إن قرار النائب السابق الفاضل مبارك الدويلة بعدم خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة يعكس الشعور العام السائد بأن صوت المواطن أصبح مغيبا، وأن الشعارات (أو الأمنيات) التي تم إطلاقها بالخطاب الأميري حول الإصلاح السياسي والاقتصادي انهارت أمام انتصار "ديمقراطية الخدمات" على ديمقراطية الممارسة وانتصار "الانتهازية النيابية" على صوت النقد والإصلاح· وأصبحت البطولة والشطارة بأن تدخل ساحة الأفاقين والبهلوانات وتخوض اللعبة الانتخابية متخمة جيوبك بالمال السياسي وبتغطية شاملة من المتنفذين والمنتفعين أصحاب المصالح، والنتيجة أن الكل أصبح يقول (يا الله نفسي)، فتتراجع قيم الولاء الوطني أمام قيم الأنانية والاستحواذ!!
إن الدور الحكومي في قتل الروح الوطنية جاء عبر استفحال السطحية وضحالة التفكير عند اتخاذ القرار حول القضايا المصيرية والتي قد تكون لها نتائج وخيمة على نهضة هذا البلد، نذكر منها على سبيل المثال سياسة التجنيس العشوائي التي لا تراعي معايير موضوعية·
كنا نتمنى على الأقل بأن يكون الرقم المضاف الى سلة المواطنة يحمل في جيناته صفات العبقرية والذكاء أو القدرة الجسمانية لكي يستفيد منه الوطن في ميادين العلم أو الرياضة· لكن ما زلنا ندفع أخطاء العقلية المهيمنة التي بدأت منذ الستينات بعد وفاة المغفور له الشيخ عبدالله السالم، والتي تتحكم في مقدرات هذا البلد لأن المصالح الفردية والأنانية وانعدام النجاح الديمقراطي وتجذر نهج الفساد والتلاعب بقيم المجتمع المدني هي الآليات التي تحكم البلد·
ما تشجعه حاليا العقلية الناشئة الجديدة هو تغيير آلية العمل السياسي من العمل الديمقراطي السليم الى استخدام القوة المالية وشراء الأصوات والضمائر كوسيلة لتخليد امتيازاتهم وشرعنتها، بصرف النظر عن الثمن الذي سيدفعه الشعب الكويتي من قيمه وأخلاقياته· فمع استرداد المرأة حقها السياسي ما الذي يمكن أن يفعله المال السياسي في أخلاقيات امرأة قبلت أن تفرط بصوتها الانتخابي مقابل المال· سؤال أطرحه على نواب شراء الذمم ومن يؤازرهم من ناخبين ومتنفذين؟!
كلمة يجب أن يسمعها الجميع بأن الكويت لن تقوم إلا على قدمين (كرامة الإنسان وديمقراطية سياسية حقيقية) وبغيرهما ستبقى الكويت عرجاء للأبد· |