رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء28ذي الحجة1419 - 5 محرم1420 -14-20 أبريل1999
العدد 1372

إن كنتم تجرؤون على رد الاعتبار فأعلنوها!
ياسر الحبيب

طبيعي أنه إذا ما وجّه أحد لآخر اتهاما معينا ثم ثبت عدم صدق ذلك الاتهام، أن يعمد المدّعى عليه الى المطالبة بالقصاص المعنوي ورد الاعتبار من خلال محاسبة ومعاقبة المدعي، إلا أن هذا الإجراء الطبيعي لا يكون طبيعيا في دولة كالكويت· فلما كانت الموازين معكوسة والأنظمة مقلوبة والعقليات مختلة، يصبح الحق مع الجاني والباطل مع المجني عليه·

والأمثلة على هذه المعادلة المقلوبة كثيرة لا تحصى من واقع مشاهدات جمة، لعل أبرزها ما يتعلق بالشأن الوطني السياسي· فسُراق المال العام مثلا لا يزالون يسرحون ويمرحون ويقضون أحلى أوقات الراحة والاستجمام في مصايف ومنتجعات أوروبا بعدما هربوا - بل تم تهريبهم - من قبضة العدالة من دون أي عناء يذكر، وما سبب ذلك إلا تمتعهم بعلاقات "جلسائية ومصلحية" مع أقطاب ورموز نافذة·

ولصوص المال العام الذين هم الجناة على الوطن ومصدر خرابه والسبب في تدهور صحته الاقتصادية ما زالوا ينعمون حتى اليوم بالحظوة الاجتماعية على رغم ما فعلوه، في حين أن من يجاهد لأجل استرداد حقوق الشعب من أولئك الخونة يتعرض للمحاربة والإرهاب بكل صوره وأشكاله، فكريا وإعلاميا وسياسيا بل وحتى الإرهاب المسلح كما حدث مع نائب وطني شريف·· وعندما يحين موعد المحاسبة، يتم التدخل للدفاع عن الجاني والحيلولة  دون إحالته للقضاء، في الوقت الذي تمتع فيه من رفع السلاح وأطلق النار على رجل المبادئ الوطنية بخدمة فندقية راقية في "سجن" ديلوكس توافرت فيه مختلف وسائل الراحة والرفاهية من هاتف نقال ووجبات فاخرة منتظمة ولقاءات واجتماعات جعلت من "السجن" ديوانية محترمة!

يُضاف الى سجل هذه الأمثلة التي تعكس ميزان الحق والباطل المقلوب في الكويت، المعالجة التي تمت بخصوص الاتهام الحكومي الخطير لأحد نواب البرلمان بالاتصال بسفير دولة أجنبية بقصد الانتفاع من صفقة تسلحية، حيث عرض العضو الوقوف بوجه إتمام الصفقة المنافسة مقابل حصوله على عمولة في حال رسو الأمر على الصفقة المبتغاة·

هذا الاتهام كما هو واضح طعن خطير في ذمة ممثلي الأمة وتشويه لسمعة أحد أهم أجهزة النظام الدستوري في البلاد، وقد كان يفترض بالحكومة ما إن علمت بهذه الحادثة الجسيمة مخاطبة رئيس مجلس الأمة لرفع الحصانة عن النائب المقصود تمهيدا لمحاسبته قضائيا، بيد أن عدم إقدام حكومة توزيع الاتهامات بمثل هذه الخطوة يدلل على عدم صحة الواقعة المفتعلة·

فلننظر الى الموضوع برمته من الزاوية الدستورية حتى يتضح لنا مقدار بؤس القائمين على إدارة الدولة والمتصرفين في شؤونها·

رئيس السلطة التنفيذية الفعلي وهو رئيس مجلس الوزراء قام متحدثا في جلسة من جلسات البرلمان، فطعن في حديثه في ذمة أحد أعضاء السلطة التشريعية ممن يمثلون الأمة بأسرها، وهذا يستلزم التحقيق في الأمر، لأن المتحدث في جلسات البرلمان حر في إبداء "آرائه" ولا تجوز مؤاخذته عليها، بيد أن ما جاء على لسان رئيس الحكومة يتعدى "الرأي" ويصل الى مستوى "الاتهام" الذي جاء بصيغة التخصيص المجهول لقوله: "إن أحدهم···" وهو أسلوب أثبت الفعل والحادثة وخصها بفرد ثم عممها على مجموع أعضاء السلطة التشريعية·

وكان على صاحب الاتهام التحقق قبل أن يطعن في ذمة النواب، إلا أن جرأته في إلقاء الاتهام تشير الى ثقته في كلامه، وهو ما يدعو الى التحقيق والتقصي· وقد كان موقف المجلس سليما حينما أقدم على تشكيل لجنة التحقيق على رغم أنه أعطى الفرصة لصاحب الاتهام للاعتذار من المجلس، وهي فرصة ما كان ينبغي إعطاؤها لأنه في كل الأحوال مدين للنواب، فإذا ثبتت الواقعة حوسب على عدم تحويل أمرها لرئيس البرلمان·

غير أن لجنة التحقيق انتهت الى نتيجة سيئة، أكدت فيها عدم صحة الواقعة، واشتكت من تجاهل الوزراء لها وهي مخالفة دستورية لا يمكن السكوت عنها· وإلى هذا الحد لم تستطع اللجنة أن ترد الاعتبار للمجلس، فهل يتمكن هذا الأخير من رد الاعتبار لنفسه؟·

إن ما حدث منذ بدء أزمة الاتهام كان يستوجب معالجة أخرى غير هذه، كان ينبغي على البرلمان جعل هذه القضية محور أولويته لأنها ستكشف طبيعة العلاقة مع السلطة التنفيذية·

لكن الوقت لا يزال مفتوحا أمام النواب لرد الاعتبار، فالحكومة قذفت البرلمان من دون تثبت أو سند صحيح، ثم لم تقبل التعاون مع لجنة التحقيق البرلمانية ورفضت الإجابة عن أسئلتها أو تلبية دعواتها لحضور الاجتماعات، ولم تكتف بهذا القدر، بل وصفت التقرير الختامي لللجنة بأنه "لا شيء" هذا على رغم أن لجنة التحقيق البرلمانية هي من أقوى لجان مجلس الأمة لائحيا حيث لا يجوز إطلاقا تجاهلها حسب القانون من قبل أي من المؤسسات الحكومية أو الأفراد·

عدم التعاون هذا الذي أقدمت عليه الحكومة رغم أنها المتسبب - كالعادة - في هذه الأزمة، يدفعنا الى سؤال أعضاء المجلس الذين طالما تصارحوا على هيبته ونادوا برد الاعتبار له: هل تملكون الجرأة الكافية لإعلان عدم إمكان التعاون مع الحكومة كما هو مقرر بالدستور؟

··· والإجابة معروفة سلفا!!

�����
   

جهل المتطرفين بالحسبة:
محمد مساعد الصالح
تمييع الاستجوابات:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
تعيين وكيل:
د.مصطفى عباس معرفي
الحكومات العربية وحقوق الإنسان:
يحيى الربيعان
الحاج العراقي:
إسحق الشيخ يعقوب
حول مفهوم السيادة!:
عامر ذياب التميمي
حرية الطباعة والنشر:
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله
اللعب على المكشوف!!:
سعاد المعجل
تناقضات(الحلقة الثانية عشرة):
محمد سلمان غانم
خبز خبزتوه أكلوه:
أنور الرشيد
المؤتمر القومي العربي التاسع
نضال الخنادق.. أم صراع الفنادق؟:
داود البصري - أوسلو
إن كنتم تجرؤون على رد الاعتبار فأعلنوها!:
ياسر الحبيب
أين قضية ضحايا مصر في العراق؟!:
حميد المالكي
قوائم الطائفية والقبلية!!!:
فوزية أبل