأوجه المشاركة الشعبية في الحكم·

ويأتي هذا التنظيم بعد جهود تمهيدية تحضيرية استمرت لثلاثة أعوام تقريبا قام بها جمع من أهل الخبرة والمثقفين والأكاديميين ممن يحملون الهم الوطني على عاتقهم ويرون وجوب إسهامهم في دفع المسيرة الديمقراطية الوطنية الى الأمام انطلاقا من واجبهم المحتم عليهم بحكم المواطنة· ولا شك في أن هذه الجهود المخلصة لا بد أن يتمخض عنها نتاج مميز على صعيد العمل الوطني المنظم، فقيام هذا التنظيم والإشهار عنه هو بحد ذاته مكسب إيجابي لأي نظام ديمقراطي لما سينتج عنه من تنمية للوعي الوطني والسياسي وتوحيد للطاقات في سبيل المشاركة في نهضة الوطن وإعلاء كلمته وحفظ كيانه· والفكر الذي يتبناه هذا التنظيم الوليد هو فكر وطني نابع من صميم المجتمع الكويتي، وقد تمت صياغته على أساس مبدأ مهم وحيوي وهو "دحر الظلم" أيا كانت مصاديقه ومراتبه عبر عمل ديمقراطي يقوم على العدالة والحرية·

ومبدأ "دحر الظلم" هو جوهر النظرية التنظيمية من حيث ضرورة إحاطته بجوانب التنظيم كافة من نشاط وممارسة وفعاليات، وهو الموجه له ومنطلقه فكرا وعقيدة وعملا· فمفهوم الظلم أمر فطري موجود دائما وإن اختلفت مضامينه بحسب الزمان والمكان، وهو مفهوم يحدد المشكلات بوضوح ويثير في أفراد المجتمع تحفزا لمواجهته ومقاومته متى ما كان الحدث الظالم يمس المجتمع بعامة أو شرائح منه بخاصة· ومن مظاهر الظلم في واقعنا المعاشي غياب تكافؤ الفرص، والتمييز العرقي والقبلي والطبقي والطائفي، والعزل السياسي والاجتماعي، وفقدان سيادة القانون، وسلب الحريات وتحجيم الحقوق والتشكيك في الولاء للوطن،  وهي أمثلة من مظاهر شتى لا يمكن حصرها، وإنما جاء ذكرها على سبيل التدليل والتمثيل·

لذا ترى "حركة أنصار الحرية" أن من واجبها أن ترسخ قيم العدالة حتى يغدو التصدي للظلم ومؤازرة المظلوم سلوكا فرديا وطبيعيا لأبناء الوطن حتى تعزز الحرية والعدالة، وهي تأمل أن تكون طاقة مساهمة في ذلك فهي حركة كويتية المنبت والغاية، ولدت من رحم الديمقراطية وتسمو بالتناسب مع متطلبات الحضارة المعاصرة والرقي الاجتماعي·

وهي تؤطر نفسها بالدستور والنظام الديمقراطي في الكويت، وتدعو الى سيادة القانون باعتبارها ضوابط ومعايير حضارية متقدمة لإرساء أسس العدل الاجتماعي وحقوق الإنسان التي تؤمن بها الحركة إيمانا مطلقا، كما تؤمن بضرورة الإفادة والاستفادة من المنظمات العربية والإسلامية والدولية، والتعاون ومؤازرة التجمعات والحركات السياسية والشعبية الأخرى في الكويت على اختلاف مشاربها وتوجهاتها طالما صبت في مصلحة الوطن والإنسان وتظللت بسيادة القانون والاحتكام الى الدستور·

ولا تأتي هذه الحركة إلا بعد إيمان مطلق بما تنص عليه المادة السادسة من الدستور من أن "نظام الحكم في الكويت ديمقراطي، السيادة فيه للأمة مصدر السلطات جميعا" وهي تجعل هذا النص دافعها نحو ممارسة العمل باعتبارها منبرا معبرا عن رأي الأمة الى جانب مثيلاتها على الساحة المحلية·

إن قيام "حركة أنصار الحرية" يحقق في حد ذاته المشاركة الشعبية المطلوبة في قضايا الوطن لتحقيق طموحاته وآماله وتطلعاته، إذ يتجلى هدفها في الحرص على المصلحة العامة وتحقيق العدالة الاجتماعية والسعي لبناء البلاد ومؤسساتها وفق مبادئ التعددية السياسية وفي إطار الوحدة الوطنية·

والأمر اليوم يتطلب من المشرعين البدء فعليا في سن قانون ينظم العمل الحزبي في البلاد اتساقا مع تطور النظام الديمقراطي واستكمالا له، حتى تغدو هذه الأحزاب على اختلاف أيديولوجياتها مظهرا مشرقا من مظاهر الحرية والعدالة في هذا الوطن·

�����
   

البطالة لدى الكويتيين:
محمد مساعد الصالح
"الإخوان المسلمون" وجمع الأموال(3):
مسلم صريح
تسليح غيت:
د.مصطفى عباس معرفي
عزوف أطفال وشباب العرب عن القراءة:
يحيى الربيعان
سوسيولوجية التيارات السياسية الإيرانية بعد ثورة فبراير 79 (2):
يوسف عزيزي
النفط والاستثمار الأجنبي:
عامر ذياب التميمي
عدم كفاية الأدلة:
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله
الأشخاص يموتون.. وتبقى الأوطان:
سعاد المعجل
تناقضات(الحلقة الخامسة):
محمد سلمان غانم
حركة أنصار الحرية:
ياسر الحبيب
المعارضة العراقية وظهر الدبابة الأمريكية:
أنور الرشيد
سياسات الملك الراحل:
سعود عبدالله
خطوة أولى على طريق الانفتاح:
فوزية أبل