بينما يتباهى البعض بأن خطة الإرهابي شارون للانسحاب أحادي الجانب من قطاع غزة، تعتبر مقدمة لعودة العرب والصهاينة لطاولة المفاوضات المذلة، وعندما ينادي البعض بضرورة وأد الانتفاضة، واعتقال قادتها، ووصفهم بالمجرمين الخارجين عن القانون لمجرد رغبة، أكرر رغبة حكومة العدو الصهيوني الانسحاب من قرابة %4 من أرض فلسطين التاريخية، فإن الأمر يحتاج لوقفة جادة، وفهم لطبيعة هذه المرحلة المفصلية في تاريخ صراعنا مع العدو الصهيوني، وألا ننسى في الوقت نفسه بأن هذا الصراع هو وجودي وليس منحصرا في إطار الحدود الشكلية كما يحاول دعاة الواقعية والانهزامية تصويره لنا·
ولعل من المناسب أن نقدم لهؤلاء "الواقعيين" قراءة في العقل الصهيوني الذي يمكن اختزاله في استطلاع الرأي العام الذي نشرته صحيفة "معاريف" الصهيونية يوم 21/6/2004 بالتعاون مع مركز دراسات الأمن القومي في جامعة حيفا·
ففي الاستطلاع، رأي %63,7 من اليهود أن الحكومة يجب أن تشجع ترحيل فلسطيني 1948 وأكد %55,3 أن فلسطيني 48 يشكلون خطرا على أمن إسرائيل، بينما طالب %48,3 بعدم المساح لهم بشغل مقاعد في الكنيست "الإسرائيلي" ولا المشاركة في الانتخابات التشريعية·
وللعلم، فإن فلسطيني 48 هم الذين آثروا البقاء في مدنهم وقراهم بالرغم من كل المضايقات الإسرائيلية، ويبلغ عددهم اليوم نحو مليون شخص، وبالرغم من تمتعهم بالجنسية الإسرائيلية، إلا أنهم يعاملون كمواطنين من الدرجة الثالثة أو الرابعة في دولة لا تحترم إلا مواطنيها الذين يعتنقون الديانة اليهودية·
كما أعلن %25 من اليهود أنهم قد يصوتون لمصلحة حزب متطرف مثل حركة "كاخ" في الانتخابات المقبلة في حال الانسحاب من مدينة غزة، كما أيد %79,2 من اليهود سياسات الاغتيالات الحكومية، وعارض %44,1 منهم تسليم أراض الى الفلسطينيين، ويعارض مسألة تفكيك المستعمرات %39,8 من اليهود، بينما يرفض %47,7 منهم إقامة دولة فلسطينية·
فهل يعي أصحاب نظرية "الواقعية" أن العقلية التي يسعون للتفاوض معها بمثل هذا التطرف والغلو في معاداة العرب؟!!
abdullah.m@taleea.com |