إذا كانت نية النائب سيد حسين القلاف تتجه الى استجواب وزير ما، فلابد للنائب سيد حسين القلاف من تغيير تكتيكه الذي كان يتبعه في ظروف مشابهة عدة، فالاستجوابات السابقة التي قدمها النائب والتي كان أحدها موجها الى وزير الداخلية السابق انتهى باحتجاج النائب على تحويل الرئيس الجلسة "سرية" استجابة لطلب من الحكومة وموافقة المجلس، مما دفعه الى الانسحاب من الجلسة ومن ثم سقط الاستجواب تلقائيا·
أما الصورة الثانية فهي في تقديمه استجوابا لوزير الشؤون المنتخب السابق "طلال العيار" والذي انتهى بتجديد الثقة بالوزير مما أدى بالسيد النائب الى الاستقالة من ذلك المجلس معتبرا الأعضاء تنازلوا عن مسؤولياتهم متهمهم بالحنث بالقسم، وكلا الاستجوابين لهما الإشكالية ذاتها من الناحية العملية وهو في عدم الاستفادة الرقابية المرجوة منهما·
ولنا تعليق موجز نأمل من السيد النائب تفحصه بعناية لربما تدارك لبسا أو استلهم حدسا قد يعينانه على نجاح استجوابه المقبل، فمقدار "الميانة" التي تحوطنا معه تفرض علينا التفريق بينهما وبين المجاملة، فالمعادل الموضوعي الذي يحكمنا ويميزنا هو مقتضيات المصلحة العامة التي ننشدها جميعا·
وعلى هذا الاعتبار نبدأ، صحيح أن المادة الدستورية أجازت للعضو تقديم الاستجواب منفردا وهي المادة التي تدفع بأكثر من نائب الى التقدم باستجواب ضد أي وزير "إبراء للذمة" أمام ناخبيه دون الاهتمام بالنتائج أو المتابعة الرقابية السديدة، لكن ما نريده فعلا أن يكون استخدام الأدوات الدستورية قاطبة، يدفع بالعمل البرلماني الى الرقي وكسر الجمود الحكومي في الإصلاح الإداري والتنمية الاقتصادية والديمقراطية وهذا الأمر لا يتأتى إلا بالتنسيق مع باقي النواب ومشاورتهم واستمالة آرائهم المتعارضة نحو الصواب الرقابي بعيدا عن "أحب هذا وما أحب ذاك" أو الانفعالات العاطفية المغمورة، وإن كان بعضها آنيا إلا أنها بعد فترة تؤثر بالحزم والعزم، حيث تندرج هذه الانفعالات في السلوك فيصبح التشخيص "شخصانيا" نلمس ذلك مع كثرة التعبيرات التهديدية التي توجه للوزراء دون طائل، أو المهاترات اللفظية بين النواب أنفسهم وهذا الأسلوب لم يؤد الى إسهام في تطوير الأداء النيابي ولا تحصينا لهيبة السلطة التشريعية، بل سهل على الحكومة اختراق أو احتواء أي استجواب وتطويقه لأنها عرفت خبايا وعلاقة كل نائب بالآخر، وهذه نتيجة حتمية لفقدان الميكانيكية السليمة لنجاح الاستجوابات، أما الوصول الى طرح الثقة فذاك يتطلب جهدا عاليا لا يحققه إلا انسجام تام بين الكتل البرلمانية مع بعضها البعض وشرط أن تتوافر في أعضاء هذه الكتل الرغبة الأكيدة في دعم الاستجواب حتى النهاية، لقد أصاب المواطنين التململ من هذا النوع من الاستجوابات في الفترة الأخيرة لكونها لا تخرج عن ثلاثة أبعاد إما بعدا تحريكيا، لا أكثر أو بعدا استعراضيا، أو بعدا ابتزازيا، أما الرقابة الضميرية التي نحتاجها جميعا فهي التي ذهبت على ما يبدو الى غير رجعة!
رشفة أخيرة:
"إنما الدين النصيحة" |