رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 14 ربيع الآخر 1425هـ - 2 يونيو 2004
العدد 1630

هل الكويت وراء اغتيال عز الدين سليم؟
محمد حسن الموسويü
almossawy@hotmail.com

مع اقتراب موعد نقل السيادة إلى العراقيين يتعالى فحيح الأفاعي من كل حدب وصوب، ويوما بعد يوم تزداد حدته، وتبدأ الأفاعي الرقطاء تنفث سمومها شرقا وغربا، فتغرز أنيابها بجسم كل بريء وتتنادى فيما بينها لتلتقي في الأرض البور، حيث لا ماء ولا كلأ، إلا السباخ القفر، ورمال الصحراء الجرداء، وحرارة القيظ تلفح وجوهها الكالحة، تجتمع لتتقيأ ما في أحشائها من نكد وحقد تاريخي لئيم، ولتعزف لأبناء الرافدين سيمفونية الموت والخراب والإرهاب، وخطف الأرواح، واغتيال الحياة، وسرقة الابتسامة من شفاه الأطفال بعبوات ناسفة أو قنابل بشرية غادرة لا تحترف سوى مهنة القتل والدمار ونهش لحوم الآدميين·

وإذا ما تم لها ذلك بغدرها ومكرها ووحشيتها، تعالت صيحاتها لتتهم الآخرين بسوء أفعالها وقبيح أعمالها، وترمي بعارها و"شنارها" الأبرياء وأكثرهم عرضة لتهمها الجاهزة هم أصدقاؤنا الكويتيون ودولتهم الآمنة الكويت·

وجريا على عادتهم الخبيثة، راح أعداء الإنسانية والحاقدون على المدنية أبناء عفلق وصدام، وأتباع بن لادن المهوس بالقتل باسم الجهاد يروجون الشائعات، ويسوقون الاتهامات بحق الكويت وذلك من أجل ذر الرماد في العيون، وأخير تلك الافتراءات وليس آخرها، أن الكويت تقف وراء تصفية القيادات الشيعية في العراق ومنها العملية الدنيئة التي طالت رمزا من رموز الوعي الشيعي والاعتدال ذلك هو الشهيد الداعية عز الدين سليم رحمه الله·

والواقع أن الكويت تتعرض ومنذ فترة ليست بالقصيرة إلى حملة من الافتراءات المقصودة التي يراد منها ابتزاز الكويت سياسيا واقتصاديا بسبب مواقفها الشريفة خلال عملية تحرير العراق من الزمرة البعثية الصدامية التي عاثت بالأرض فسادا وأهلكت الحرث والنسل، ومن جملة التهم الرخيصة التي توجه للكويت دوما ويرددها ويطبل لها أيتام النظام البائد ومثقفو وسياسيو "كوبونات" النفط أن الكويت كانت  وراء عمليات النهب والسلب التي شهدها العراق بعيد سقوط نظام الإفك والرذيلة، وأنها وراء سرقة آثار العراق وتدمير تراثه الحضاري، وأنها تسرق نفط البصرة وتساعد على تهريبه، وأنها وراء عمليات "التعذيب" التي تعرض لها السجناء البعثيون في سجن أبو غريب كما روّج لذلك صاحب جريدة "الزمان" ومدير فضائية "الشرقية" المدعومة من دولة خليجية معروفة بعلاقاتها الوطيدة مع نظام صدام التكريتي البائد، وأنها أي الكويت وهذا أخطر ما في تلك التهم وراء عمليات اغتيال رموز شيعة العراق بدءا بالشهيد عبدالمجيد الخوئي ومرورا بالشهيد الحكيم وصولا إلى اغتيال الشهيد عز الدين سليم؟

وأما لماذا عز الدين دون غيره من الأعضاء الشيعة في مجلس الحكم؟ فجواب الحاقدين على الكويت والشيعة معا أن للكويت ثأرا مع الشهيد عز الدين باعتباره الرأس المدبر لعملية الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها أمير الكويت في ثمانينات القرن المنصرم!

لا أعتقد أننا بحاجة إلى تفنيد مثل هذه التهم الرخيصة والمزاعم البذيئة وخصوصا ما يتعلق منها بعملية اغتيال أمير الكويت فقد أثبتت الأحداث أن لا علاقة للشهيد عز الدين ولا للحركة الإسلامية العراقية التي اتخذت من الكويت مقرا بعد اضطهاد صدام لها أي صلة بتلك العملية، التي اتضح فيما بعد أنها من تدبير مخابرات دولة خليجية غير عربية كانت تهدف من وراء تلك العملية الآثمة إلى زعزعة أمن الكويت، وإلى تصفية الوجود الإسلامي العراقي فيها، ذلك الوجود الذي لم يكن على وفاق مع تلك الدولة، التي كان الوجود الشيعي العراقي غير موال لها ومازال يقلقها لأسباب كثيرة لا يتسع المقام لذكرها ولو كان للفقيد الراحل أدنى صلة لما ترددت الكويت في إعلان ذلك وإبلاغ المسؤولين الشيعة الذين كانوا يترددون على زيارة الكويت حينما كانوا في المعارضة بشكل دوري تلك الزيارات التي كانت تغيظ النظام البائد مما حدا به إلى التهديد باجتياح الكويت عام 1997 إذا ما استمرت باستضافة الزعماء الشيعة ومنهم بالطبع السيد عز الدين الذي كان من المقربين للسيد الحكيم·

إن أغلبية شيعة العراق ومنهم الفقيد الراحل يثمنون الدور الذي لعبته الكويت في حرب التحرير الأخيرة، ذلك الدور الذي لولاه لما انعتق العراق والشيعة خاصة من نير الظلم والاستبداد الطائفي والعنصري المقيت الذي جثم على صدر الشيعة، بل أكثر من ذلك لا يتوانى شيعة العراق عن شكر الكويت حكومة وشعبا وعلى مرأى ومسمع الآخرين للمواقف الكريمة والشجاعة المنقطعة النظير التي أبدتها الكويت في سبيل تحرير الشعب العراقي من نظام المقابر الجماعية التي لم يشهد التاريخ مثيلا لها·

كما أن شيعة العراق يعون جيدا أن الكويت من أكثر دول الجوار المعنية بتحقيق الأمن والاستقرار في العراق لأن أمن الكويت واستقرارها من أمن العراق واستقراره والعكس بالعكس فليس من مصلحة الكويت القيام بأعمال من شأنها الإخلال بأمن العراق، فهل يعقل أن الكويت وبعد كل هذه الجهود الطائلة التي بذلتها في عملية تحرير العراق تسعى إلى زعزعة أمنه واستقراره من خلال عمليات اغتيال أو ما شابه ذلك؟ وما المصلحة التي ستجنيها من وراء ذلك؟ وهذه حقيقة يدركها شيعة العراق صغارا وكبارا وبالتالي لا يشكون لحظة واحدة بنوايا أشقائهم في الكويت·

إذا إلى ماذا يهدف الحاقدون على الكويت والشيعة من وراء هذه التخرصات؟

هنا يكمن السر، ولا أعتقد أنني أجانب الصواب حينما أزعم أن الكويت وبمواقفها المشرفة السابقة والحالية تغرد خارج سرب النظام العربي الذي وقف ولا يزال ضد عملية التغير السياسي التي شهدها العراق، ورغبة الولايات المتحدة عرابة عملية التغيير في دمقرطة المنطقة بدءا بالعراق، ودعوتها المتكررة للأنظمة العربية للشروع بالإصلاحات السياسية التي وقف منها النظام العربي بشكل عام موقف الرفض، وكذلك التطور المشهود الذي شهدته العلاقات الكويتية الأمريكية إلى الحد الذي وصل إلى اعتبار الولايات المتحدة الكويت حليفا استراتيجيا لها من خارج "الناتو"، كل هذه الأمور جعلت أكثر النظم العربية تنقم من الكويت وتتربص بها الدوائر لذلك راحت تدعم المغرضين باتهام الكويت بشتى التهم الرخيصة على الرغم من دعوة الكويت تلك الأنظمة إلى طي صفحة الماضي ونسيانه في بادرة حسن نية·

وأيضا أن حملات التشويه التي تطال الكويت تستهدف ابتزاز الكويت كما ذكرنا سلفا سياسيا واقتصاديا وكذلك إلى استعداء الكويت على شيعة العراق واستعداء شيعة العراق على الكويت في محاولة يائسة لتعكير صفو العلاقة الطيبة بين الاثنين فما زال الكويتيون يتذكرون مواقف الشيعة وعلمائهم من عملية غزو الكويت وتحريمهم الصلاة على أرض الكويت لأنها أرض مغصوبة، وكذلك تحريم شراء البضائع والسلع الكويتية التي نهبها "أوباش" النظام البائد، وكذلك إفتاء علماء الشيعة وعلى رأسهم السيد الخوئي رحمه الله بجواز إعطاء أموال الحقوق الشرعية إلى المقاومة الكويتية في حينها وتحرير بعض السجناء الكويتيين في انتفاضة 1991 إلى غير ذلك من المواقف النبيلة لشيعة العراق مع أشقائهم الكويتيين·

فمحاولة استعداء الكويت على الشيعة تهدف إلى تطويق شيعة العراق من كل الجهات بدول كارهة لهم، وتخويف العرب من الشيعة، حيث لا توجد دولة واحدة الآن من دول الجوار العراقي ترغب في رؤية شيعة العراق يعتلون دفة الحكم باستثناء الكويت، ومن هنا راح البعض يروّج الإشاعات بأن الكويت وراء اغتيال رموز شيعة العراق ومنهم الشهيد عز الدين سليم في محاولة يائسة لفك عرى الصداقة بين الكويت وشيعة العراق وهي محاولة مفضوحة لا تنطلي على الشعبين الكويتي والعراقي، ولصرف الأنظار عن المستفيد الحقيقي من عملية الاغتيال الدنىئة وهو ذاته الذي اغتال الشهيد محمد باقر وقام بمجزرة عاشوراء بعد أن أفقد امتيازاته السياسية جراء عملية إسقاط النظام الطائفي المقيت·

ü كاتب وصحافي عراقي – لندن

almossawy@hotmail.com

�����
   

آخـر وقـفة
الإرهاب الديني·· مسؤولية من؟:
د·أحمد سامي المنيس
آفة المخدرات:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
بوش·· بن لادن·· وشارون!!:
سعاد المعجل
مصــر المناطــق:
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله
غرائب وطرائف القائد:
محمد بو شهري
أين برنامج العمل؟:
عبدالخالق ملا جمعة
الأنا في مقابل الـ "نحن":
فهد راشد المطيري
المنابر المتمردة:
يحيى الربيعان
حقوق المرأة: هل من جديد!:
عامر ذياب التميمي
قراءة الدرس:
كامل عبدالحميد الفرس
أصول العلمانية
قراءة سريعة في كليلة ودمنة(1-2):
د. محمد حسين اليوسفي
تحية إلى مهرجان "كان":
عبدالله عيسى الموسوي
هل الكويت وراء اغتيال عز الدين سليم؟:
محمد حسن الموسويü
هل أساليب التعذيب في العراق غريبة؟:
موسى داؤود
سياسة العبودية:
عويشة القحطاني
المواطنية والوطنية والولاء:
حميد المالكي
البحرين ولبنان بين مسيرتين:
رضي السماك