رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 14 ربيع الآخر 1425هـ - 2 يونيو 2004
العدد 1630

حقوق المرأة: هل من جديد!
عامر ذياب التميمي
tameemi@taleea.com

تقدمت الحكومة الكويتية في السادس عشر من مايو (أيار) الجاري بمشروع قانون لتعديل نص المادة الأولى من قانون الانتخاب من أجل منح المرأة الكويتية حقها في الانتخاب والترشيح لعضوية مجلس الأمة وغيره من مجالس منتخبة، وقد صادف ذلك اليوم مرور خمس سنوات على إصدار سمو أمير البلاد مرسوماً بمنح المرأة حقوقها الانتخابية وحقوق الترشيح وكان ذلك في مايو (أيار) عام 1999، وكما هو معلوم أن ذلك المرسوم رفض من قبل مجلس الأمة الذي انتخب في يوليو (تموز) 1999، وكذلك رفض مشروع القانون بالتعديل الذي تقدم به عدد من أعضاء، مجلس الأمة آنذاك··· لكن ما الجديد في الأمر؟ هل تستطيع الحكومة أن توفر أغلبية كافية لإقرار التعديل؟ هناك أمور مستجدة في هذا الشأن· أولاً أن الموضوع الآن هو مشروع قانون يقدم لمجلس الأمة لإقراره، وبذلك فإن الأعضاء الذين رفضوا المرسوم في عام 1999 بدعوى أنه لم يكن يتسم بالضرورة في غياب مجلس الأمة، أي أنهم رفضوه لأسباب شكلية، لايملكون هذه الحجة الآن، ومن ثم فإذا هم مقتنعون ومؤمنون بحق المرأة السياسي فليس أمامهم سوى تأييد التعديل بما يمكن المرأة من ممارسة حقوقها السياسية في أي انتخابات قادمة، لكن عدداً من أعضاء مجلس الأمة في الفصل التشريعي التاسع تغيبوا عن هذا الفصل نتيجة لعدم توفيقهم في انتخابات ملجس الأمة التي جرت في يوليو (تموز) 2003، ولذلك فإن عدد المؤيدين قد انخفض بالرغم من أن عدداً من الأعضاء الجدد الذين حلوا في مواقعهم يؤيد حق المرأة السياسي·

ربما يتساءل المرء ما إذا كانت الحكومة من خلال علاقاتها المتشعبة مع أعضاء مجلس الأمة قد تمكنت من ضمان عدد كاف لتمرير التعديل··· ويذكر بعض المختصين في الشؤون السياسية في البلاد أن الحكومة تمكنت في أحد الامتحانات السياسية مؤخراً، وهو امتحان طرح الثقة بوزير المالية في شهر مارس (آذار) الماضي، تمكنت من حشد أصوات 28 عضواً لتمكين الوزير من الاستمرار في موقعه··· هل يمكن الاستنتاج من ذلك أن إمكانية توفير العدد الكافي من الأصوات قائمة، أو أن الشأن هنا مختلف نتيجة للحسابات الانتخابية لعدد من هؤلاء الأعضاء الذين نجحوا بأصوات المحافظين أو الأصوليين والذين لا يكنون الود لحقوق المرأة السياسية؟ تظل المسألة مجال جدال بالرغم من أن هناك من أفتى بأن الحكومة تعني هذه المرة إنجاز التعديل وهي جادة وغير مترددة··· بيد أن المؤشرات ليست واضحة عندما يقرر أحد الوزراء، وهو وزير العدل، تحفظه على مشروع القانون ويحظى بتفهم سمو رئيس مجلس الوزراء، وهذا بحد ذاته يحجب صوتاً عن حقوق المرأة سواء بالتصويت السلبي أو الامتناع أو التغيب· كما أن هذا الموقف يعني تناقضاً مع المبدأ الدستوري الذي يحتم التضامن الوزاري عند التصويت على مشاريع القوانين والمسائل المحورية··

إن مرور خمس سنوات منذ صدور المرسوم الأميري السامي والذي عبر عن رغبة أميرية حقيقية دون أن تفعل الحكومة شيئاً من أجل إنجاز حقوق المرأة، كما فعلت الدول الخليجية الأخرى وتماشياً مع مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان يعني أن المسألة لم تكن ذات أولوية لدى السلطة التنفيذية··· هذه الحقائق تفرض على الحكومة تحدياً لمصداقيتها وقدرتها على إنجاز هذا التطوير الديمقراطي الأساسي والمتوافق مع مبادئ ونصوص ومواد الدستور التي حرمت التفرقة لأسباب الجنس في الحقوق السياسية والمدنية··· لقد كان بإمكان الحكومة بعد رفض مجلس الأمة في عام 1999 لتعديل القانون أن تتقدم بطلب تفسير المادة الأولى من قانون الانتخاب من قبل المحكمة الدستورية ومن المؤكد أن المحكمة الدستورية كان لابد أن تحكم بعدم دستورية تلك المادة إذا كان قضاة المحكمة متوافقين مع مبادئ ونصوص الدستور··· ذلك التقاعس من السلطة التنفيذية وطريقة تعامل محامي إدارة الفتوى والتشريع مع القضايا التي رفعت من عدد من الناشطات والناشطين في مجال حقوق المرأة وإفشال تلك القضايا وإبطالها من قبل المحكمة الدستورية لأسباب إجرائية وشكلية دفع الكثير من المراقبين للاقتناع بعدم جدية الحكومة· كما أن الكثير من هؤلاء المراقبين فسروا الأمر بأن الحكومة ليست في وارد إنجاز تعديل على القانون لتمكين المرأة من حقوقها السياسية وكل ما تفعله هو محاولة لإرضاء الحكومات القريبة الحليفة، وخصوصاً الولايات المتحدة الأمريكية، والعديد من المنظمات العالمية المهتمة بحقوق المرأة وقضايا حقوق الإنسان·

يظل بعد ذلك أن نرى الجانب المضيء في هذه المسألة، وهو أن الحكومة الحالية تضم عددا من الوزراء والمؤمنين بالديمقراطية وحقوق الإنسان وحقوق المرأة، هؤلاء لابد أن يدفعوا باتجاه طرح مشروع القانون المذكور··· لكن من الأهمية بمكان أن يهتم هؤلاء بإقناع عدد كاف من أعضاء مجلس الأمة من أجل تمرير تعديل القانون، وإذا لم يتوفقوا بتمريره عليهم أن يدفعوا الحكومة لأخذ الأمر إلى المحكمة الدستورية وإنهاء الأمر بشكل فعال··· إن تخلف الكويت في منح المرأة حقوقها السياسية لا يتوافق إطلاقاً بالإنجازات التي تحققت للنساء في الكويت منذ عام 1936 عندما بدأ نظام التعليم الرسمي للبنات وتمكنت المرأة من تطوير إمكاناتها التعليمية والثقافية والمهنية ونالت أعلى الشهادات العلمية ووصلت إلى مواقع مهنية مهمة وأصبحت المرأة تمثل ما يقارب الأربعين في المئة من قوة العمل الوطنية وهي في تزايد مستمر في شغل الوظائف والمواقع··· ولابد أن هذه الحقائق الديمغرافية والتعليمية والمهنية تحتم أن تلعب المرأة دوراً في صناعة القرار السياسي بما يحمي حقوقها المدنية ويعزز دورها في عملية التنمية ويقيها المواقف المعادية للمرأة التي يثيرها المتخلفون في المجتمع··· ولذلك فإن منظمات المجتمع المدني في الكويت يجب أن تسعى لإقناع أعضاء مجلس الأمة المترددين بأهمية الموافقة على التعديل، ولم يعد بإمكانهم التردد لأسباب إجرائية أو شكلية··· كما أن إقرار التعديل في دور الانعقاد الحالي يصبح أملاً واقعياً إذا قامت الحكومة بطلب استعجال تقرير اللجنة المختصة في المجلس أي أن الأمر يتطلب جهداً من أكثر من جهة وتعاضداً بين القوى الديمقراطية لإنجاز التعديل·

 

tameemi@taleea.com

�����
   

آخـر وقـفة
الإرهاب الديني·· مسؤولية من؟:
د·أحمد سامي المنيس
آفة المخدرات:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
بوش·· بن لادن·· وشارون!!:
سعاد المعجل
مصــر المناطــق:
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله
غرائب وطرائف القائد:
محمد بو شهري
أين برنامج العمل؟:
عبدالخالق ملا جمعة
الأنا في مقابل الـ "نحن":
فهد راشد المطيري
المنابر المتمردة:
يحيى الربيعان
حقوق المرأة: هل من جديد!:
عامر ذياب التميمي
قراءة الدرس:
كامل عبدالحميد الفرس
أصول العلمانية
قراءة سريعة في كليلة ودمنة(1-2):
د. محمد حسين اليوسفي
تحية إلى مهرجان "كان":
عبدالله عيسى الموسوي
هل الكويت وراء اغتيال عز الدين سليم؟:
محمد حسن الموسويü
هل أساليب التعذيب في العراق غريبة؟:
موسى داؤود
سياسة العبودية:
عويشة القحطاني
المواطنية والوطنية والولاء:
حميد المالكي
البحرين ولبنان بين مسيرتين:
رضي السماك