Al - Talea
رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 24-30 شوال 1419هـ - 10-16 فبراير 1999
العدد 1364

في مسألة نقل الجلسات
ياسر الحبيب

كان لبدء بث جلسات مجلس الأمة تلفزيونيا وإذاعيا الأسبوع الماضي جملة من الآثار والنتائج الإيجابية على صعيد زيادة حجم ارتباط المواطن بما يدور في الأفق السياسي البرلماني· وكما كان متوقعا فإن نقل الجلسات جعل الأمور تبدو على حقيقتها من دون أية رتوش أو أدنى تحريف متعمد والتي كانت وسائط النقل من صحافة ودواوين تمارسه تبعا للوجهة المصلحية·

ولم يعد اليوم بمقدور أحد أن يداري حقيقة ما تخص سير جلسات البرلمان، حيث أضحت المتابعة المباشرة تحل عوضا عن تغطية الصحافة أو ما تتناقله الدواوين· وهو الأمر الذي سيسهم على المدى القريب في زيادة حجم المعرفة السياسية لدى المواطن ومقدار وعيه بقضايا الوطن، وسيؤدي هذا الى أن تكون درجة تفاعله مع الشأن السياسي أفضل بكثير مما سبق، كما أن اتخاذه لموقف ما من قضية مطروحة سيغدو على أسس سليمة ومعطيات حقيقية إثر مشاهدة الوقائع عن كثب لا عن بعد·

ومما لوحظ في اليومين اللذين تلا نقل الجلسة للمرة الأولى أن البث التلفزيوني أدى الى إعادة اكتشاف المواطنين حقيقة كثير من رموز السياسة، لا سيما أولئك الذين هم في موقع المسؤولية ، إذ بانت ضحالتهم الفكرية والسياسية وعجزهم عن الإيفاء بما تقتضيه منهم واجباتهم القيادية عدا عن ظهور ضيقهم من الديمقراطية وعدم تقبلهم للرأي المخالف وإصرارهم على الخطأ وإن كان في غير صالح الوطن والشعب·

وقد ارتسمت على وجوه كثير من متابعي الجلسة عبر التلفاز - خصوصا من كانوا غير عابئين في ما مضى بحضور الجلسات ومتابعتها في قاعة المجلس - علامات الذهول وسيماء التعجب بفعل ما جرى في الجلسة من سجالات وتجاذبات لم يكن لها داع يذكر على رغم أهمية الموضوع المطروح وهو إصلاح الخلل في هيكلية الاقتصاد الوطني المتدهور بفعل عجز الموازنة العامة للبلاد· فمن تفجّر قضية استغلال نائب لمنصبه في السعي للحصول على صفقة تسليحية من إحدى سفارات الدول الغربية، وحتى مناقشة مهرجان هلا فبراير، فالقضيتان ليس لهما أية علاقة ببند مناقشة الرسالة الواردة من الحكومة بخصوص وثيقة الإصلاح المالي والاقتصادي·

إلا أن النقل أثّر بشكل واضح على أداء معظم النواب الذين حاولوا جاهدين تكوين صورة حسنة عنهم في أذهان الناخبين، وهذا أمر إيجابي على رغم بعض السلبيات التي هي اعتيادية في كل برلمانات دول العالم، حيث يُخشى من دغدغة بعض النواب للمشاعر أو استعراض بعضهم لقوة الكلام والمجابهة، الأمر الذي قد يقلل من سرعة الإنجاز ومن أداء المجلس بشكل عام·

وثمة نقطة إيجابية سجلت في جلسة النقل الأولى - وقد لاحظها المراقبون - وهي اختفاء ظاهرة توقيع المعاملات أثناء انعقاد الجلسة، لأن نقل ذلك على الهواء سيؤثر بشكل ما على سمعة النواب الخدماتيين - إن صح التعبير - كما أن نواب الحكومة حاولوا تغيير الصورة المنطبعة عنهم في الأذهان عبر مجاهرتهم بمعارضة الاقتراح الحكومي بإحالة الوثيقة الى اللجنة المالية لدراستها، وهذا تحول حسن بلا شك في أداء النواب·

وللمرة الأولى في تاريخ الكويت، يستمع الى الصوت المعارض من التلفزيون الرسمي الذي كان طوال أربعين عاما تقريبا حكرا علي الحكومة وما تريد إيصاله الحكومة الى عامة الناس· وهذا التطور يتيح الفرصة للنواب الوطنيين لتوجيه رسالتهم والإجهار بآرائهم لتستمع لها قاعدة عريضة من المواطنين· إن نقل الجلسات حقق الأهداف المرجوة منه، إذ إنه سينمي بالدرجة الأولى من ثقافة المواطن السياسية والوطنية وسيدفعه نحو الاهتمام بالقضايا المطروحة، وهو ما يتيح الفرصة لتشكيل رأي عام سليم قائم على الديمقراطية الحقة· ولا يخفى أن الجماعات الوطنية عانت كثيرا في ما سبق من تشويه المناوئين للديمقراطية والمعادين للشعب وسراق أمواله لحقائق عمل البرلمان وإنجازاته، واليوم فقد هؤلاء أسلحتهم على ظهور سلاحي المجلس، أعني بهما جريدة "الدستور" و"نقل الجلسات إذاعيا وتلفازيا· حيث خاض البرلمان معركة مع الحكومة لأجل هذين المشروعين وانتصر في النهاية بفعل الإرادة، ولا يمكن بطبيعة الحال تناسي دور الرئيس أحمد السعدون في هذا المجال·

وفضلا عن فوائد النقل التلفزيوني والإذاعي على الصعيد الوطني، وهي فوائد تصب في صالح الديمقراطية وتطويرها، نرى أن هناك فائدة أخرى مهمة في هذا الخصوص، حيث إن شعوب الدول المجاورة ستطلّع عن كثب على الديمقراطية الكويتية وهي متشوقة لتطبيق هذه التجربة، لاسيما قطر، وكان بودنا لو أن النقل كان فضائيا وعلى موجات الأثير المتوسطة حتى يتمكن المشاهدون في الخارج من الوقوف على طبيعة نظامنا الدستوري والمشاركة الشعبية في الحكم التي يكفلها· ولو أن هذا حدث لكان عاملا في تغيير كثير من القناعات بخصوص الكويت وشعبها عندما يقارن المرء العربي الديمقراطية الكويتية بالديكتاتورية العراقية، فيتخذ وقتئذ موقفا سليما لا على خلفية تضليل إعلامي عراقي مستمر·

إن القضية التي كانت مطروحة في تلك الجلسة خدمها كثيرا نقلها التلفزيوني والإذاعي، حيث إنها تمس بشكل مباشر مصالح كل المواطنين وبخاصة أصحاب الدخول المتوسطة والمحدودة، ولا جدل في أن الشارع رافض من حيث المبدأ فرض الرسوم أو زيادة أسعار الخدمات من جهتين، الأولى الاعتياد على الرفاهية والاعتمادية المطلقة على الدولة، وهذا لا بد من السعي الى تغييره· وأما الجهة الثانية فهي عدم الثقة بجدية الحكومة الحالية في الإصلاح وهي المتسبب في ما آلت إليه أوضاعنا الاقتصادية من سوء وتدهور·

والمتابعة لتلك الجلسة كونّت رأيا عاما بخصوص هذا الموضوع، وهو رأي أشد صلابة من أي وقت مضى بفعل ما لمسه المواطنون من تخبط حكومي واضح في المجلس، حينما حاولت الحكومة رد هجوم النواب عليها بإطلاق اتهام خطير لأحدهم فحواه الإخلال بالشرف والأمانة واستغلال المنصب البرلماني في التفاوض مع إحدى سفارات الدول الغربية بغية الحصول على وكالة سلاح معين مقابل إفشال وإحباط مشروع الحكومة شراء سلاح آخر مماثل من دولة أخرى·

وهو اتهام لا يمكن أن يمر مرور الكرام نظرا لما يحمله من تشويه لسمعة المجلس وممثلي الشعب، وإنّا لا نعلن حقيقة هذا الاتهام لكننا مطالبون جميعا بالتحقيق فيه ومعرفة ملابساته كاملة·

فإن كان ما قيل صحيحا فيتوجب محاسبة ومعاقبة ذلك النائب ليلقى جزاءه لأنه غير جدير بتمثيل الأمة، وإن لم يكن صحيحا فالواجب التحقيق مع صاحب الاتهام لمعرفة الأسس التي بنى عليها اتهامه الخطير والمعلومات التي استند إليها ومن أية جهة صدرت· وفي كلتا الحالتين فإن من واجب الجميع - حكومة ومجلسا - تقصي حقائق هذه الحادثة المزعومة·

ولا يمكن لأي عاقل تفهم أسباب سعي الحكومة ونوابها لإيجاد مخرج لما أطلقوا عليه "أزمة" بين السلطتين! فالحكومة وعلى لسان رئيسها نفسه وجهت هذا الاتهام الخطير، وقد كان ينبغي عليها منذ علمها بهذه الواقعة إبلاغ المجلس بحيثياتها انطلاقا من واجبها الوطني، وهو واجب كل مواطن أيضا·

إن السعي لإيجاد المخرج ليس له من تبرير سوى أن الحكومة غير مستعدة لإثبات هذه التهمة والإتيان ببينتها، وأنها حينما أطلقت هذا الاتهام كانت غير واثقة مما تقول، ولعلها فجّرت هذه القضية كنوع من ردة فعل غاضبة غير مدروسة وغير مقدرة العواقب·

وحسنا فعل المجلس عندما شكّل لجنة تحقيق بهذا الخصوص، وذلك لرد اعتباره أمام جموع المواطنين، حيث لا يجوز أن يبقى مثل هذا النائب في سلطة تشريعية تمثل الشعب بأسره ، وإن لم يكن أمر الواقعة المزعومة صحيحا فلا يجوز إطلاقا السكوت عن هذا الاتهام الحكومي الجائر الذي يشوه سمعة النظام كله··

إن الأمل كل الأمل بأن يستمر المجلس في أمر التحقيق بهذه التهمة الخطيرة وكشف ما يحيط بها من ملابسات لئلا تتزعزع ثقة المواطن بسلطاته الدستورية، ولئلا تحوم الشبهات حول كل النواب الشرفاء والمخلصين، وإنّا لا نتفهم لِمَ كل هذا الإصرار على التسوية وهي تسوية لا يراد منها إلا حفظ ماء وجه الحكومة الذي ذهب مع النقل التلفزيوني والإذاعي·

�����
   

مستقبل العراق... نظرة غربية:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
وفاة الثائر المعارض:
محمد مساعد الصالح
"الإخوان المسلمون" وجمع الأموال(2):
مسلم صريح
راسبوتين:
د.مصطفى عباس معرفي
وجهاً لوجه مع نوابنا:
يحيى الربيعان
سوسيولوجية التيارات السياسية الإيرانية بعد ثورة فبراير 79 (1):
يوسف عزيزي
قراءات في المستقبل!:
عامر ذياب التميمي
فضيحة أولمبية:
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله
النضال بالمراسلة!!:
سعاد المعجل
تناقضات(الحلقة الرابعة):
محمد سلمان غانم
في مسألة نقل الجلسات:
ياسر الحبيب
الملف العراقي بعد عملية ثعلب الصحراء:
بدر أبل
النفط والمدفع والاتهام:
أنور الرشيد
أخبار... التعليم العالي!!:
فوزية أبل