رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 2 رجب 1425هـ - 18 اغسطس 2004
العدد 1641

العرب والأمريكيون والعراق!
عامر ذياب التميمي
tameemi@taleea.com

لم يسلم الأمريكيون، ولن يسلموا من انتقادات العرب لهم بشأن عملية تحرير العراق من نظامه الاستبدادي البائد، وإذا كان بعض العرب قد ثمن عملية إسقاط الديكتاتورية في بغداد فإن هذا البعض انتقد السياسات الأمريكية في إدارة العراق بعد إسقاط النظام، وغني عن البيان أن إدارة عراق ما بعد الحرب لم تكن منزهة عن النقد فهناك الكثير من المثالب والأخطاء في عملية التعامل مع الواقع العراقي من قبل إدارة السفير بول بريمير والتي استلمت مهامها في مايو من عام 2003 كما أن هناك الكثير من الكتاب والمحللين السياسيين وعدد من السياسيين في الإدارة والكونغرس في الولايات المتحدة قد بينوا ملاحظاتهم وتحفظاتهم على إدارة ما بعد التحرير، لكن التساؤل هو ليس حول ما إذا كان هناك أخطاء في الإدارة وفي التعامل مع المؤسسات العراقية، سواء كانت عسكرية أو مدنية، وليس في العلاقات بين الإدارة الأمريكية في العراق والمؤسسات الحزبية وغيرها هناك، بل إن التساؤل يجب أن يكون هو ماذا كان متوقعا أن يحدث في العراق بعد إسقاط نظام سياسي مستبد اضطهد كل القوى العراقية السياسية بمختلف تياراتها بما فيها عناصر بعثية شاركت في الحكم لفترات بعد انقلاب يوليو 1968، إن المعاناة التي مر بها العراقيون على مدى زمني قارب الخمسة والثلاثين عاما لا بد أن تكون رهيبة في ظل حكم تعززت مركزيته مع مرور الوقت وخصوصا بعد أن تولى صدام حسين الحكم في يوليو 1979 وبعد أن طاح وأعدم قيادات بعثية أساسية، كذلك فإن هذا التمركز في السلطة والحكم أدى الى اضطهاد مختلف القوى السياسية وتدمير بنيتها التحتية وأعدم قياداتها وشرد الكثير من تلك القيادات والكوادر·

ولقد اتضح للمراقبين في العراق وخارجه أن إمكانات تطوير النظام من داخله نحو الانفتاح على القوى المجتمعية والسياسية الأخرى بات من المستحيلات، كما أن الانقلابات العسكرية لن يكتب لها النجاح، خصوصا بعد فشل الكثير من تلك المحاولات كذلك فإن التعويل على ثورة شعبية على غرار ما حدث في إيران في عامي 1978 و1979 ضد حكم المرحوم محمد رضا بهلوي، شاه إيران الراحل، لم يكن واقعيا بعد أن أصبح العراقيون يلهثون على معيشتهم اليومية بعد إفقارهم بسبب الحرب مع إيران وغزو واحتلال الكويت وإخضاع العراق لعقوبات دولية صارمة، يضاف الى ما سبق ذكره أن النظام في العراق أصبح بوليسيا لدرجة الخوف ولم يعد بإمكان المواطن أن يفكر في مسألة التغيير السياسي خوفا من رصد مثل هذا التفكير من أجهزة النظام، ولذلك ما كان هناك إمكانية لتغيير النظام إلا من خلال تدخل خارجي بقوة هائلة تطيح بالنظام وتؤسس لقيام نظام سياسي مبني على التعددية ويتمكن من استيعاب كل التنويعات الثقافية والعرقية والدينية هناك، ولا ريب أن أوضاع العراق قبل 20 مارس 2003 عندما شنت حرب تحرير العراق من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها كانت معقدة ومتباينة، فهناك الشمال الذي كان يعيش نوعا من الاستقلال الذاتي نتيجة للحماية التي وفرها الأمريكيون للأكراد بعد حرب تحرير الكويت في عام 1991 وبعد الانتفاضة ضد النظام في مارس 1991، كما أن الجنوب العراقي كان في وضع معيشي وأمني مريعين بعد تلك الانتفاضة والتي شارك فيها مختلف الأحزاب والتيارات العراقية والتي قمعت ببطش وقساوة لا نظير لهما في التاريخ الإنساني المعاصر، وظل الجنوب خاضعا لإدارة قمعية على مدى سنوات طويلة وفي ظل إهمال اقتصادي شديد·

تلك العوامل لا بد أنها ولدت عوامل لانهيار النظام في ظل أي تدخل خارجي، ولا بد أن الانهيار سيؤدي الى سقوط المؤسسات واندثارها، ولم يكن إذا مستغربا انهيار المؤسسات العسكرية والأمنية وغياب دورها بعد دخول قوات الحلفاء واستيلائها على بغداد وبقية المدن وإذا كان الحرس الجمهوري والذي مثلت قواته أفضل عناصر المؤسسة العسكرية في ظل النظام السابق قد توارت عن الأنظار بعد أيام قليلة من دخول الحلفاء الى العراق فهل كان من المعقول توقع بقاء الجيش متماسكا في ظل معاناة أفراده وضباطه من قسوة السلطة آنذاك؟ ربما يمكن القول بأنه كان بالإمكان العمل على تجميع قوات الجيش من قبل الإدارة الأمريكية في العراق وتحويله الى جيش جديد بعقيدة عسكرية جديدة، وهذا ما يجري الآن، إلا أن المرء يمكن أن يزعم أن الكثير من القيادات السياسية العراقية والتي كانت على صلة مع الأمريكيين بعد إسقاط النظام كانت تنصح بأخذ الحيطة من قيادات الجيش وإمكانية تأثير العناصر البعثية في أي تشكيل عسكري جديد مبني على التنظيمات العسكرية القديمة، يضاف الى ذلك أنه لا بد من الإقرار بأن الأمريكيين كانوا يفتقرون لمعلومات مفيدة عن أوضاع كل المؤسسات القائمة هناك، سواء كانت عسكرية أو مدنية، ويمكن أن أزعم بأنه حتى القيادات السياسية العراقية القادمة من الخارج أو تلك التي كانت في الداخل لم تملك المعرفة والدراية الكافية بالأوضاع العراقية وبشكل يفيد في إعادة تشكيل الأوضاع المؤسسية·· لذلك فإن كل هذه العوامل وقلة المعرفة وتعقيدات الأوضاع العراقية بعد حكم شمولي جاوز زمنه أكثر من ثلاثة عقود لا بد أن تخلق إشكالات مهمة لأي حكم جديد بديل وتحتم حدوث أخطاء، وربما خطايا ومواجهة أزمات أمنية وسياسية حادة·

ولكي يكون التحليل موضوعيا فيجب أن نأخذ بنظر الاعتبار وضع الخصوم لعملية التغيير في العراق، هؤلاء لم يكن من السهل عليهم الاستسلام لتغيير يهدف لإقامة نظام ديمقراطي مبني على التعددية، وهؤلاء سواء كانوا من المحليين أو المجاورين قد تحسسوا المخاطر على مصالحهم ودورهم في العراق، ولا شك أن أهم المتضررين هم مجموعة المستفيدين من النظام السابق داخل العراق، ومن العراقيين ذاتهم، هؤلاء وإن كانوا يمثلون أقلية إلا أنها أقلية نشطة تملك إمكانات مالية مهمة وتكوينات عسكرية متنوعة ولا ينقصها مخزون السلاح التقليدي بكل أنواعه، وقد اندفعت هذه المجموعة في محاولة استعادة السيطرة على السلطة وإيذاء قوات التحالف وقوات الشرطة والتكوينات العسكرية الجديدة وإرهاب منظمات الأمم المتحدة والمؤسسات الأجنبية المدنية ومن ثم تعطيل عملية إعادة الإعمار، كذلك فإن القوى الإقليمية المتضررة من التغيير في العراق اندفعت من خلال مخابراتها وتبني قوى أصولية متطرفة ومتنوعة لتنفيذ حرب بالوكالة ضد العراقيين وقوات التحالف، وقد اتضح الآن، وبعد استلام العراقيين للسلطة قبل نهاية شهر يونيو الماضي أن هؤلاء اللاعبين في ساحة الإرهاب والعنف في العراق لن يتوقفوا عن أعمالهم إلا بعد هزيمتهم ميدانيا، وبعد كل هذا فإن المسألة ليست قضية أخطاء ارتكبت من الأمريكيين وإدارتهم بقدر ما إن هناك إرادة للصراع وتعطيل قيام عراق جديد يطرح نموذجا مختلفا في هذه المنطقة المتخلفة من العالم، قد يكون هناك الكثير من العراقيين الذين يعانون من هذا العنف والإرهاب وعدم الاستقرار إلا أنه لحسن حظهم أن الأمريكيين قد عقدوا العزم على العمل من أجل إنجاح مهمتهم في العراق وتحمل كل الأعباء والتكاليف المستحقة·

tameemi@taleea.com

�����
   

الجنون الأمريكي:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
"قراقوش" الداخلية:
سعود راشد العنزي
مغالطات:
مسعود راشد العميري
الإصلاح الفكري أولاً:
كامل عبدالحميد الفرس
حكومة إصلاح! أم إصلاح حكومة:
د. سامي عبدالعزيز المانع
الصف الثاني!:
فهد راشد المطيري
العرب والأمريكيون والعراق!:
عامر ذياب التميمي
مواجهة وزراء الحكومة··!:
د· بدر نادر الخضري
الغلاء·· والقطاع الخاص:
المحامي نايف بدر العتيبي
البيت الأبيض "الإسرائيلي":
عبدالله عيسى الموسوي
درس في المواطنة يستحق رفع القبعة:
يحيى علامو
الإعلام الكويتي خطاب لمن؟!:
عبدالخالق ملا جمعة
مشروع الشرق الأوسط الكبير··· العناصر والأهداف:
د. جلال محمد آل رشيد
أول بيان يرسي قواعد جديدة وثابتة بين البلدين
قراءة عراقية في البيان الكويتي العراقي:
حميد المالكي
صدام في سجنه!:
رضي السماك