مما يقل الاختلاف عليه أنه في بدايات التجربة البرلمانية الدستورية الكويتية وجد الإصرار من الجميع لوضع الأسس لمجتمع مدني حديث وفق أسس ديمقراطية وما زلنا ننعم بآثار تلك الجهود التي بذلت في تلك المرحلة، أما في المرحلة الحالية فإن الظهور بالمظهر الديمقراطي يأتي بمرتبة أسمى في بعض الأحيان من ممارسة الروح الديمقراطية بشكل عام ويمكن ملاحظة ذلك من خلال السلوك الاجتماعي خصوصا أن الديمقراطية سلوك لا يستورد ولكنها مفاهيم ينشئها أو يتبناها المجتمع ويؤمن بها وتترجم لجهود لبناء المجتمع، ومن الملاحظ أن التوجهات السياسية الموجودة حاليا تأسس أغلبها على انتماءات أولية في المجتمع (دينية - قبلية - عائلية - أثنية) وقد لا تشكل هذه الانتماءات تهديدا لوحدة المجتمع حاليا ولكن من الصعب التنبؤ بإمكانية السيطرة عليها في المستقبل خصوصا مع التزايد المستمر في التعداد وتناقص القدرات المالية للدولة مما قد يسبب مشاكل حقيقية في المستقبل، وفي اعتقادنا أن تأسس التوجهات أو الأحزاب السياسية إن لزم الأمر يجب أن ينبني على توجهات فكرية مثلا (محافظين وليبراليين) مما يسهل عملية تذويب الانتماءات الأولية في المجتمع في هذه التوجهات الفكرية مما من شأنه تعزيز الوحدة الوطنية للمجتمع·
من المعروف أن الهدف الأسمى للتيارات هو الاستحواذ على أكبر قدر ممكن من السلطة وإدارة شؤون الدولة وذلك الملاحظ في التجارب الديمقراطية المعاصرة أما في الكويت فهذه المسألة محسوبة دستوريا بتعيين الأمير لرئيس مجلس الوزراء الذي يكلف بتشكيل السلطة التنفيذية، وممكن أن تمارس التيارات السياسية الموجودة حاليا دورها من خلال وجودها كجماعات ضغط لها مصالحها التي تسعى لتحقيقها ولكن من دون امتلاكها لأدوات دستورية قد يساء استخدامها مما قد يعرقل عملية التنمية في المجتمع خصوصا إذا وجهت لتحقيق مكاسب خاصة على حساب المصلحة العامة· |