بعد الجدل الطويل حول الإصلاح الذي رأى الجميع أن مفتاح البداية له هو تغيير المناطق الانتخابية التي على ضوئها سيتشكل مجلس الأمة المقبل الذي من المفترض أن يقود عملية الإصلاح السياسي في البلد·
هذا الاندفاع جعل الحكومة تسابق القوى السياسية للفوز بسبق الإصلاح قبل غيرها فسارت في إعداد تصورين للتعديل كان الهدف من أحدهما التمويه كي ينجح الآخر وبدأت تهدد أنها لن تصوت إلا مع أحد تصوريها وإلا فلا·
وهنا بدأت القوى السياسية والحكومة تلعبان "سياسة" وكان أن تعجلت القوى السياسية بقبول التصور الحكومي الأول "الوزاري" ليصبح هو خيارها بدلا من أن تساوم الحكومة على "الخمس مناطق"، وهنا شعر "نواب الحكومة" أنهم خارج اللعبة بالكامل وأن القوى السياسية ركبت الموجة الحكومية بفن وحنكة وأنها سحبت البساط منها·
فما كان منها إلا أن جمعت صفوفها واجتمعت اجتماعات عدة لتنظم صفوفها وتحاول التعلق بالحكومة وإشعارها بخطر الموافقة على التعديل "أصلا" لأن أي تعديل للدوائر سيفقدها مقاعدها لا محالة وخاصة أنها نجحت في الوصول الى المجلس من خلال نقل الأصوات والاستعانة بأصوات حكومية عدة هنا أو هناك·
وتحرك بعض الوزراء لدق ناقوس الخطر خاصة بعد أن رأوا إجماع القوى السياسية على التقسيمة الوزارية التي اتهموا بها وزير العدل الذي قد يكون كبش الفداء المقبل وعملوا على إبطال عملية "الإصلاح" كلها، ولن يتم ذلك إلا باقتراح جديد يتقدم به بعض النواب وتشترك الحكومة معهم بالرغم من التزامها الأدبي والمعلن للوقوف مع أحد تصوريها والتصويت عليه، لإحالة الموضوع برمته الى لجنة الداخلية والدفاع البرلمانية لتبدأ القصة من جديد·
وعليه فإن دور الانعقاد المقبل سيكون صراعا سياسيا عنيفا بين جهتين: الأولى تمثل القوى السياسية والأخرى تمثل الحكومة وأعوانها بعد أن تكشفت الأوراق - إلا ما ندر - في هذا الدور وكشف كل نائب عن موقفه الحقيقي·
والدور المقبل سيكشف الأمور بشكل أوضح بعد أن توقفت عجلة الإصلاح في هذا المجلس عند محطة الدوائر الانتخابية وأصبح الإصلاح في خبر كان· |