أفسد مقتدى الصدر فرحة العراقيين بسقوط صنم صدام حسين الذي يصادف هذه الأيام· قبل سنة كان الشعب العراقي يحبس أنفاسه انتظاراً للحظة سقوط نظام جثم على صدره طويلاً، وهذا يفسر لنا انهيار النظام سريعاً ودخول القوات الأمريكية الى قلب بغداد في التاسع من أبريل، بعد أقل من شهر من بدء القتال، بمعنى آخر، إن الشعب العراقي بقواته المسلحة لم يقاتل الأمريكيين بشكل فعلي - بالطبع ليس حباً بالأمريكان ولكن كرهاً بنظام صدام - وإن الفترة الزمنية بين بدء المعارك  ودخول بغداد كانت عبارة عن ( مسافة سكة - كما يقال-)!!

وأغلب الظن لو أن العراقيين كانوا مؤمنين بنظامهم لاستبسلوا في الدفاع عنه، ولعل معارك الفلوجة ومناوشات المناطق الجنوبية هذه الأيام تبين صعوبة اختراق المدن والسيطرة عليها، دون قتال من شارع إلى آخر وما ينجم عن مثل هذا القتال من خسائر بين القوتين المتقاتلين فضلاً عن المدنيين·

وحركة الصدر جاءت في غير ميعادها بالنسبة للشعب العراقي، وبالتالي فهي لا تعدو كونها استعراضاً للعضلات يتوخى منه كسب الأنصار والأتباع، فالشعب العراقي بقواه المختلفة كان بانتظار هذا اليوم الذي سيكون قريباً من يوم تسليم السلطة واستعادة السيادة، ثم إنه يأتي قبل يومين من مناسبة دينية وهي أربعينية استشهاد الإمام الحسين التي يحتفل بها الشيعة وتمتلئ العتبات المقدسة بملايين الزوار، مما يعنى فيما يعنى رواجاً اقتصادياً وحركة تجارية هي أحوج ما يكون لها العراق في هذه الأيام·

ولعل الشعرة التي قصمت ظهر البعير كانت توقيف الشيخ مصطفي اليعقوبي على ذمة التحقيق في حادث اغتيال السيد عبد المجيد الخوئي قبل عام، والتي جرت على مرمى حجر من منزل مقتدى الصدر!! ولعل البارز في ذلك هو موقف مقتدى الصدر، فالمفروض فيه أن يكون مع إحقاق الحق وتطبيق العدل والبحث عن قاتل الخوئي ليأخذ جزاءه الشرعي، لا أن يقف ضد ذلك بكل قواه ويثير الفتنة!! والأعجب أيضاً أن يرى نفسه فوق القانون والمساءلة متحصناً  بمقامه المقدس وبمكانة عائلته الاجتماعية، فأي عراق يريد أن يبنى والحال هكذا، عراق المقامات والمكانات التي لا تمس، أم عراق المواطنة المتساوية؟!

إن العراق الذي يريده العراقيون، والذي ناضلوا من أجله طويلاً هو عراق جميع الأديان والمذاهب والقوميات، العراق الذي يعيش فيه جميع مواطنيه بحرية وعلى قدم المساواة·

alyusefi@taleea.com