Al - Talea
رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 10-16 شوال 1419هـ - 27 يناير 2 فبراير 1999
العدد 1362

مسألة الترويج الاقتصادي
عامر ذياب التميمي
tameemi@taleea.com

في خضم المحاولات لإنعاش الحياة الاقتصادية قررت الكويت إقامة مهرجان "هلا فبراير" خلال شهر فبراير المقبل، وتسعى الجهات المنظمة لتفعيل الأنشطة الاقتصادية وزيادة مبيعات السلع والخدمات خلال الفترة المحددة للمهرجان·

لكن ما غاب عن بال هؤلاء المروجين أن المسألة لا تقتصر على النيات الحسنة، بل هي تتطلب وضعية مؤسسية متكاملة تساعد على نجاح أية عملية ترويج اقتصادي·· وقد يكون من المفيد أن نراجع البيانات التي نشرت مؤخرا عن رواج النشاط السياحي والتسويقي في مدينة دبي في دولة الإمارات العربية المتحدة ونتساءل عن أسباب النجاح هناك·· لماذا امتلأت مقاعد الطائرات التي توجهت الى دبي من الكويت والسعودية وبقية دول الخليج؟ ولماذا ارتفعت معدلات الإشغال في الفنادق والشقق الفندقية ومقار السكن السياحي الى ما يقارب المئة في المائة؟ ثم علينا أن نتساءل عن الأسباب التي أدت الى نجاح مهرجانات التسوق هناك على مدى الأعوام المنصرمة·· ولا شك أن هذا النجاح دفع المستثمرين الى بناء العديد من المنتجعات السياحية ومراكز التسوق والفنادق والمطاعم لجني ثمار هذا الإقبال على هذه المدينة العجيبة!

إن السر العميق في هذا النجاح هو تحرر الإدارة الحاكمة من قيود الوصاية على النشاط الاقتصادي، وهي دفعت أصحاب رؤوس الأموال لتوظيف أموالهم ضمن شروط اقتصادية متوازنة، وسهلت دخول رجال الأعمال والمستثمرين وكذلك الزوار من دون قيود معقدة· من الطبيعي أن تكون هناك شروط للزيارة واشتراطات أمنية، لكن دبي لا تبالغ في هذه الأمور، وهي تمتلك في الوقت ذاته رصيدا من المعلومات يمكنها من رصد من يتأبط شرا·· ولذلك فإن إمكانية نجاح مهرجان "هلا فبراير" تعتمد على قدرة المسؤولين على تبسيط الإجراءات وتسهيل أمور الزائرين·· ولا شك أن هذه التسهيلات سوف توضح مدى رغبة الكويت في جعل البلاد مركزا أساسيا للتسوق والانفتاح الاقتصادي·· كما إن ذلك ربما يدفع العديد من المؤسسات الاقتصادية لتطوير أعمالها باتجاه الاستعداد للتعامل مع مستهلكين من خارج البلاد·

من الطبيعي أن هناك معوقات وعقبات تواجه عملية التحول نحو الانفتاح في بلد مثل الكويت عانت من دمار الاحتلال، وما سبق ذلك من آثار الحرب العراقية الإيرانية، كما أن الانغلاق الاقتصادي بعد تحرير البلاد قد ساهم الى حد كبير في تكريس مفاهيم لا تتناسب مع عقلية الحرية الاقتصادية وقيم الانفتاح·· لكن الكويت تعتبر من البلدان ذات التقاليد التجارية، وتمتعت منذ زمن بعيد، وقبل عصر النفط، بعلاقات واسعة مع بلدان الجوار مثل العراق وإيران وبقية دول الخليج العربية، ومع الهند وشرق أفريقيا وغيرها، ولذلك فإن البنية الذهنية متوافرة لدى رجال الأعمال الكويتيين ليبنوا عليها أعمالا اقتصادية باتجاه الانفتاح على الآخرين، وإفادة البلاد من ميزات التوسع في الأعمال والتجارة·· بيد أن سنوات طويلة من الاقتصاد الريعي والتواكل وهيمنة القطاع العام قد أضرت كثيرا بقدرات الاقتصاد الوطني وجعلته أسيرا لقرارات الدولة وقدراتها··· وهكذا نرى أن اقتصادنا يتفاعل سلبا أو إيجابا مع حركة الإنفاق العام، وهو إذاً أسير ما يحدث لإيرادات النفط التي تغذي، أو تمول، ذلك الإنفاق العام·

من جانب آخر يمكن لأي مراقب اقتصادي أن يتبين مدى التخبط الذي حدث لسلوكيات المؤسسات الاقتصادية الخاصة التي يمكن أن تستفيد من مهرجان "هلا فبراير"· فمثلا قرر اتحاد أصحاب الفنادق أن يحدد أسعارا للخدمات الفندقية ويشل المنافسة مما أثر كثيرا على مستوى الخدمات·· ويمكن القول إن أسعار الإقامة في الغرف الفندقية في الكويت تعتبر مرتفعة قياسا بالعديد من المدن الخليجية، وربما تقارب أو تزيد عن معدلات الإقامة في المدن الرئيسة في العالم والتي تعتبر الإقامة الفندقية فيها باهظة التكاليف·· لكن مستوى الإشغال في هذه الفنادق الكويتية لا يبرر هذا الارتفاع، ومن ثم لا يمكن أن تكون هذه الفنادق جاذبة للزوار الذين يمكن أن يتوجهوا الى البلاد لأسباب لا علاقة لها بأعمالهم، مثل زيارات التسوق أو الاسترخاء أو تغيير المكان بين فترة وأخرى·· وتحاول هذه المؤسسات الفندقية تعويض هذا الانخفاض المهم في إيرادات الإقامة عن طريق رفع أسعار الوجبات في المطاعم، والتي تعتمد على المواطنين والمقيمين في البلاد، لكن ما يحدث أن هذا الارتفاع غير المعقول في تلك الأسعار يدفع العديد من الأبناء للعزوف عن استخدام هذه المنشآت·

إن الترويج يتطلب عناية بالمستهلكين واحتراما لعقولهم وتسهيلا لأمورهم، ولا بد أن نتعلم أن المستهلك ليس مضطرا لزيارة مكان محدد إذا تأكد له أنه سيدفع ثمنا باهظا أو يواجه وجبة من المنغصات· وفي ظل تراجع الإمكانات الاقتصادية العامة فإنه من المفيد أن يعالج أصحاب المنشآت مسألة التسعير بكثير من المعقولية، وأن لا يحاولوا الاجتهاد في تحصيل أعلى سعر لسلع وخدمات تقل تكاليفها كثيرا عن الأسعار المعلنة·· كما أن تعويض حالات الركود لا تتم خلال فترات قصيرة مثل فترات المهرجان، ومنها مهرجان "هلا فبراير"، ولكن من خلال عمل دؤوب يعتمد على كسب المستهلكين وثقتهم بالمنشآت ذات الصلة، وتطوير البلاد باتجاه تحولها الى مركز مهم للتسوق والترويح والانفتاح على الآخرين··!

�����
   

نظام يحتضر:
محمد مساعد الصالح
هل العرب لا يقرأون؟(1-2):
د.عبدالمحسن يوسف جمال
هل هناك تسوية بين الأجنحة بشأن الاغتيالات الأخيرة في إيران؟:
يوسف عزيزي
فرصة لا تعوض للمعارضة العراقية:
يحيى الربيعان
من الجزائر إلى إيران:
إسحق الشيخ يعقوب
مسألة الترويج الاقتصادي:
عامر ذياب التميمي
المائة والألف:
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله
الخطأ الأمريكي.. والخطيئة العراقية:
سعاد المعجل
تناقضات(الحلقة الثانية):
محمد سلمان غانم
نحن بحاجة إلى "إسلام صريح" حقاً:
ياسر الحبيب
قرار اللاقرار:
أنور الرشيد
لا صلة بين جمهورية أرض الصومال وزعماء الحرب:
عبدالرزاق ميعاد
أضواء على قرار ترسيم الحدود العراقية - الكويتية:
حميد المالكي
الأمن الداخلي:
فوزية أبل