إن مصيبة المسلمين العامة في زماننا الحاضر هي الجهل، وأكبر مصائبنا أن يتصدر هؤلاء الجاهلون المتعصبون لقيادة العمل الإسلامي ليصبح الخلط بين الدين والفكر الديني السياسي متعمدا ومخططا له، فيمنحون أنفسهم لباسا كهنوتيا يزول به الفارق بين ما هو منحة إلهية ومنحة بشرية، هذا التخلف البشري عجز أن ينافس الدول الكبرى علميا أو اقتصاديا أو عسكريا ولكنه يستطيع أن يجعل الدول تجثو على ركبها باسم الإسلام·
دعاة حرب "ستار أكاديمي" في تجمهرهم خارج مسجد أرض المعارض مساء الخميس الماضي يحملون "الدستور والقوانين الوضعية" مسؤولية المصائب، و"لا نجاح ولا أمن إلا بمنع هذه الحفلات" والعودة الى "القيم والأخلاق"، وكأننا نرى دولة أفغانستان تحت قيادة طالبان حققت معجزات الدول المتحضرة، وارتقت سياسيا واجتماعيا واقتصاديا، وعسكريا، فالقيود المشددة على لباس النساء والرجال، ومنع الرجال من حلاقة اللحى، الى جانب ذلك تم منع الاستماع الى الموسيقى والألعاب وتصوير الإنسان أو الحيوان على هيئة تماثيل· كلها جعلت بركات الأفغاني الطالباني تحل على الشعب الأفغاني من استقرار سياسي وانتعاش اقتصادي مرورا بأمن اجتماعي الى هزيمة الغرب الأمريكي بإسقاط "الشبح" الأمريكية بنظرة (حارة) من عينيه، وتوجيه "الكروز" برادار (إصبعه) ليسقط في نحر أعدائه، وغيرها من خرافات جهلة التيار الديني السياسي التي أضحكتنا سخافتها في أثناء حربهم مع السوفييت، ومثل أفغانستان، نرى سيناريوهات التخلف السياسي والاقتصادي والاجتماعي تتكرر في جميع دول الحكم الديني الأخرى، وخطورة غائلة فكر التطرف أنهم "يحملون الدستور والقوانين الوضعية" مسؤولية فشلهم في الهيمنة والسلطة، إذن النية مبيتة لتدمير مبادئ الدستور وقيم الديمقراطية من أجل إقامة دولتهم الدينية، فالخوف هنا ليس على الأخلاق والقيم الإسلامية بقدر خوفهم على مخاطر الهيمنة الأصولية وما يرافقها من قيم التكفير وهضم حقوق الأقلية، فدعاة ثقافة الرجعية الدينية حريصون على استمرار الحياة الاجتماعية والثقافية المتخلفة التي تمولهم وتدعمهم ماليا وبشريا، ولكن ليلة (الستار) الصاخبة بحضور الآلاف من محبي الفن والطرب الاجتماعي المرح مقابل 200 (طالباني) أبلغ رسالة على تراجع الأصولية الدينية في الكويت· |