رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء28ذي الحجة1419 - 5 محرم1420 -14-20 أبريل1999
العدد 1372

المؤتمر القومي العربي التاسع
نضال الخنادق.. أم صراع الفنادق؟
داود البصري - أوسلو

لقد أصبح من الأمور المعتادة في دنيا السياسة العربية وخصوصا بعد أحوال التدهور العربي الشامل إثر سلسلة الحروب الحمقاء التي شهدتها المنطقة بدءا من "قادسية صدام" التي دشنت مخططات التدويل للنزاعات المحلية ووصولا إلى "أم المعارك" المعروفة بعاصفة الصحراء والتي أجهزت بالكامل على الأطلال الباقية من النظام العربي، نقول: بات معتادا أن نرى بعض التجمعات السياسية والثقافية العربية وهي تحث الخطى وتهرول باتجاه خلق تجمعات واجتماعات لمتابعة أحوال الأمة! حسبما يدعون ولمناقشة المستجدات الطارئة في دنيا العروبة وهي مستجدات سلبية وبائسة في مطلق الأحوال والظروف! وضمن هذه المناخات المعروفة انعقد في بيروت منتصف الشهر المنصرم "مارس" المؤتمر القومي العربي التاسع في فندق كارلتون  البيروتي العريق وتحت صليل من الشعارات الكلاسيكية التي تجاوزها الزمن وأرهقتها التطورات الدولية المتسارعة، وساهمت في تهميشها الهزائم اليومية المخجلة التي تعيشها بعض الأنظمة العربية المنتحلة للشعارات والمبادىء القومية والتي تتعيش على هذه المؤتمرات وهذه الشعارات، وتتفنن في تبرير الهزائم والانكسارات على خلفية التبرير المعروف "حدة الهجمة الإمبريالية والصهيونية" من دون أن تكون مستعدة لمناقشة وتحليل عناصرها الذاتية وتكويناتها المشوهة، أو النقص الفاضح في تركيبتها السياسية المعتمدة على تغييب عنصر المشاركة الشعبية والاعتماد على عناصر الطائفية والعشائرية، ثم انتحال الشعارات القومية لأنظمة بائسة ومفلسة يثبت تاريخ المنطقة القريب مدى انحرافها الفظيع عن أبسط مبادىء العمل القومي، وعن تضادها التام مع كل الصيغ السليمة للمارسات القومية، وتدمير الحدود الدنيا من التضامن العربي في ظل خلط الأوراق وإلباس الباطل لباس الحق والاتكاء على مبررات واهية لتمرير الخطايا القومية وهذه كلها الصور الواقعية لما تعانيه الحركة القومية العربية اليوم·· فالكراهية بين العرب صارت منهجا ثابتا في السماء العربية، وخوف الشقيق  الأصغر من الأكبر بات هاجسا مؤلما يقلق المصير العربي ككل بل ويضرب في مقتل كل الدعوات القومية الشريفة والهادفة لخلق آلية جديدة للعمل  العربي المشترك·· وينبغي تحديد مكامن الخلل، وتشخيص العناصر المسؤولة مسؤولية مباشرة عن حالة الانكماش القومي والتراجع الحضاري العربي وتدهور البناء العام لفكرة القومية العربية·· وهي الفكرة السامية التي قتلها أهلها قبل أي طرف آخر، فطيلة تسعة أعوام مضت وهي الأعوام التي تعتبر الأردأ والأسوأ في تاريخ العرب المعاصر انعقدت حوليا اجتماعات هذا المؤتمر القومي من دون الوصول إلى نتيجة أو هدف معلوم بل من دون التوصل ولو ملامسة من بعيد لأية وصفة علاجية للوضع العربي المتدهور·· ولعل الفائدة الوحيدة من هذا المؤتمر هو استفادة الفندق البيروتي من المصاريف والنثريات والمشروبات التي يستهلكها السادة المؤتمرون الذين يعقدون جلساتهم المكيفة في ظل واقع بعيد للغاية عن اهتمامات الجماهير العربية الحقيقية المسحوقة قمعا، وتضييقا، وضائقة اقتصادية خانقة تدفع يوميا بالكثير من شباب الأمة العربية للمغامرة وتنفيذ أحلام الهجرة عن العالم العربي السعيد لتكون النهاية الحقيقية لجيل المستقبل العربي المنظور في أعماق مياه مضيق جبل طارق كما هو الحال مع الشباب  المغاربي أو في أعماق بحر إيجة كما هو الحال مع شباب المشرق العربي! أي أن اللغة الجامعة للشباب العربي لم تعد سوى لغة المغامرة حتى الموت للانعتاق من ظلم الأنظمة العربية ومرارة الواقع العربي! ويقينا إن المؤتمرين لن ولم يلقوا بالا لهذه الظاهرة الرهيبة فما يهم بعضهم هو رضاء أنظمتهم الداعمة لهم!، وما يشغل بالهم حقيقة هو كيفية الخروج ببيانات عائمة لا تميز بين الفاعل والمفعول به ولا تحدد معالم ومكامن الخلل العربي، وإنما الخروج بقرارات وتوصيات  توفيقية  لمشاكل الحريات والديمقراطية والتشغيل والمشاركة الشعبية  وبشكل استحيائي وتوفيقي يفتقر للموضوعية أو المسؤولية! ثم إن هناك ثمة حقيقة ينبغي الالتفات لها تتمثل في كون 95 في المئة من المؤتمرين ليسوا سوى مجرد نخب سياسية وأكاديمية معزولة عن الشعوب العربية ولا تمثل بالتالي أمانيها وأحلامها وآمالها التي ينظر لها هؤلاء الفلاسفة من خلال بروجهم العاجية ومصالحهم الحزبية ومنافعهم الشخصية المرتبطة ضروريا بالموضوعات المطروحة وهي إشكالية تعبر عن التأثيرات الواضحة لبعض الأنظمة العربية في نشاطات وأهداف المؤتمر كالنظام العراقي على وجه التحديد وحيث حضر من العراق تسعة أشخاص في المؤتمر في إشارة خداع واضحة من السلطة العراقية حول تسامحها ونظرتها القومية الشاملة وإيمانها بكل مشاريع العمل القومي الحقيقية، بينما الحقائق المجسدة على الأرض تصرخ بخلاف ذلك تماما، وليس سرا أن بيانات المؤتمر القومي العربي وعبر سنواته الماضية أيضا تقف مؤيدة لأطروحات النظام العراقي رغم شذوذها الصارخ ومجافاتها لأبسط الصيغ القومية السليمة، ولكن يبدو لجمعية الرفق بصدام والمنتفعين بنظامه حضور كبير وفاعل في أروقة المؤتمر وكواليسه وثناياه وقياداته وهي الجمعية ذاتها التي حوّلت المؤتمر إلى لجنة عمل خيري لصالح الأيتام حينما فتحت باب التبرع للنظام العراقي بما يتيسر من الدولارات الأمريكية في مسرحية بائسة مفتقدة للتكنيك الإخراجي الناجح! لأن المؤتمرين يعلمون جليا إن العراقيين ليسوا بحاجة لدولارات ففي جعبة النظام العراقي ما يزيد عن هذه العملة المباركة والعزيزة على قلوب قادة العمل القومي! بل إن جل ما يحتاجونه هو جرعات من الحرية والديمقراطية والحق في التعبير وفي طرد الأرواح الثقيلة والشريرة التي تهيمن على مقدراتهم! وأعتقد إن للشعب العراقي كامل الحق في التعبير عن أمانيه من دون وصاية قومية ولامن الزمرة الانتهازية التي أرسلها صدام! ومع ذلك وبرغم ماجرى ويجري من فظائع يومية في العراق لم نزل نرى بعض سيوف القوم تدافع عن البغي والعدوان بعد أن تعلقه على شماعة "العدوان الأمريكي" فيما الدولارات الأمريكية الخضراء تجتاح أسواق المؤتمر الخيرية! وبعد انفضاض أعمال المؤتمر القومي البيروتي الأخير ماذا يريد دعاة هذا المؤتمر العتيد؟ وإلى متى تظل اللغة الضبابية هي السائدة لدى المثقفين العرب؟ وهل تلامس دعاة العمل القومي حقيقة مع مشاكل الجماهير العربية الحقيقية والعالم يعدو نحو الألفية الثالثة فيما مثقفونا يتقاتلون من أجل الدفاع عن الفاشية وتجميل رؤاها ومنطلقاتها العدوانية التي لم تورث العرب سوى الضياع؟ وماذا فعل هذا المؤتمر على امتداد سنواته التسع العجاف لحل المعضلة العراقية وفق منهج قومي سليم يراعى مصلحة الشعب العربي في العراق ولايتضاد مع الأقليات والمكونات القومية الأخرى للعراق؟! والجواب واضح بالطبع، ولعل أكبر مؤشراته يتمثل في حملة الاستجداء المخجلة لدعم النظام العراقي المفلس سياسيا وحضاريا، والعدو الأكبر للعمل القومي المشترك·· فيا أيها القوميون المزعومون ·· صحوا النوم·

فخلاص الأمة العربية يكون في التفاعل مع مشاكل الجماهير وفي خنادق الصراع بكل مستوياته لا في مؤتمرات عقيمة ومن خلال أروقة الفنادق المكيفة، وثمة فروق هائلة بين المتخندقين والمتفندقين·

�����
   
�������   ������ �����
 

جهل المتطرفين بالحسبة:
محمد مساعد الصالح
تمييع الاستجوابات:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
تعيين وكيل:
د.مصطفى عباس معرفي
الحكومات العربية وحقوق الإنسان:
يحيى الربيعان
الحاج العراقي:
إسحق الشيخ يعقوب
حول مفهوم السيادة!:
عامر ذياب التميمي
حرية الطباعة والنشر:
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله
اللعب على المكشوف!!:
سعاد المعجل
تناقضات(الحلقة الثانية عشرة):
محمد سلمان غانم
خبز خبزتوه أكلوه:
أنور الرشيد
المؤتمر القومي العربي التاسع
نضال الخنادق.. أم صراع الفنادق؟:
داود البصري - أوسلو
إن كنتم تجرؤون على رد الاعتبار فأعلنوها!:
ياسر الحبيب
أين قضية ضحايا مصر في العراق؟!:
حميد المالكي
قوائم الطائفية والقبلية!!!:
فوزية أبل