ماذا يريد الإعلام الكويتي؟ أو بالضبط ما هي رسالة الفضائية الكويتية للعالم خصوصاً العربي في تفاعلاتها الأخيرة التي تشهدها المنطقة؟!
ففي الوقت الذي كانت القنوات الفضائية الحديثة العهد تأخذ وضعا "استقطابيا" للجماهير العربية كان تلفزيون الكويت يغلب عليه سمة التجاهل لما يحدث حوله من تطور وحس إعلامي مبتكر، وما هجرة بعض المصقولين لديه الى هذه الفضائيات إلا تأكيدا على عدم رغبة بعض قياديي الوزارة الفكاك من "الإرث الشللي" والمحسوبيات، يثبت ذلك البرامج المكررة بمقدميها وضيوفها ولهذا فإن المتابع لا يستشف من الفضائية الكويتية أي رسالة موجهة ومغايرة للنمط التقليدي السائد، فلا منافسة حقيقية مع الفضائيات الأخرى ولا "دائرة الأحداث" مهما دارت على ما يبدو قادرة أن تنبهنا الى الالتفات لهذا الجهاز الحساس فنعطي شيئا مقنعا، ونكسب الآخرين معنا لأن بالأصل الحس الإعلامي أمسى فاقدا "للمنهجية"، كخطة طويلة الأمد، وغير متواكب مع خطاب الشارع العربي، فهو يعيش ردات الفعل ويضع نفسه طرفا في معادلة غير متكافئة بجميع المقاييس·
***
وعند متابعتنا للتلفزيون الكويتي والإذاعة نجد أن أكثر من مذيع غير قادر على التمييز، وكيف يربط بين المواضيع المطروحة وبين الأسلوب الصحافي من حيث تكرار مقاطعة الضيوف بتوجيه أسئلة غير متوقعة للضيف فأي سؤال مفاجئ ومباشر يدل على أن المذيع يبرز ذاته قسرا، وأن البرنامج بلا خطة وغير معروف الى من يتوجه بالضبط والى أي شريحة، مما يضع ضيفه في حرج أيضا، ويفقد المتابع التواصل المطلوب مع الفكرة·
***
إن تسارع وتيرة الأحداث لا تسمح بمخاطبة الشارع العربي بشعار "لنكون موضوعيين" فهذا مشابه للذي "يؤذن في شارع للمراقص" فحالة الشخصية العربية في غالبيتها وجذورها تنساق وراء عواطفها وانفعالاتها الآنية وأنها اعتادت توهم البطولات و"التصنم" خلف القيادات الصوتية، ولا يقنعها المنطق العلمي وأن هناك من العرب وغيرهم لازالوا يقتاتون من مفهوم المؤامرة تغطية لتخلفهم وفشلهم وهو انعكاس تآمرهم على بعضهم البعض على مر التاريخ، فالغزو الصدامي للكويت يعد أحد أبرز االصور التآمر "الأخوي" الذي كان مقبولا لدى قطاع عريض من الجماهير العربية عام 1990 على خلفية تصريح أحد قياديي النظام العراقي الغازي بعد أيام من الغزو الآثم حين صرح لإذاعة لندن "أننا عائلة واحدة فلماذا نسمح للأجنبي أن يتدخل بيننا؟! "فقد حاول مجموعة من المثقفين العرب وبعض منظري الأحزاب والتكتلات الإسلامية إيجاد مبررات للتعامل مع خريطة جديدة بعد مسح دولة الكويت، ترى ما شرعية تلك الأراء؟؟
mullajuma@taleea.com |