رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 16 رجب 1425هـ - 1 سبتمبر 2004
العدد 1643

ثقافة أزمات!
عامر ذياب التميمي
tameemi@taleea.com

قد تكون هناك فوائد من التطور التقني في مجالات الإعلام، حيث يزداد عدد القنوات التلفزيونية الفضائية ويعم بث المحطات الإذاعية على موجات ال·إف·م FM وترتفع نسبة قرّاء الإنترنت، لكن هناك معضلة وهي ليست في هذا التطور التقني ولكن في المحتوى·· ومن يشاهد البرامج الحوارية، التي تزداد يوما بعد آخر، سيلاحظ أن المشاركين ومديري الحوارات يهدفون دائما إلى خلق جدل وتضارب غير قابل للتجسير بين الآراء المتعددة··· هناك قضايا أزلية تتركز في هذه الحوارات أو منتديات الجدل مثل القضية الفلسطينية والأوضاع في العراق والعلاقة مع الغرب ومسألة الإرهاب، والدين والسياسة وبطبيعة الحال قضايا المرأة·· هذه القضايا لاشك، تحتمل المواقف المتعددة وربما تختلف الآراء حولها، لكن ما يثير المرء هو أن المحاورين، في أغلب الأحوال، لا يحاولون أن يجدوا الطريق المثالي للانتهاء من هذه المعضلات والانطلاق نحو برامج تنموية تتناول مختلف المواضيع، وتتبنى حلولا واقعية لها·· ويبدو من مسار التاريخ العربي المعاصر أن العرب قد وقفوا عاجزين عن حل جميع مشاكلهم الخاصة بهم، أو مع الآخرين نتيجة لثقافة العناد والرفض وعدم الواقعية·· بل أكثر من ذلك أن هذا النمط من الثقافة دفعت الأمور نحو التأزم والتدهور، وليس هناك أفضل من القضية الفلسطينية كنموذج للتعامل مع الصراع مع الآخرين وكيفية فهمه وفهم عناصر القوة والضعف في المواقع المختلفة وأساليب التعامل معها··

تأتي مسألة العلاقة مع الغرب على قمة القضايا يتطرق لها المحاورون، وهي قضية أساسية في نضالنا من أجل التطور والتنمية حيث لا يعقل أن ندير عملية التنمية في معزل عن بقية شعوب العالم، كما هو معلوم أن العولمة أصبحت ظاهرة كونية أدت إلى صياغة أسس للتعامل الاقتصادي بين مختلف دول العالم وأسست منظمات وهيئات للتعامل مع تلك القضايا الاقتصادية، ومن أهمها منظمة التجارة الدولية التي اعتمدت اتفاقات الجات منهجا للعلاقات بين الدول في مسائل التجارة والاستثمار·· هذا التطور دفع الكثير من دول العالم، في الشرق والغرب، لمحاولة كسب عضوية هذه المنظمة والاستفادة من شروطها·· من الصحيح القول بأن هناك فئات كثيرة في الدول الصناعية والدول النامية التي لا تزال ترفض فكرة العولمة الاقتصادية وتري فيها تعديا على مصالح الفئات المهمشة والعاملين، وهي ترى أيضا، أن الدول النامية قد تتضرر من شروط العولمة، لكن هذه الفئات تعمل في أطر أنظمة ديمقراطية بما يسمح لها بالتأثير لتحسين تلك الشروط وليس وقف التطور المبني عليها·· ماذا يريد العرب من العولمة الاقتصادية؟ وكيف يمكن لهم أن يستفيدوا منها؟ عند التعرف على الآراء في محيط المثقفين العرب نجد أن هناك من يرفض هذه الشروط ويرى فيها سمات الهيمنة الاقتصاد للغرب على العرب·· هؤلاء تناسوا أن الاقتصاد العربي اعتمد منذ طويل على العولمة لجني الإيرادات وتوفير الاحتياجات الأساسية من السلع والخدمات·

وإذا كانت العولمة الاقتصادية قد قطعت شوطا طويلا ومهما وهي ليست قابلة للتراجع أو الانتكاس فإن بوادر العولمة السياسية آخذة في التأصل·· وعندما تطالب الدول الصناعية الرئيسية من دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بإنجاز إصلاحات سياسية واعتماد نماذج حكم ديمقراطية ومنح المرأة حقوقها السياسية والاجتماعية الكاملة فهي تريد من العرب أن يلحقوا بالمسيرة الإنسانية التي اعتمدت هذه الإصلاحات على مدى العقود القليلة الماضية·· مقابل ذلك كان المرء يتوقع من النخب المثقفة أن تحتضن هذه الدعوات وتضغط على الأنظمة والحكومات من أجل الإصلاح السياسي والثقافي لكن، وللأسف، فهم الكثير من أولئك المثقفين هذه الدعوات بأنها محاولة من الغرب للتدخل في الشؤون الخاصة للعرب والهيمنة على  مقدرات أوطانهم وحرفهم عن عاداتهم وتقاليدهم·· وإذا كان هذا موقف المثقفين والذي ادعى البعض منهم بالتقدمية والتحضر ومحاولة الارتقاء بالأحوال المجتمعية وتحسين المشاركة السياسية في بلدانهم، فكيف نلوم الأنظمة الحاكمة التي لابد أن ترفض أي إصلاح يحد من سلطاتها؟

إذن فإن الخلل هو في البنية الفكرية والثقافية أو ال "Software" الثقافي والقيمي الذي يتطلب تغييرا قبل أن نتمكن من إنجاز التغيير والإصلاح·· قد نفهم أن هناك مثقفين عرب لديهم ملاحظات وتحفظات على سياسات الحكومات الأمريكية المتعاقبة بشأن القضايا العربية وخصوصا القضية الفلسطينية والصراع "العربي - الإسرائيلي"، لكن من غير المفهوم أن يندفع هؤلاء لتبني فكر الإرهابيين واعتبار هؤلاء الإرهابيين أبطالا بالرغم من ظلامية فكر هؤلاء وعدم توفر مشروع سياسي تنموي لديهم·· ماذا يعني هذا الاستمرار في العداء للآخرين من دون محاولة إيجاد أسس للتفاهم حول إصلاح الواقع العربي من خلال أدوات العمل الديمقراطي؟ وما هي التحفظات على مشاريع الإصلاح القادمة من الخارج إذا كان من الممكن تطويرها لتتوافق مع متطلبات الشعوب العربية؟ ومما يؤسف له أن هذه المواقف تنتشر بين مختلف الأجيال العربية مما يعني أن المعضلة ليست يسيرة وتتطلب نضالا مستمرا من القوى المستنيرة في العالم العربي لإرساء، قواعد التغيير والتغلب على ثقافة الأزمات·

 

tameemi@taleea.com

�����
   

لجنة حقوق الإنسان:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
إلى سمو رئيس مجلس الوزراء·· من القلب:
د·أحمد سامي المنيس
حكاية التكنولوجيا وثورتها(2):
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله
عورني قلبي من الحكومة العنصرية:
م. مشعل عبدالرحمن الملحم
أعداء حقوق الإنسان:
فهد راشد المطيري
ثقافة أزمات!:
عامر ذياب التميمي
همسة في آذان السامعين··:
مسعود راشد العميري
المستفيدون من جولة الشيخ صباح:
عبدالله بو عجيم
الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان ويوم التهاني:
فيصل العلاطي
الى دعاة "الواقعية":
عبدالله عيسى الموسوي
هل تصلح الرياضة ما أفسدته السياسة؟!:
يحيى علامو
برتقالة الدكتور مصطفى جواد!:
حميد المالكي
الشعب الأمريكي بين الجهل والتجهيل:
رضي السماك