رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 9 ربيع الأول 1425هـ - 28 أبريل 2004
العدد 1625

كيف نشأ التيار الجهادي؟
صلاح الفضلي
salahma@yahoo.com

البداية كانت في منتصف التسعينات وبالتحديد في مدينة بريدة عندما قامت مجموعة من المتشددين دينيا بمهاجمة مبنى الإمارة وحرضوا الناس على العصيان، ولم يكن في وسع السلطات السعودية إلا القبض على هذه المجموعة وزجهم في سجن الحائر، ومن جنبات هذا السجن تداول المحتجزون الموقف الذي يجب أن يتخذ من الدولة، هذا الحوار أنتج تيارين مثلا تنوع موقف الإسلاميين من الموضوع: الفريق الأول وهو التيار الإصلاحي الذي يرى أن النصيحة والدعوة السلمية هي الحل الأسلم وهذا الرأي يمثل الموقف التقليدي للفكر السلفي وهو الفكر المهيمن في المجتمع السعودي، التيار الآخر والذي اصطلح على تسميته بالتيار الجهادي كان يرى أن الجهاد باليد هو السبيل الوحيد لإقامة شرع الله وجهاد الكفار وجعلوا "طرد المشركين من جزيرة العرب" شعارا لتحركهم، وكان الشيخ ناصر الفهد والشيخ علي الخضير والشيخ عبدالعزيز الجربوع هم منظرو هذا التيار وصائغو خطابه الفكري، وكانوا يستمدون من فتاوى الشيخ حمود بن عقلاء الشعيبي المستند الشرعي لأفعالهم·

كرد فعل طبيعي لظهور التيار التكفيري الجهادي انبثق تياران يعارضان التوجه التكفيري للتيار الجهادي، وكان التيار الأول وهو ما أطلق عليه التيار الصحوي وتولى الرد على الخطاب الفكري للجهاديين، وكان من أبرز رموز هذا التيار الشيخ سلمان العودة والشيخ سفر الحوالي والشيخ عايض القرني والشيخ محسن العواجي الذين "اعتدل" خطابهم الفكري بعد أن كانوا محسوبين على الجناح المتشدد من السلفية، وهم يستأثرون بحصة كبيرة من تأييد الشباب، وعلى الرغم من معارضتهم بعض الأوضاع المحلية ومطالبتهم بالإصلاح إلا أن السلطة سمحت لهم بحيز واسع من الظهور الإعلامي رغبة في تحجيم التيار الجهادي والرد على أفكاره·

التيار الثاني الذي برز كنقيض للتيار التكفيري في توجهاته كان تيار ما اصطلح على تسميته بسلفية المدينة أو الجامية نسبة الى الشيخ محمد بن أمان الجامي وهو في الأصل من أهل الحبشة وقد توفي قبل سنوات قليلة، ثم تزعم التيار من بعده الشيخ ربيع بن هادي المداخلي وهو من أهل نجران وكان قد تتلمذ على يد الشيخ الجامي، يمكن القول إن تيار الجامية هو أقرب ما يكون الى توجه المؤسسة الدينية المتمثلة في هيئة كبار العلماء ولذلك تجد فتاوى وطروحات علماء المؤسسة الدينية مثل ابن باز وغيره حاضرة في أدبياتهم، ولكن التيار الجامي قد يكون أكثر وضوحا وتصريحا بتأييده المطلق للحكومة السعودية ومهاجمة أفكار معارضيها، ولهذا السبب يتهم التيار الجهادي أتباع التيار الجامي بأنهم تحولوا الى وشاة ومخبرين في يد السلطة السعودية، ونتيجة لدفاعه عن السلطة وتبديع الأفكار التكفيرية للتيار الجهادي تبنت الجهات الرسمية هذا التيار على الرغم من ضعف حضوره وقلة أتباعه·

المراقب للتطور الزمني للتيار الجهادي يلحظ أن أكبر نقلة حدثت لهذا التيار هي في الفترة التي بدأت فيها حركة طالبان بالسيطرة على أفغانستان حيث وجد فيها الكثير ممن التحق من السلفيين الذين جاؤوا من السعودية المثال الصحيح للخلافة المسلمة وبادر الكثير منهم الى مبايعة الملا محمد عمر كخليفة للمسلمين، وكان رجوع كوادر التيار المتشدد للفكر الذي كانت تتبناه حكومة طالبان الى السعودية بمثابة نقلة نوعية في تطور هذا التيار حيث شكل لهم وصول طالبان الى السلطة المثال الذي يجب أن يحتذى في كيفية السعي الى إقامة "دولة الإسلام" ولذلك اعتبروها المثال الوحيد للإسلام الصحيح وكفروا باقي الأنظمة، وكان أحد منظري هذا الطرح عصام البرقاوي المعروف بأبي محمد المقدسي صاحب كتاب "الكواشف الجلية في كفر الدولة السعودية"·

كان الشعار الذي رفعه التيار الجهادي هو "إخراج المشركين من جزيرة العرب" ولذا كان من المنطقي أن تكون أولى العمليات التي قام بها أفراد هذا التيار هي مهاجمة القواعد العسكرية التي كانت متواجدة في السعودية· حتى هذا الوقت كانت الحكومة السعودية تحاول التصدي للفكر التكفيري - الجهادي من خلال الدعوة الى الحوار وتصحيح الأفكار التي يحملها هؤلاء وكان ذلك عن طريق علماء المؤسسة الدينية الرسمية الممثلة بهيئة كبار العلماء ومشايخ التيار الصحوي وخاصة سفر الحوالي ومحسن العواجي، ولكن وبعد أن قام هذا التيار بالممارسة الفعلية لما يعتقده من خلال ممارسة العنف ما كان بمقدور الحكومة السعودية أن تسكت على ما حصل وهي التي كانت تفاخر بالأمن والاستقرار الذي تتمتع به المملكة، ولذا قررت التصدي المسلح لهذا التيار وزجت بالكثير من المتعاطفين مع هذا التيار في السجون وقامت بحملة إعلامية مركزة ضد أفكاره وأصبح الإعلام الرسمي يصفهم "بالفئة الضالة المنحرفة"·

بعد عمليات مهاجمة المواقع العسكرية الأمريكية التي كانت ذروتها عملية الخبر 1996 توسع "نشاط" التيار الجهادي ليشمل حتى المدنيين من رعايا الدول الغربية، وحتى هذا الوقت كانت قيادات هذا التيار متماسكة لكن نقطة التحول المهمة في مسيرة هذا التيار كانت بعد العملية التي استهدفت العام الماضي مجمع المحيا بالرياض والذي كان غالبية قاطنيه من العرب، نقطة التحول التي حدثت تمثلت في ظهور علي الخضير وناصر الفهد وبعد ذلك أحمد الخالدي وهم رموز هذا التيار على شاشة التلفزيون السعودي يعلنون فيها تراجعهم عن فتاواهم السابقة وتنديدهم الصريح بعملية المحيا، بعد ما حدث من انسحاب الخضير والخالدي كقيادة منظرة لهذا الخط من المشهد فيما سمي "بتوبة الشيخين" ووفاة الشيخ حمود الشعيبي حدث فراغ كبير على مستوى الغطاء الشرعي الذي كان يستظل به أنصار هذا التيار، وشكل ذلك صدمة كبيرة لهذا التيار ولذا شكك البعض بصحة اعترافات "الشيخين" وأنها ربما تكون قد صدرت عن إكراه فيما حمل البعض بشدة عليهما باعتبار أنهما ضعفا وانحرفا عن "الجادة"·

بعد فترة من الاضطراب استوعب هذا التيار صدمة "توبة الشيخين"، ولجأ الى الإنترنت كوسيلة فعالة لنشر أفكاره ونشاطاته من جهة وكطريقة ميسرة للتواصل بين خلايا هذا التيار من جهة أخرى بعد أن أغلقت عليه جميع منافذ التحرك في الساحة المحلية نظرا لإيقاف المئات من أئمة المساجد الذين كانوا يمثلون الرافد الذي يستغله هذا التيار لنشر أفكاره بين الناس·

حتى بعد عملية المحيا استمرت عمليات التيار الجهادي في التركيز على تجمعات من يسمونهم بالكفار من رعايا الدول الغربية ولكن وبسبب الحملة الشرسة التي شنتها عليهم أجهزة الأمن السعودية لم يجد أفراد هذا التيار بدا من المواجهة المباشرة مع مؤسسات الدولة وبشكل أكثر تحديدا مع المؤسسات الأمنية، ولعل العملية الأخيرة بمهاجمة مقر الأمن العام القديم هي أولى حلقات المواجهة المباشرة مع الدولة، والتي يبدو أنها ستتبعها حلقات كثيرة·

 

salahma@yahoo.com

�����
   

من يراقبهم؟:
سعود راشد العنزي
كيف نشأ التيار الجهادي؟:
صلاح الفضلي
هل يحدث هذا في الكويت؟:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
ارستقراطية مكة الجديدة:
سعاد المعجل
حوادث المـرور:
يحيى الربيعان
"إبــــــل" الترشيد:
عبدالحميد علي
أزمة فكرية!:
عامر ذياب التميمي
إلى متى التجاوزات على أراضي الدولة:
م• مبارك عبدالله البنوان
الإرهاب الديني:
د. محمد حسين اليوسفي
"بوش" هو المسؤول!!:
عبدالله عيسى الموسوي
تعريف "الإرهاب"
بكلمة واحدة؟·· "إسرائيل"!!:
د. جلال محمد آل رشيد
التطـرف: ثلاث صــفات مشـتـركة:
خالد عايد الجنفاوي
خطوة كبيرة على طريق ذوبان الجليد
الرياضة والعلاقات العراقية الكويتية:
حميد المالكي
المنتديات والمؤتمرات الإصلاحية:
رضي السماك