أعطيناهم قرضا بمليار دولار أثناء الغزو العراقي لشراء صوتهم ولم يرفضوه رغم أنهم كانوا سيصوتون لصالحنا رغما عنهم بعد الموقف العالمي الموحد المؤيد لنا، وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي، وحين رغبوا بسداد القرض بعد المطالبة الشعبية الكويتية بذلك، اقترحوا سداده على شكل سلع وحديد وسلاح، ولم تمانع حكومة المال السائب الكويتية بذلك، وقمنا بتوقيع معاهدة دفاع مشترك معهم بعد التحرير، لحماية الكويت من أي غزو أو خطر محتمل، ومع ذلك تساهل جماعتنا مخططو السياسة الخارجية الكويتية - إن كانت هناك واحدة! - وتغافلوا عن العلاقة النووية الإيرانية الروسية التي تقع عند باب الدار الكويتي، وتم التوقيع بالأمس على تزويد إيران بثمانين طنا من الوقود النووي لتشغيل مفاعل بوشهر الإيراني الذي يبعد عنا "حذفة عصا" تقديرها مئتان وسبعون كيلو مترا فقط، بينما يبعد عن العاصمة الإيرانية طهران أكثر من سبعمئة كيلو متر!!
لم نسمع احتجاجا كويتيا واحدا على ذلك، ولم نقرأ استدعاء للسفير الروسي من قبل وزير الخارجية أو الداخلية أو الأمن الوطني أو حتى وزير شؤون الديوان الأميري المعني بشق طريق الحرير من الصبية الى كازاخستان مرورا بإقليم بوشهر النووي الإيراني، بل لم نسمع تحركا دبلوماسيا تقوم به منظومة - أنا الخليجي والخليج كله طريجي - ونعنى به هذه المؤسسة المحنطة المدعوة مجلس التعاون الخليجي، بالضغط مجتمعة على روسيا وإيران، إذا لم يكن لوقف التعاون النووي فيما بينهما فعلى الأقل للضغط لنقل مفاعل بوشهر الى الجانب الآخر من الحدود الإيرانية وإبعاده عن البحر الذي تشرب وتأكل منه كل دول مجلس التعاون الخليجي، ولو استلزم الأمر أن ندفع فاتورة هذا النقل·
عجبا لهذا الصمت والاستهتار واللامبالاة، والعجب الأكثر أن تصمت مؤسسات المجتمع المدني في الكويت وغيرها عن إثارة هذا الموضوع ومتابعة وتبيان خطورته، فهل كتب علينا في هذا الموضوع أن نستعد دوما لكارثة ما كل حقبة من الزمن؟ وما فائدة الحكومة - أي حكومة - إذا لم تحتط للكوارث وتمنعها قبل وقوعها، قبل التحسر عليها إذا حدثت؟ وهل يعيد التاريخ نفسه في 2/8/1990 ولكن من الجانب الإيراني هذه المرة؟ وبسلاح وإشعاع نووي يهدد الإنسان والزرع؟ أسئلة نقولها بمرارة شديدة، ونحن نعلم أن الشكوى أساسها قلة الحيلة وانعدام الوسيلة، ولكن عذرنا أننا لا نملك سلطة القرار، فما هو عذر حكومتنا "الرشيدة" التي تفتقر حتى الى محاضر اجتماعات مكتوبة!
salhashem@yahoo.com |