يحكى أن مدينة شرق غربية تقطنها مجموعة من الأسر البسيطة و التي تعتمد في قوت يومها على حصاد أراضيها الثرية بمحاصيلها، و لتلك المدينة المسالمة والٍ اختاره الأهالي من بينهم لما عرف عنه بالتقوى و الورع و الحكمة وكان لذلك الوالي وزير مقرب محاط ببعض المستشارين الغرباء عن المدينة ونظرا لثقة الوالي الشديدة بالوزير فقد منحه صلاحيات واسعة و نفوذا متناميا·
و في يوم من الأيام نما إلى علم الوزير إقبال المدينة على سنوات تشح فيها الأراضي الزراعية وخاصة مزارع القمح، فما كان منه إلا أن أمر أتباعه بتسويرمزارع القمح الشاسعة في مدينته وكان له ما أراد في غضون أيام معدودة حيث تم تسوير جميع الأراضي و إدخالها في ملكيته، و بعد بضع سنوات تضاعف أعداد السكان، وقلت مواردهم الغذائية وازدادت الحاجة بالأهالي لفك قيد تلك المزارع و تسليمها لهم كي يتمكنوا من زراعتها و حصادها إلا أن الوزير أصر على استمرار سيطرته و احتكاره، و مرت السنوات وازدادت الحاجه بالمواطنين وازداد تذمرهم الداخلي وغير المعلن، واضطر بعض المواطنين لمواجهة الفاقة بزراعة الفناء الخارجي لمنازلهم ذي المساحة المحدودة جدا بغية إطعام أطفالهم، إلا أن الوزير أصدر قانونا يعاقب فيه كل من يقوم بمثل هذا الفعل ولو كان ذلك لسد جوعه، وضاقت السبل بالأهالي وازداد الجوع بينهم و بعد فترة قصيرة قام الوزير بطرح جزء صغير من أراضي القمح الشاسعة للبيع بأسعار باهظة لا يقوى المواطنون على دفعها فاحتاروا في كيفية دفع هذه المبالغ و هم لايملكون قوت يومهم·
و في تلك الظروف السيئة قامت بطانة الوزير و المعروفة بأصولها الغريبة عن المدينة و عدم ولائها للوالي بارتكاب تجاوزات مالية كالسرقة والغش والتحايل و الاختلاس من مال الدولة الأمرالذي مكنهم من شراء بعض الأراضي من الوزير و تنميتها و زراعتها و بيع محاصيلها و شراء أراض أخرى، و استمرت الحال لسنوات معدودة لم يقو خلالها الأهالي الشرفاء على العيش في المدينة، فتركوها بعد أن باع الوزير كل الأراضي المحتكرة إلى بطانته السيئة·
و مرت سنوات أخرى تمكن خلالها المحتالون من بسط سيطرتهم على المدينة، والإطاحة بالوزير و الوالي و حكم البلاد·
ملحوظة: شخصيات هذا المقال غير مستوحاة من الواقع
|