رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 23 ربيع الأول 1425هـ - 12 مايو 2004
العدد 1627

هموم الاستثمارات
"أفنتس" تطلق الإشارة الحمراء
عبدالحميد علي

في غرف أنيقة يلفها التوجس والغموض على ضفاف النهر الرقراق، وصولا الى قاعات التداول الصاخبة حيث تحتبس الأنفاس ويلوح الكثيرون بقبضتهم في توتر· في تلك الأجواء وقبل نحو عشرين عاما كانت بداية القصة·

اسمها "هوكست" شركة ألمانية تعمل في الصناعات الكيماوية استثمرت فيها مؤسسة البترول الكويتية بحصة اقتربت تدريجيا من ربع قيمة أسهمها المتداولة مع بداية عقد التسعينات لتبلغ قيمتها نحو نصف مليار دينار كويتي، وتحت وطأة المنافسة العالمية وقبيل انتهاء العقد نفسه اندمجت هوكست الألمانية مع رون بولانك الفرنسية مكونة كيانا جديدا هو شركة أفنتس الفرنسية للصناعات الدوائية لتمتلك المؤسسة فيها نحو %14·

أيضا استقلت معظم أنشطة صناعة الكيماويات التقليدية في هوكست في شركة عامة ألمانية باسم سيلانيز امتلكت المؤسسة فيها نحو %26 وتلك قصة أخرى·

في العام 2002 تدهور مؤشر سوق الأسهم الفرنسي ليشمل أسهم أفنتس وتوالت الانتقادات في الصحافة الكويتية تهاجم تقاعس مؤسسة البترول عن اقتناص التوقيت المناسب لبيع أسهم أفنتس مما عكسته خسائرها الدفترية في نهاية سنتها المالية أي نهاية مارس 2003، ودخل مجلس الأمة على الخط فأطلق أكثر من نائب سيل أسئلته على وزير الطاقة حول حقيقة تلك الخسائر التي قدرتها التحليلات الصحافية بثمانمئة وستين مليون دينار، وردت المؤسسة على تلك الاتهامات بأن "القيمة السوقية للأسهم المسجلة في البيانات المالية للمؤسسة بتاريخ 31/3/2003 تظهر زيادة في القيمة العادلة عن التكلفة تقدر بنحو 936 مليون دينار كويتي إضافة الى أن هذا الرقم لا يشمل المحقق من الأرباح الموزعة علما بأن الاستثمار المالي طويل الأجل يكون معرضا بطبيعته لتقلبات سوق المال، والانخفاض في القيمة السوقية للأسهم عن السنة المالية السابقة جاء مواكبا الى حد كبير للتدهور في مؤشر سوق الأسهم الفرنسي، ورغم انخفاض سعر السهم عن مستواه في السنوات السابقة فإن معدل العائد الداخلي على الاستثمار يبلغ نحو 16 في المئة وهو عائد جيد بكل المقاييس"·

واستمر الهجوم بفتح منحى جديد مفاده "أن مؤسسة البترول لم تنشأ من أجل شراء أسهم شركات عالمية أو الاستثمار والمضاربة في أسواق الأسهم العالمية لأن الدولة أنشأت الهيئة العامة للاستثمار لهذا الغرض"، وردت المؤسسة بأنه "من الطبيعي حسب المرسوم بقانون إنشائها الذي أعطاها الصبغة التجارية أن تستثمر مخصصاتها واحتياطياتها المتراكمة في أوجه استثمار مختلفة على المدى الزمني لحين إعادة استثمارها مرة أخرى بأنشطتها الرئيسية"·

وجاء رد الرد بأنه "إذا كان الأمر كذلك أو ليس من الأنسب والأفضل في السنة المقبلة ومع تجديد مجلس إدارة المؤسسة تطعيمه بخبرات في مجال المال والاستثمار لتحسين وتطوير أدائها بدلا من الاعتماد على البيوت الأجنبية، وطالما أن المؤسسة تقوم بتوظيف هذه المبالغ الضخمة في الاستثمارات الخارجية، فهل عملت على تشغيل وتطوير وتدريب كفاءات كويتية وإيجاد فرص عمل جديدة للعمالة الكويتية؟"· وفي هذه المرة رد وزير الطاقة مؤكدا أن "المؤسسة في طور مراجعة سياسات واستراتيجيات الاستثمار المالي على ضوء التوجهات والأهداف الاستراتيجية المستقبلية للمؤسسة وشركاتها، والتي تم اعتمادها من قبل المجلس الأعلى للبترول" وأخيرا لاح تطور رئيسي في القصة ففي نهاية أبريل المنصرم قبلت "أفنتس" عرض شرائها من قبل "سانوفي" منهية معركة حامية استمرت ثلاثة أشهر اضطرت خلالها الأخيرة الى زيادة عرضها بنسبة %14 لتبلغ القيمة الإجمالية للصفقة نحو أربعة وستين مليار دولار ولتبلغ بالمقابل القيمة السوقية لأسهم الكويت نحو أحد عشر مليار دولار· وكانت الحكومة الفرنسية قد دعمت إتمام الصفقة، حيث إن ذلك من شأنه أن يؤسس لشركة وطنية فرنسية ضخمة تتجاوز قيمتها مئة مليار دولار تنافس جلاكسو سميث كلاين على المركز الثاني بين كبرى شركات الأدوية بعد "فايزر" كبرى شركات القطاع عالميا·

ورغم امتناع مؤسسة البترول الكويتية عن التصويت على الموافقة على اتفاق التملك في اجتماع مجلس إدارة "أفنتس" إلا أنها وعلى حسب ما أعلنه المدير المالي لأفنتس" لم تبدِ أي اعتراضات محددة على عرض سانوفي"· ويعكس ذلك على نحو ما الضغوط التي استمرت المؤسسة في التعرض لها طوال تلك الفترة نختزلها في تحليل صحافي مفاده أن "بقاء شركة أفنتس عند وضعها الحالي لن يكون من مصلحة المؤسسة، وأي اندماج آخر معرض لكثير من الهزات والتقلبات، وسيستغرق وقتا طويلا ومجهودات كبيرة لاستقرار الشركة" هذا التحليل قابله تصريح من صحيفة أخرى على لسان مصادر المؤسسة يبرز توجساتها "المؤسسة تريد التخلص من هذا النوع من الاستثمار الذي لا يدخل في صلب اختصاصاتها الرئيسية، تجنبا لضغوط من الصحافة وديوان المحاسبة غير أننا نسعى الى تحقيق أفضل عائد من وراء إتمام هذه الصفقة، وأن الرغبة في التخلص من هذا الاستثمار لا تعني قبول أي عرض"، وخارج الكويت قالت "لوموند" الفرنسية في تحليل مطول "يتخوف مصدر مصرفي في لندن من أن الكويت تعتزم التركيز في استثماراتها على قطاع النفط والغاز وتاليا فإن ذلك قد يجعلها تتخلى عن استثماراتها الرديفة"·

والسؤال الآن هل أطلقت "أفنتس" الإشارة الحمراء لكي يتريث المعارضون دوما لإتاحة الفرصة للاعبين الحقيقيين كي يحددوا اتجاهات بوصلة استثماراتنا كما يجب أن تكون بشكل احترافي فوق صفيح أقل سخونة·

والحديث في هموم الاستثمارات يطول

 

a2monem@hotmail.com

�����
   

آخـر وقـفة
الأصولية تتراجع:
د·أحمد سامي المنيس
التشابك بين البلدية والجهات الحكومية الأخرى:
م• مبارك عبدالله البنوان
اجتماعات القوى السياسية:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
نسخة جديدة للأمن الخليجي:
سعاد المعجل
هذيان أمريكي في بلاد الرافدين:
محمد بو شهري
رواتب القطاع النفطي:
المهندس محمد فهد الظفيري
امرأة تشن حملة تعذيب على سجناء أبو غريب:
يحيى الربيعان
القلاف والاستفادة مما طاف:
عبدالخالق ملا جمعة
صور التعذيب··
صدام يحكم العراق؟!:
د. جلال محمد آل رشيد
المعالجات السياسية!:
عامر ذياب التميمي
جائزة البترول الوطنية، وابتسامة الوزير:
المحامي نايف بدر العتيبي
هموم الاستثمارات
"أفنتس" تطلق الإشارة الحمراء:
عبدالحميد علي
56 عاما على النكبة(2-2):
عبدالله عيسى الموسوي
الخوارق الإسبانية والرصاصات الخفية!:
خالد عايد الجنفاوي
حدث تاريخي بارز في الحياة السياسية الكويتية
الذكرى الرابعة لندوة مستقبل العلاقات الكويتية العراقية:
حميد المالكي
تجربة "الوفاق" البحرينية في البلديات:
رضي السماك