رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء28ذي الحجة1419 - 5 محرم1420 -14-20 أبريل1999
العدد 1372

حول مفهوم السيادة!
عامر ذياب التميمي
tameemi@taleea.com

بعد أن بدأت طائرات حلف شمال الأطلسي (الناتو) بقصف المواقع العربية عزفت جوقة من المعلقين والكتّاب من العرب وغيرهم حول خرق سيادة يوغسلافيا والاعتداء عليها من دون تفويض من مجلس الأمن والأمم المتحدة·· كما تساءلت هذه الجوقة عن مبررات قيام الولايات المتحدة ودول حلف الناتو بالتدخل في الشؤون اليوغسلافية ومدى شرعية الدفاع عن شعب كوسوفو، وهل هناك إمكانية لتبرير هذا التدخل لأسباب إنسانية فقط؟ وقد أعادت أطروحات هؤلاء المعلقين الى الأذهان قيام الولايات المتحدة وحلفائها وغيرهما من الدول بالتدخل لتحرير الكويت من الاحتلال العراقي الغاشم، وكررت الأطروحات ذاتها أن الولايات المتحدة  تسعى بالدرجة الأولى إلى الهيمنة على العالم، وهي تحاول أن تجد مسوغات لتبرير تدخلاتها وتحطيم القوى التي تشكل خطرا على مصالحها وامتداد نفوذها·· بل إن البعض قد زاد قائلا إن الهجوم على يوغسلافيا ما هو إلا وسيلة لتحطيم قوة عسكرية يمكن أن تشكل مانعا لامتداد حلف شمال الأطلسي باتجاه الشرق!

ولا شك أن تلك الأطروحات ما هي إلا تنفيس عن حقد معلوم ومكتوم ضد الغرب بشكل عام، والولايات المتحدة بشكل خاص··· كما أن هؤلاء المدافعين عن حكام يوغسلافيا، وقبل ذلك عن حكام العراق، ما هم إلا أسرى لفكر شمولي غير ديمقراطي، وهم يحلمون بعودة الحيوية لذلك الفكر وقواه المستبدة·· ولذلك فإن أطروحات السيادة الوطنية في ظل وجود حكام طغاة لا يرحمون شعوبهم، أو الأقليات الإثنية التي تعيش تحت ظل حكمهم لا تعني أية قيمة إنسانية حقيقية· فماذا تعني السيادة من دون حق المواطن في إبداء الرأي، أو حق الأقليات للتعبير عن ثقافتها وحقها في التمتع بالحقوق ذاتها التي تتمتع بها الأكثرية··؟ بل إن ما يحدث في كوسوفو تحت حكم الصرب ليس فقط حرمانا من تلك الحقوق الأساسية، بل هو تطهير عرقي يهدف الى إجلاء كل المواطنين من أصل ألباني عن مدنهم وقراهم واستبدالهم بمواطنين صرب، هذا لعمري يؤكد منتهى التطرف والفاشية والاضطهاد القومي· أليس ذلك كافيا لتدخل قوى دولية لحماية حقوق هذه الأقلية المضطهدة؟

هل يمكن تبرير القتل الجماعي، والتطهير، والاعتقال والكبت تحت شعار حقوق السيادة؟ ثم من يحدد سيادة حكومة على شعب من دون منح هذا الشعب حقوق التعبير عن وجهات نظره، وحقه في اختيار الحاكمين؟ لقد أصبح شعار حقوق الإنسان أساسا مهما في تحديد مدى شرعية الحكومات في الولاية على الشعوب، ولا يجوز القبول في عصرنا هذا بأن تتولى سلطات جائرة الحكم في دول من دون مراعاة حقوق هذه الشعوب·· بل إن منظمات حقوق الإنسان أخذت تجادل حتى الدول الديمقراطية العريقة، سواء في أوروبا الغربية أو أمريكا الشمالية، في مدى شرعية بعض القوانين والإجراءات المتبعة لديها عند التعامل مع الشعوب والأفراد داخل بلدانها·· وإذا كان العالم يمر بمرحلة انتقالية في العديد من دول العالم في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا وروسيا وأمريكا اللاتينية للانتقال من الحكم الشمولي الى الحكم الديمقراطي، فإنه من الواجب أن تتعزز قدرات هذه المنظمات للدفاع عن حقوق الإنسان في كل مكان في العالم··· كما أن تدخل الدول ذات السطوة، سواء بتفويض من الأمم المتحدة أو دون ذلك، من أجل تحقيق الديمقراطية، أو منع جرائم الحكومات المستبدة يصبح تدخلا محمودا، ولا بد من إقرار شريعته···

ومن المثير للشفقة قيام عدد من الكتّاب العرب والذين عانى البعض منهم الاضطهاد من حكوماتهم، خلال مراحل أعمارهم المختلفة، بالدفاع عن حكومة الصرب في يوغسلافيا ومجادلة حلف الناتو في حق التدخل من أجل حماية ألبان كوسوفو··· لا شك أن هناك عقدة لدى هؤلاء من الولايات المتحدة، وربما تكون هناك بعض الأسباب المنطقية لذلك، مثل موقف الولايات المتحدة من الصراع العربي الإسرائيلي وتحيزها للموقف الإسرائيلي، لكن هل يمكن التستر على جرائم الصرب ونكران حق العالم المتحضر لتحرير بيئته من العنصريين وأساليبهم؟ إن دول الاتحاد الأوروبي لا تقبل أن يكون ضمن محيطها وجود لحكم عنصري يتعامل بوسائل إجرامية مع الشعوب التي يحكمها··· وقد لا يكون هناك الآن مجال لإبقاء شعب كوسوفو تحت ظل حكم يوغسلافيا بعد ما لاقى من اضطهاد وتعذيب وتطهير على أيدي الحكام الصرب الحاليين·

إن ما يلاحظه المرء من تعليقات وآراء في الصحافة العربية، وكذلك من بعض التصريحات الحكومية يجعله يشعر بالاستغراب والتعجب أمام واقعنا الفكري والثقافي العربي· ولا بد من الإقرار بأن هذا الواقع يؤكد أن العالم العربي يعيش مرحلة من التخلف ندر وجودها حتى في دول أفريقيا جنوب الصحراء، والتي يفترض أن تكون من أكثر دول العالم الثالث تخلفا سياسيا واقتصاديا··· وعلى هؤلاء أن يعوا بأن العالم يمر الآن بمرحلة مهمة من تاريخه، بحيث باتت القيم القديمة التي تعطي للحكام حق اضطهاد شعوبهم وجلدهم والتصرف بهم كالقطيع قد انتهت في ظل التواصل الإعلامي والثقافي، وأصبحت مفاهيم التدخل مقبولة إذا كانت تتعلق بحماية البشر من البطش والإرهاب··· وقد تكون تجربة التدخل في يوغسلافيا من أجل إنقاذ ألبان كوسوفو بادرة جيدة وسابقة يمكن تكرارها لإنقاذ شعوب كثيرة في عالمنا الثالث من البطش والإجرام!

�����
   

جهل المتطرفين بالحسبة:
محمد مساعد الصالح
تمييع الاستجوابات:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
تعيين وكيل:
د.مصطفى عباس معرفي
الحكومات العربية وحقوق الإنسان:
يحيى الربيعان
الحاج العراقي:
إسحق الشيخ يعقوب
حول مفهوم السيادة!:
عامر ذياب التميمي
حرية الطباعة والنشر:
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله
اللعب على المكشوف!!:
سعاد المعجل
تناقضات(الحلقة الثانية عشرة):
محمد سلمان غانم
خبز خبزتوه أكلوه:
أنور الرشيد
المؤتمر القومي العربي التاسع
نضال الخنادق.. أم صراع الفنادق؟:
داود البصري - أوسلو
إن كنتم تجرؤون على رد الاعتبار فأعلنوها!:
ياسر الحبيب
أين قضية ضحايا مصر في العراق؟!:
حميد المالكي
قوائم الطائفية والقبلية!!!:
فوزية أبل