يصادف يوم الخميس 23 أغسطس الجاري مرور عام على وفاة الأستاذ سامي المنيس رحمه الله، والذي غيبه الموت بشكل مفاجئ في القاهرة·· ولا شك أن الأوساط الشعبية في الكويت ذهلت لمفاجأة الوفاة، ولكن الأعمار بيد الله ولا يمكن أن نقف أمام إرادة الله سبحانه وتعالى·· بيد أن ما يتوجب علينا هو التمعن بتجربة المرحوم ونتعلم منها لعلها تنير لنا دروب المستقبل·· كما هو معلوم إن المرحوم سامي المنيس قد عاصر الحياة الوطنية في الكويت لمدة تزيد عن نصف القرن وتمكن من إرساء قواعد مهمة للعمل السياسي، وشارك منذ بداية العهد الدستوري في مطلع الستينات في أعمال مجلس الأمة وقد وفق في معظم المعارك الانتخابية التي خاضها مما عكس شعبية مهمة في الدوائر التي ترشح فيها·· ولابد أن نقر بأن المرحوم كان يتمتع بقدرات مهمة في التواصل مع الكويتيين من مختلف الفئات العمرية والانتماءات الاجتماعية، وكان يملك إمكانات متميزة للتعامل مع القوى السياسية المختلفة·
من جانب آخر يوضح سجل الأداء للنائب سامي المنيس مواقف واضحة في الرقابة على السلسطة التنفيذية ودوراً في تقديم التشريعات الملائمة، وكذلك تعديلات القوانين السائدة بما يتوافق مع تطورات الحياة في البلاد وتجاوباً مع متطلبات الشعب· ولابد أن يتذكر المواطنون، ومنهم بعض السياسين، كيف كان المرحوم يتعامل مع الخلافات السياسية بروح من الود والتعامل الإنساني الراقي·· وليس هناك أدل من احترام الناس للمرحوم سامي المنيس من ذلك الشعور بالفاجعة الذي مس كل الخصوم والأصدقاء الذين ثمنوا مواقف الفقيد وواصلوا احترامهم له في حياة ومماته·
هناك جوانب لابد أن نتذكرها في حياة المرحوم سامي المنيس ومنها تفاؤله الدائم وعدم استسلامه لليأس، ومن المؤكد أن تجربة الاحتلال العراقي البغيض تدل على ذلك التفاؤل الدائم·· منذ الأسبوع الأول للاحتلال افتتح أبو أحمد ديوانيته في العديلية واستقبل فيها رواده التقليديين وغيرهم من فاعليات وطنية، واستمر في إقامة الحوار حول ذلك الاحتلال الغاشم وكيف كان يرى أن الكويت ستعود حرة رغم قسوة العدوان·· وكان المرحوم يرد على تساؤلات رواد الديوانية، والتي لم تخل من التشاؤم، بروح تؤكد أهمية النظر للمستقبل القريب بشكل إيجابي وعدم القنوط وبأن العالم لابد أن يهب لتحرير البلاد من الطغمة المستبدة في بغداد·· ولا شك أن الأوضاع في ذلك الوقت العصيب كانت تثير قلق جميع المخلصين، وكان يمكن أن يتعرض المرحوم لمخاطر جسيمة ولذلك أصر الكثير من العناصر الوطنية على المرحوم أن يغادر البلاد ويلتحق بالأخوة العاملين من أجل التحرير في الطائف وغيرها من مواقع وهكذا كان·· ويدرك جميع الذين حضروا مؤتمر جدة الدور المتميز الذي لعبه المرحوم أبو أحمد في تأكيد القيم الديمقراطية والمفاهيم الوطنية والقومية في الوثائق التي انبثقت عن المؤتمر، حيث كان عضواً فاعلاً في لجان المؤتمر الشعبي الذي انعقد في جدة في شهر أكتوبر (تشرين أول) من عام 1990·
لقد تميز المرحوم سامي المنيس ببساطة وسهولة تلقائيته وقدرته على التجاوب مع مختلف المواقف·· ثم إن المرحوم كان قوياً وجديراً باحترام الناس لأنه كان معنياً بمواقفه المبدئية دون محاولة لتطويع مواقفه بما يتماشى مع المصالح السياسية·· كذلك فقد استمد قوته نظرا لعدم اهتمامه بالمال أو جمع الثروة، ولا شك أن الإنسان الذي لا يهتم بالماديات يستطيع أن يراكم قوة معنوية يعجز الخصوم على فهمها·· هذا النوع من الرجال يجب أن يحوز على مكانة مهمة في ذاكرتنا حيث إنه نوع نادر لا تجود به المجتمعات بشكل مستمر·
رحم الله سامي أحمد المنيس وألهمنا الصبر وقدرنا على مواصلة مسيرته والالتزام برسالته· |