بالشواهد المتكررة لهذه الشخصية المنوط بها إدارة الحكم العسكري بالعراق "بول بريمر" يمكننا الجزم بأن هناك أكثر من حادثة كان بالإمكان احتواؤها وتهدئتها في أكثر المناطق العراقية سخونة، فمع بداية تقلد هذا الرجل مهامه وجه رسالة للكويت يطالبها بالتنازل عن التعويضات المقرة من الأمم المتحدة، أما على الصعيد العراقي فهناك أكثر من مأخذ على تصرفاته الغريبة، حيث قام بعمل حفلة عيد ميلاد في أحد القصور الرئاسية المحتلة، ولم يراع في ذلك مشاعر العراقيين المنكوبين تحت الاحتلال بلا كهرباء ولا ماء، في حين كان هو يحتفل على طريقته الخاصة بالانتصار، وينقل عنه أيضا ممارساته الاستعلائية على أعضاء مجلس الحكم العراقي حين التعامل معهم·
إن تصعيداته العسكرية الأخيرة والدموية في العراق والمفتقرة للحكمة في معالجة الطوارئ الشعبية مثل إغلاق صحيفة "الحوزة الناطقة" وإصدار مذكرة التوقيف التي تخص متقدى الصدر، غالبية هذه الاستفزازات مرصودة من قبل أبناء جلدته ويدينونه عليها فقد ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" متسائلة في هذا السياق حول صحة قرار إغلاق الصحيفة وكتبت في افتتاحيتها "أن إغلاق الصحيفة الموالية للزعيم الشيعي الراديكالي كان فكرة سيئة ومتهورة لم تؤد إلا الى استفزاز أنصاره" ومن جهته قال "تشارلز باتروورث" من جامعة ميرلاند متسائلا "لماذا أغلقت الصحيفة؟ لماذا لم يتم التحادث مع الصدر قبل ذلك؟! يضيف أن ثمة سوء نية من جانب الأمريكيين" ويعتبر "روبرت أور" أيضا "أنه كان يتعين ترك مهمة عزل الصدر للعراقيين وكان الأولى بالحاكم المدني بول بريمر أن يتبع استراتيجية سياسية حقيقية تهدف الى جمع مختلف أطراف الشيعة مع الأكراد والسنة لرفض ما يقترحه الصدر·· والعناصر الراديكالية في الطائفة السنية" وأضاف "إن ذلك يتطلب التزاما على المدى الطويل لبناء نظام سياسي موحد ويبدو أن بول بريمر يترك المقتضيات الأمنية تقود استراتيجيته السياسية بدلا من العكس"· المصدر "كونا ورويتر 7/4/2004"·
نحن يثير استغرابنا "فجائية" رد الفعل العسكري المتصاعد في الدموية إضافة لتناقضات المنحى الديمقراطي الذي تعتزم واشنطن تطبيقه في النموذج العراقي، فهل صدور مقال في صحيفة الحوزة يصف "بريمر" بصدام كما تقول المصادر نظير تجاوزاته على حقوق الإنسان أدى الى تحريك مذكرة الاعتقال في هذا الوقت؟ وما مصير الذين تم اعتقالهم من قبل الحلفاء بتهم تورطهم بالتفجيرات الأخيرة؟ وهل تصبح محاكمته سياسية وليست جنائية؟ ومن يصوب التصريحات المتضاربة حول موعد نقل السلطة للعراقيين؟ إشكاليات كثيرة تحتاج الى حسم وإقناع على أرض الواقع، فالعراقيون بانتظار محاكمة صدام وليس مقتدى الصدر·
رشفة أخيرة:
لقد ساهمت بعض الفضائيات في تضخيم شخصية مقتدى الصدر ونحن نعلم أن بعض هذه الفضائيات لها مآرب وكذلك هناك "أمراء حرب" اخترقوا أوساط بعض هذه الزعامات الشيعية في العراق، ودولا يهمها ربما استقرار العراق لكن لا يسعدهم معاينة عراق ديمقراطي واعد، لذلك ستزداد الأحداث سخونة مع اقتراب الانتخابات·
mullajuma_kt@hotmail.com |