رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 23 ربيع الأول 1425هـ - 12 مايو 2004
العدد 1627

المعالجات السياسية!
عامر ذياب التميمي
tameemi@taleea.com

أكد أكثر من مسؤول ومراقب أهمية عدم اقتصار معالجة ظاهرة العنف والإرهاب على الجانب الأمني وضرورة دراسة الأسباب الكامنة والأساسية لهذه الظاهرة من أجل تفادي تفاقمها·· ولا يمكن للمرء إلا أن يتفق مع هذه التوجهات الإيجابية لكن يجب التساؤل حول مدى القدرة على إيجاد حل سياسي على المدى القصير، قد يكون من المفيد توجيه هذه المعالجات الأساسية لتفادي الظاهرة على المدى المتوسط والمدى البعيد من خلال إصلاح الأنظمة التعليمية والقيام بإصلاحات سياسية واقتصادية تعزز حرية الرأي والتنظيم والثقافة وإمكانات تداول السلطة بين منظمات سياسية مشروعة تعمل بموجب برامج عمل وطنية·

كذلك فإن عمليات الإصلاح الاقتصادي سوف تساعد على توفير فرص العمل وتساهم في ضبط التوتر الاجتماعي·· لكن هناك صعوبات لإيجاد حلول سياسية بعيدة عن الحل الأمني على المدى القصير حيث لا يعرف المرء ما الأهداف السياسية للقوى المتطرفة والتي تنتهج الإرهاب والعنف والتكفير والتخوين أساليب لها من أجل إخضاع المجتمعات العربية لبرامجها، إن الأعمال التي تبنتها هذه القوى في الجزائر والمغرب ومصر والسعودية والعراق والأردن ومؤخرا سورية لا يمكن أن تعبر عن برامج سياسية بقدر ما تهدف إلى التخريب وتخويف المواطنين وتعكير صفو حياتهم ولا يمكن أن نتلمس توجهات سياسية واضحة من هذه الأنشطة·

وقد واجهت مصر في سنوات التسعينات من القرن العشرين مشكلات مهمة مع الإرهاب الذي قامت به منظمات أصولية متطرفة أدت إلى شلل في الحياة السياسية وتعثر عملية الإصلاح الاقتصادي لكن الحكومة المصرية انتهجت أسلوبا أمنيا مكينا مع هذه القوى حتى استطاعات أن تضع حدا لظاهرة العنف·· بيد أن ما يؤخذ على ذلك الحل الأمني عدم توازيه مع حلول سياسية توسع دائرة المشاركين في القرار السياسي وتعزز إمكانات التوصل إلى توافق مجتمعي يدفع نحو الديمقراطية السياسية·· وتشير التوجهات الحكومية في مصر إلى تردد في قبول مشاريع الإصلاح السياسي، كما كان رد الفعل على مشروع الشرق الأوسط الكبير أنه بالرغم من أن هذا المشروع، وقد أتى من الخارج، لابد من التعامل معه إيجابيا وإن كان هناك ملاحظات حوله من قبل السلطات الوطنية في أي من البلدان العربية· يضاف إلى ذلك أن مصر لم تنجز إصلاحات اقتصادية واسعة وظلت الدولة مهيمنة على مفاصل الاقتصاد المصري حيث لاتزال المؤسسات المالية الرئيسية والمنشآت الصناعية الكبرى مملوكة من قبل الدولة·· إن التردد في إصلاح الهيكل الاقتصادي والعناد الذي يواجه مقترحات المؤسسات المالية الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي يؤديان إلى إشكاليات معقدة في تحرير القطاعات الرئيسية في الاقتصاد ويحمل الدولة تبعات التدهور ويعطل إمكانات خلق فرص عمل جديدة بواسطة آليات السوق الحر·

لابد من الإقرار بأن مصر تمكنت بفعل الحزم  الأمني من القضاء على ظاهرة الإرهاب، كما يمكن أن نشير إلى نجاحات السلطة في الجزائر في إعادة الاستقرار إلى ربوع الجزائر، إلى حد ما·· كما أن مصر والجزائر دفعتا منظمات أصولية وأحزاب الإسلام السياسي، بعضها على الأقل، لمراجعة مفاهيم الجهاد والنضال ودفعتاها لمعاودة التفكير في المناهج المعتمدة على العنف، وليس أدل على ذلك من المواقف المعتدلة التي أبدتها قيادات الجماعة الإسلامية في مصر وقيادات جبهة الإنقاذ الإسلامية في الجزائر، هذه التطورات جعلت من القوى المتطرفة والمعتمدة على العنف والإرهاب محدودة الأثر سياسيا وبعيدة عن التيار العريض في المجتمع بما مكن من تطويقها أمنيا وسياسيا، تظل بعد ذلك أهمية مراجعة الإيديولوجيات التي تبرر للعنف والتي يجب مقارعتها بالفكر والثقافة والمعرفة، في الوقت ذاته يجب أن يضع الإسلاميون حدا للالتباس الفكري حيث يقوم عدد منهم بتبرير مواقف القوى المتطرفة ويدّعون وجود الظلم والطغيان أو التواجد الأجنبي·· يجب ألا تكون هناك أي مبررات لأي أعمال إرهابية حيث إن معالجة الأوضاع غير السوية في المجتمعات العربية ينبغي أن تتم من خلال النضال السياسي السلمي الداعي للديمقراطية وتوسيع قاعدة الحوار وتنشيط المشاركة السياسية·

إن المشكلات الراهنة تتطلب مواقف واضحة من الإرهاب ولا يعني ذلك القبول بالأمر الواقع، لكن هذا الأمر الواقع يتطلب مواجهات حضارية تأخذ بنظر الاعتبار الاستفادة من تجارب الآخرين وتمكين أطراف المجتمع من التحاور حول الحلول· قد تكون هناك اختناقات في عمليات الإصلاح السياسي لكن ظروف العالم سوف تساعد أي مجموعة إصلاحية على طرح أفكارها وقيمها من خلال قنوات كثيرة، ويمكن التواصل الإعلامي على المستويات المختلفة عربيا وعالميا من تسليط الأضواء على مكامن الاستبداد والفساد في أي بلد عربي·

أصبحت ظاهرة العولمة من أهم الإنجازات الإنسانية وبدلا من الاستفادة منها لا يزال هناك نفر من المثقفين العرب الذي يسفه الظاهرة ويعتبرها خطرا على الأمن القوى العربي،  هذا الخلل في التفكير يعزز الإرهاب وأصحابه على حساب الإصلاح السياسي والثقافي، ومما يؤسف له أن منظمات عربية مهمة مثل اتحاد المحامين العرب واتحاد الكتاب العرب لا تزال تتغنى بقيم وثقافات بائدة تعتمد على الاستبداد والشمولية وتتعطل أدوار هذه المنظمات وغيرها من منظمات المجتمع المدني في الكثير من البلدان العربية بفعل هذه القيم، وإذا كان المثقفون يضعون مسألة الديمقراطية والإصلاح في آخر سلم أولوياتهم فلابد أن ينتعش الإرهابيون ويصبحون ممثلين لمجتمعاتهم تجاه العالم الآخر، ولذلك فإن الآخرين أخذوا يصنفون العرب بأنهم المصدر الأساسي للإرهاب في العالم·

 

tameemi@taleea.com

�����
   

آخـر وقـفة
الأصولية تتراجع:
د·أحمد سامي المنيس
التشابك بين البلدية والجهات الحكومية الأخرى:
م• مبارك عبدالله البنوان
اجتماعات القوى السياسية:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
نسخة جديدة للأمن الخليجي:
سعاد المعجل
هذيان أمريكي في بلاد الرافدين:
محمد بو شهري
رواتب القطاع النفطي:
المهندس محمد فهد الظفيري
امرأة تشن حملة تعذيب على سجناء أبو غريب:
يحيى الربيعان
القلاف والاستفادة مما طاف:
عبدالخالق ملا جمعة
صور التعذيب··
صدام يحكم العراق؟!:
د. جلال محمد آل رشيد
المعالجات السياسية!:
عامر ذياب التميمي
جائزة البترول الوطنية، وابتسامة الوزير:
المحامي نايف بدر العتيبي
هموم الاستثمارات
"أفنتس" تطلق الإشارة الحمراء:
عبدالحميد علي
56 عاما على النكبة(2-2):
عبدالله عيسى الموسوي
الخوارق الإسبانية والرصاصات الخفية!:
خالد عايد الجنفاوي
حدث تاريخي بارز في الحياة السياسية الكويتية
الذكرى الرابعة لندوة مستقبل العلاقات الكويتية العراقية:
حميد المالكي
تجربة "الوفاق" البحرينية في البلديات:
رضي السماك