Al - Talea
رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 24-30 شوال 1419هـ - 10-16 فبراير 1999
العدد 1364

تناقضات(الحلقة الرابعة)
محمد سلمان غانم

لقد طرح فيما سبق تساؤل حول ميل معدل الربح إلى الهبوط·· والحقيقة، هناك من يطرح هذا السؤال بسذاجة أكبر، مثل الدكتور حازم الببلاوي الذي كان يدرسنا الاقتصاد في جامعة الكويت، لقد تناول هذه الظاهرة بشكل أعم· فكان يقول: إن الماركسية تعتبر العمل فقط هو الذي ينتج فائض القيمة، وبالتالي فإن ماركس في الحقيقة يدعو ضمنيا إلى تطبيق وسائل إنتاج متخلفة وتحتاج إلى عمالة يدوية أكبر أو ربما اعتماد العامل على يديه العاريتين في سبيل إنتاج فائض قيمة أكبر· هذا الطرح في الحقيقة يقودنا إلى اعتبار العمل اليدوي البحت أفضل من التقنيات الحديثة والمتطورة بالنسبة للرأسمالي· وهنا لايثار التساؤل حول سذاجة الرأسمالي· الذي يعمد إلى تطبيق أحدث أساليب الإنتاج، وإنما يثور السؤال إلى أفضلية أساليب الإنتاج البالية؟·

المشكلة هنا أن المعادين للنظرية الماركسية يهاجمون ماركس بلا مبرر ويجعلون من جهلهم حجة ضد الماركسية خدمة لأسيادهم  في البروج العليا·

لقد تناول ماركس بالتحليل المسهب موضوع الإنتاجية وفائض القيمة وقيمة قوة العمل "قيمة القوت" والتراكم الرأسمالي  عموما··· إلخ· وكان يرى في تطوير القوى المنتجة وسيلة ودافعا لتغيير علاقات الإنتاج الطبيعية باتجاه الجماعية· وبالتالي كان الرأسماليون خصوصا والمنتجون عموما يقومون بدور تاريخي في رفع مستوى الإنتاج· وإن كان السؤال مطروحا حول ما إذا كان الرأسماليون قد استنفدوا إمكانات تطوير القوى المنتجة أم لا؟

ونعود إلى السؤال الذي أطلق عليه ماركس نفسه السؤال السخيف في رأس المال حول أفضلية العمل اليدوي على العمل الفني بالنسبة للرأسمالي·

إن الإجابة عن هذه التساؤلات بسيطة جدا إلى درجة الخشية من انخفاض مستوى التحليل·

إن القضية الأساسية في الطرح السابق هو تجاهل الإنتاجية·

وقد ذكر د· حازم الببلاوي مثلا لتدعيم وجهة نظره ولكنه في الواقع يفضح نفسه ، إنه يقول: لو فرضنا أن هناك عاملين، عامل يدوي وآخر فني ينتجان الأحذية، فإن العامل اليدوي سينقل إلى الحذاء كمية من العمل أكبر من تلك التي يمكن أن يضيفها العامل الفني متجاهلا المدة التي يحتاجها كلا العاملين لإنتاج وحدة واحدة من الأحذية· فإذا كان العامل اليدوي يحتاج أو ينتج حذاءً واحدا في الساعة مثلا فإن العامل الفني سينتج عشرة أحذية مستعينا بأحدث تكنولوجيا الإنتاج· وفي هذه الحالة يصح القول إن الحذاء الواحد عند العامل اليدوي يجسد فائض قيمة أكبر، بالمقارنة مع العمل المجسد في الحذاء الواحد من  العامل الفني، ولكن هذا يطمس الحقيقة الساطعة والواضحة، وهو أن هذا العامل الفني ينتج عشرة أحذية في الساعة الواحدة، بينما العامل اليدوي لا ينتج إلا حذاءً واحدا· فإذا أخذنا في الاعتبار ذلك ، فإن علينا أن نقارن العمل المجسد في العشرة أحذية مع العمل المجسد في الحذاء الواحد للعمل اليدوي· إن العشرة أحذية لابد وأن تحتوي على كمية عمل أكبر مما يحتويه الحذاء الواحد·· وهذا يقودنا إلى حقيقة دامغة و هي أن استخدام أحدث الآلات أو الأجهزة الإنتاجية يستخلص ويمتص كمية عمل أكبر من الشغيل، ويترتب عليه زيادة شدة العمل، واهتراء قوة العمل إلى أقصى الحدود· إنه إنتاج تضطرب له كامل  الطاقة الإنتاجية المخزونة والمكتسبة من التعليم والتدريب والممارسة لسنوات عديدة· إن العامل الفني يحرق دمه، ويستهلك طاقته العصبية والذهنية من أجل أن يحظى برضاء الرأسمالي· ولايهم بعد ذلك أن يلعن الآلة والرأسمالي، بل وأن يلعن نفسه·

ونحن لا ننكر أن هذه القضية البسيطة تحمل إشكالية للنظام الرأسمالي، فالركض وراء الربح هو الهدف، وإن كان ذلك يقود إلى أزمات حادة، وأهمها أزمة فيض الإنتاج، وبالتالي عدم  القدرة على تحقيق قيمة البضاعة بالبيع والشراء· إن الانتاج الرأسمالي ينطوي على تناقضات بحيث إن حل معضلة معينة ينتج عنه بروز معضلة أو معضلات أخرى، وعلى نطاق واسع، خذ مثلا على ذلك وهو الأجور، فالرأسماليون ينظرون إلى الأجور من حيث هي تكاليف، وبالتالي فإن تخفيضها يزيد من الربح· ولكن هذا صحيح على مستوى المنشأة الواحدة، أما على المستوى العام فإن تراجع الأجور يقلل من القوة الشرائية لمئات الملايين، وبالتالي عدم القدرة على تصريف كامل البضائع المنتجة·· إن الرأسمالية لا تضع للتخطيط والعقلانية، وهي أن البرجوازية يمكن أن تزيد رفاهيتها مع رفع رفاهية الشغيلة عن طريق زيادة الأجور، وليس تخفيضها· إن الرأسمالي ينهج سلوكا جيدا حينما يسعى لتحسين ورفع كفاءة الجهاز الإنتاجي، ولكن لا يرى وسيلة لتحقيق ذلك إلا بالاستغلال البشع لعباد الله مع التمنيات لهم بحياة سعيدة في الآخرة· ومن جهة أخرى يركز جهابذة الملاكية على فكرة التوازن في الأسواق بل وفكرة التوازن الطبقي متجاهلين واقع التناقضات في ميادين العمل والإنتاج· ويقفز ملاكو السلطة، لكي يضفوا تبريرا دينيا على هذا الواقع الظالم· وأحيانا عن جهل أو غريزة طبقية·

يقول الغزالي: هذه خطوط صغيرة، نمهد بها لجعل الأمة طبقات متوازنة، لا طبقات متعادية، ونختم بها المآسي المريرة التي تمخض عنها نظام الطبقات المعروف بمظالمة ومخازية ·· ولكن كيف يمكن المحافظة على الواقع الراهن كما هو وفي الوقت نفسه نقضي على الظلم والمخازي؟ إن المهمة المطروحة أمام المستضعفين هي القضاء على النظام الطبقي بمثابرة وعلى مهل كما يعلمنا القرآن المجيد

"ذرني والمكذبين أولي النعمة ومهلهم قليلا" لقد تغافل الغزالي  أن القضاء على الطبقات غير ممكن إلا بثورة الجماهير المستضعفة· إذ كيف يتحقق التوازن الطبقي عندما تكون السلطة والثروة بيد الأقلية؟! لقد أكد القرآن تسلط الملأ الطاغوتي وسيادة مصالحهم وأهوائهم ، ودعا إلى الثورة· بل إلى البطشة الكبرى··"يوم نبطش البطشة الكبرى، إنا منتقمون" 16 ـ الدخان· وهذا ما حدث حيث أسقط الإسلام بثورته المظفرة طبقة الشرك، وأقام المجتمع التعاوني بقيادة أعظم ثوري· وهو محمد "صلى الله عليه وسلم" وحسب توجيهات أعظم كتاب وهو القرآن الكريم تحقيقا لإرادة الله القاهر فوق عباده·

�����
   

مستقبل العراق... نظرة غربية:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
وفاة الثائر المعارض:
محمد مساعد الصالح
"الإخوان المسلمون" وجمع الأموال(2):
مسلم صريح
راسبوتين:
د.مصطفى عباس معرفي
وجهاً لوجه مع نوابنا:
يحيى الربيعان
سوسيولوجية التيارات السياسية الإيرانية بعد ثورة فبراير 79 (1):
يوسف عزيزي
قراءات في المستقبل!:
عامر ذياب التميمي
فضيحة أولمبية:
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله
النضال بالمراسلة!!:
سعاد المعجل
تناقضات(الحلقة الرابعة):
محمد سلمان غانم
في مسألة نقل الجلسات:
ياسر الحبيب
الملف العراقي بعد عملية ثعلب الصحراء:
بدر أبل
النفط والمدفع والاتهام:
أنور الرشيد
أخبار... التعليم العالي!!:
فوزية أبل