في دولة الحريات والإصلاحات والديمقراطية تمارس وزارة الداخلية تسلطها على الناس، وتحديدا المقيمين، أو الذين يرغبون بدخول الكويت متحججة بحقها في رفض دخول أي شخص من دون إبداء الأسباب، وهو حق غريب للغاية، وقد يبرر إذا ما استخدم ضد من يمثلون تهديدا للأمن الوطني، ولا تريد الوزارة أن تفصح عن أسباب الرفض، إلا أن استخدام هذا الحق بتعسف، وبشكل مزاجي، ومن دون مبررات مقنعة ضد أناس هم أقرب الي كونهم ضحايا لممارسات بعض العاملين في الوزارة، فإنه لا يعكس سوى رغبات بعض المسؤولين بالتسلط، وسوء استغلال السلطة·
فقد كتبنا في "الطليعة" وكتب غيرنا مرات كثيرة حول قضية أرملة الكندي الذي اغتيل، واتهمت هي بقتله ثم برأتها محاكم الكويت· هذه المرأة التي اتهمت، وقضت أكثر من عام في الحبس، علاوة على فقد زوجها، وعدم تمكن السلطات الأمنية من القبض على مرتكب جريمة قتله· نقول رغم كل تلك المعاناة: ترفض السلطات في وزارة الداخلية منحها فيزا لدخول الكويت مرة أخرى بعد أن تزوجت بصديق زوجها المتوفى·
مبرر الرفض - كما نقل عن بعض مسؤولي الوزارة - في بداية الأمر كان بحجة أنها خالفت قانون الإقامة، حيث انتهت إقامتها، ولم تجددها، ولم تغادر الكويت، ما اعتبره ذلك المسؤول مخالفة تستحق هذه المرأة بسببها المنع من دخول الكويت، ولم يكلف ذلك المسؤول وغيره أنفسهم النظر في أسباب ذلك وهي أولا: لكونها في الحبس على ذمة القضية التي بُرِّئت منها لاحقا فكيف لها أن تجدد إقامتها وهي في الحبس؟ وثانيا: لكون كفيلها "زوجها" توفي ولم يعد لديها كفيل بعده، أي أنها لم تخالف القانون عن عمد، إنما جاء ذلك كنتيجة لفعل غيرها، ثم وبعد أن تدخل الشيخين محمد عبدالله المبارك، وثامر جابر الأحمد بصفتيهما في جهاز خدمة المواطن وبينا للمسؤولين في الداخلية عدم دقة السبب وراء رفض منحها فيزا جديدة تمكنها من الالتحاق بزوجها، تبدلت أقوال المسؤولين في الداخلية فبرروا الرفض بأن للوزارة الحق في عدم الموافقة على دخول أي شخص لا تريد دخوله من دون إبداء الأسباب!!!
أي أن أحدا في الوزارة لا يريد دخول هذه المرأة الى الكويت مرة أخرى رغم كونها بريئة من أية تهمة إخلال بالقانون، ويبدو أن الوزارة تقوم أصلا بتسفير كل من يتعرض للمحاكمة من المقيمين سواء أكان مذنبا وأنهى فترة حكمه، أو بريئا اتهمه آخرون لأسبابهم وبرأته المحكمة!!!، وهذا أمر غريب للغاية فأي مقيم في الكويت من الممكن أن يتعرض الى ابتزاز من مواطن، أو مقيم آخر، بأن يرفع عليه قضية تكون نتيجتها في الحالتين تسفيره وحرمانه من إقامة عمل بالكويت·
مطلوب من المسؤولين في وزارة الداخلية النظر الى سمعة البلد، وما يمكن أن تودي إليه ممارسات أشخاص محسوبين على الأمن من خلال استخدامهم لصلاحيات فضفاضة، لكنها فعالة جدا في تدمير حياة الآخرين، ومن دون أن يخضع هؤلاء للمساءلة من أحد، ومطلوب من مجلس الوزراء النظر في مثل هذه الثغرات المخلة بسمعة الكويت وبحقوق الناس، ومطلوب أيضا من مجلس الأمة التدخل في حال تعثرت السلطة التنفيذية لإصلاح مثل هذا الخلل الكبير، وفي هذه الأثناء مطلوب من النائب الأول "وزير الداخلية" النظر بعين الإنصاف والعدل لقضية المرأة الفلبينية "ماري جين"·
sanezi@taleea.com |