حدثت بعض التطورات المهمة على الملف العراقي بعد عملية "ثعلب الصحراء" وهي أولا: الرغبة الأمريكية الرسمية الواضحة والمعلنة في التغيير في العراق وتأييد دول عربية مهمة لذلك· ثانيا: العزلة السياسية للحكومة العراقية عن العالم العربي والمجتمع الدولي بعد تصعيد بغداد هجومها على الحكومات العربية مما أدى إلى إعادة الأمور إلى نقطة الصفر وخلق وضع مشابه لصيف عام 1990· ثالثا: الخطوة الذكية في الفصل والتفريق بين النظام العراقي والشعب العراقي مما أدى إلى عزل النظام سياسيا مع التأكيد على الحفاظ على وحدة وحدود العراق، مع تسهيل الأمور المعيشية للسكان لعدم استغلال العقوبات استغلالا إعلاميا لإحراج الإدارة الأمريكية وهي أساس المبادرات التي تطرح حاليا حول العراق والمتوقع أن تتبلور في المستقبل القريب·

ولكن التغيير في العراق لن يكون سهلا أو سريعا كما يتوقع البعض لأسباب تتعلق بخصوصية الوضع العراقي، فداخليا النظام يقوم على أساس ديكتاتوري عسكري فلا مجال لوجود حركة معارضة شعبية مؤثرة لطبيعة هذا النظام· كذلك عزلة الجماهير العراقية عن الخارج فداخل العراق إعلاميا صدام هو القائد الضرورة الذي يحارب أمريكا وهو رمز وجود العراق وكل الشعب يجب أن يصفق ويرقص له·

نسمع كثيرا في  الكويت أن الأمريكيين يستطيعون إزاحة صدام بسهولة ولكنهم لايرغبون ولكن السؤال المهم ما موقف وشكل أي نظام عراقي يحكم بمساعدة أمريكية مباشرة ؟ لاشك أن في ذلك إحراجا وحساسية شديدين لذلك النظام السياسي المقبل الذي سوف يتهم بين الحين والآخر داخليا وخارجيا بالعمالة لأمريكا وهذا الشيء لاترغب به أمريكا بأن يكون النظام مدعوما "على المكشوف" ولكنها ترغب في ذلك بطريقة غير مباشرة وغير معلنة لعدم الإحراج·

يطرح سؤالا حول المعونة الأمريكية للمعارضة العراقية  فالإدارة الأمريكية تدرك تماما عدم تأثير المعارضة داخل العراق، ولكنها تريد بعث رسائل واضحة إلى بغداد بأنها جادة في تغيير النظام ومضايقته على أمل أن يتكون الحد الأدنى من التنسيق والتأثير للمعارضة في هذه المرحلة· وحسنا فعلت بعض جماعات المعارضة برفض المعونة  حتى لا تتهم بالعمالة لأمريكا·

وخلاصة الكلام وحسب المعطيات الموجودة باستبعاد التدخل الخارجي المباشر وضعف احتمالات التغيير من الداخل فإن الوضع العراقي الراهن سيظل على حاله لفترة زمنية طويلة إلى حين حصول التغيير اللهم إلا إذا حدثت مستجدات وظروف معينة بالعراق فذلك موضوع آخر·

وعموما فالمستفيدون الوحيدون في كلتا الحالتين هم الأمريكيون·