أين قضية ضحايا مصر في العراق؟! هذا السؤال يتردد كثيرا في الأوساط كافة التي استقبلت الكشف عن جريمة قتل النظام الصدامي لأكثر من خمسة آلاف من أعزائنا المصريين في العراق وإرسالهم الى مصر جثثا هامدة بالسخط والاستنكار ومطالبة مجلس الأمن والجامعة العربية بمقاضاة النظام الصدامي وتقديم صدام وعصابته الى محكمة جرائم دولية· وفى ضوء تلك المطالبة التي أثارها الأستاذ إبراهيم سعدة، قدم عدد من نواب الشعب المصري طلبا لمناقشة الموضوع واستمرت الصحف بالكتابة، ثم بدأ نشاطها يخف وصوتها يتوارى شيئا فشيئا وانتهت القضية برمتها ولم يعد أحد يذكرها ولو بكلمة واحدة·
ومن يراجع مقالنا المنشور في (الطليعة 13 يناير 1999) المعنون أقوال أم أفعال؟ يلمس أن المطالبات العديدة التي تضمنها المقال لم تلب أو ينفذ طلب واحد منها على الأقل، أما مقالنا المنشور في الطليعة 6 يناير 1999 فلم ينفذ كذلك أي مطلب فيه بل وحتى المطالبة برفع شكوى قضائية الى الأمم المتحدة والجامعة العربية لمحاكمة صدام وعصابته عن الجريمة الكبرى بقتل آلاف المصريين من أعزائنا وأشقائنا من دون ذنب·
ونحن في الوقت الذي لا نزال عند مطالبنا، ولكن الأولوية لقضية إخواننا الشهداء المصريين التي نرجو أن تبعث من جديد ويتبناها مجلس الشعب المصري بجدية ومنظمات الدفاع عن حقوق الإنسان في العالم والصحافة والجامعة العربية وتقديم شكوى قضائية تتضمن الوثائق والأدلة والمستمسكات الخاصة بالقضية كافة·
وعلى أهالي الضحايا أن يشكلوا لجنة أو جمعية لإثارة القضية ومتابعتها والاستفادة من تجربة دولة الكويت الشقيقة وعمل لجنة الأسرى والمرتهنين الكويتيين وغيرهم من الجنسيات لدى النظام العراق·
إن دماء أشقائنا المصريين يجب ألا تذهب هدرا وهي إحدى الجرائم الكبرى للنظام والذي يجب إضافتها الى لائحة الاتهام الخاصة بمحاكمة صدام وعصابته·
لقد أحزنتنا تلك الجريمة المروعة كثيرا وعبّر شعبنا وقواه المعارضة كافة عن استنكارهم العميق وبمزيد من الألم حيث شاركنا أولئك الإخوة الأعزاء الشهداء في تسيير العمل بالمعامل والورش والحرف والخدمات وخصوصا عندما زج صدام شعبنا بأكمله في حربه المجنونة ضد الشعب الإيراني·
وإذا كانت هناك إجراءات اتخذت ولا يعلم عنها الرأي العام فنرجو نشرها وطرحها للتداول حتى تحظى القضية بالمتابعة والاهتمام إذ لا يمكن إخفاء جريمة وبهذا الحجم اقترفها نظام ما زالت شهوة القتل والإجرام وارتكاب المجازر ويجلس على "جبل من الجماجم" حسب تعبير الملك الراحل الحسين بن طلال رحمه الله·
ويجب إبعاد القضية عن متاهات السياسة وألاعيبها والمصالح الأنانية الضيقة فهي قضية إنسانية خالصة يمكن تلخيصها بالآتي: هناك ضحايا وقتلة مع توافر الأركان المادية والقانونية كافة وركن المسؤولية الجنائية، والقتلة أحياء متربعون على كراسي الحكم الوثيرة وليس هناك أكثر من هذا الوضوح ولا يمكن تبرير أي سبب يحول دون مسار القضية ويعرقلها أو يؤجل النظر فيها· |