رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 5 جمادى الأول 1425هـ - 23 يونيو 2004
العدد 1633

مســـألـة الحــوار
عامر ذياب التميمي
tameemi@taleea.com

أثيرت مسألة الحوار بين القوى السياسية في الكويت أخيرا كمدخل للتفاهم بين مختلف التيارات السياسية والفكرية في البلاد من أجل التواصل بين هذه القوى والاتفاق على مشروع إصلاح تنموي وطني، لكن ما يغيب عن بال الداعيين لمثل هذا الحوار هو تحديد المسائل المحورية في عملية الإصلاح وكيف ينظر لها من قبل أي فصيل سياسي أو تجمع ثقافي، وربما لا تتوافق المنطلقات مما يعيق عملية التواصل، كذلك ربما نجد قوى رؤيتها للإصلاح لا تتوافق مع منطلقات قوى أخرى مما يعني غياب الأرضية المشتركة التي تمكن من نجاح الحوار، لقد حدثت حوارات في مجتمعات كثيرة حول مسائل محددة وتوصلت الأطراف ذات الصلة الى توافق الحد الأدنى بشأنها وتمكنت من تجاوز عقبات الاختلاف، لكن ما يمكن لمسه في الكويت أن المسائل الجوهرية والأساسية التي تمثل المنطلقات الفكرية للمناهج السياسية للقوى الفاعلة في الساحة الوطنية ليست متطابقة أو متقاربة، وإذا كانت الديمقراطية هي الأساس في العملية التنموية فهل يمكن أن نقتنع بأن كل الأطراف تؤمن حقيقة بالديمقراطية والشفافية في الوقت الذي تطرح فيه منظمات سياسية رؤى شمولية حول قضايا الحريات الشخصية والمجتمعية وترفض حق إبداء الرأي أو عندما تكفر قوى، محسوبة على تيارات الإسلام السياسي، قوى أخرى وأفرادا نتيجة للاختلاف الثقافي والسياسي حول مسائل حياتية؟

يمكن أن نذكر بأن القضايا الأساسية لأي مشروع تنموي في الكويت تتركز على مسائل محددة·· من أهم هذه المسائل ما يتعلق بتطوير التجربة الديمقراطية وتعزيز دور المواطنين في عملية صناعة القرار، ولن يتأتى تحقيق ذلك دون إشراك كل فئات وطوائف المجتمع في العملية السياسية يعني ذلك توسيع قاعدة المشاركة وإشراك المرأة في ممارسة الحقوق السياسية بما يشمل الانتخاب والترشيح للمجالس المنتخبة مثل المجلس البلدي ومجلس الأمة، هل تتفق القوى ذات التوجهات الإسلامية، التي رفضت حتى الآن إنجاز أي تعديلات على قانون الانتخاب، على تمرير هذا التعديل، وهي تملك عددا من الأعضاء المحسوبين عليها داخل مجلس الأمة؟ إذا تم التوافق على هذه المسألة فإن عقبات أساسية ستزال من أمام عملية الحوار الوطني ويصبح السبيل ممهدا لإنجاز مشروع برنامج وطني متفق عليه، كما أن عملية التنمية الديمقراطية تتطلب تعزيز دور الأحزاب والقوى المنظمة في الحياة السياسية وتغليب ذلك على دور الطوائف الدينية أو التجمعات القبلية، وهي تجمعات لا تتوافق مع متطلبات العصر، ومن المؤكد أن تتوافق مختلف القوى على هذه المسألة، بعد ذلك تأتي قضية الإصلاح الاقتصادي، وليس هناك من تصور مخالف لكون أن القوى السياسية في الكويت تتفق على تطوير الأداء الاقتصادي من خلال تعزيز دور القطاع الخاص وتقليص هيمنة الدولة على المنشآت الاقتصادية وكسر الاحتكار وفي الوقت ذاته تعزيز العدالة الاجتماعية وتحسين عملية توزيع الدخل والثروة في البلاد، قد تكون هناك بعض الطروحات، حتى داخل كل مجموعة سياسية، حول مسألة التخصيص ومداها وتأثيراتها على حقوق العاملين والمستهلكين وكيف يمكن تجاوز التأثيرات الجانبية التي يمكن أن تؤثر على المستويات المعيشية للفئات الشعبية أو ذات الدخول المتوسطة، لكن أي عملية إصلاح اقتصادي لا بد أن تثير التفاوت في وجهات النظر، وهي أيضا ستلحق بعض الآلام لفئات اجتماعية، على الأقل في المدى القصير، ومن ثم يجب التعامل مع هذه المسألة بعناية وتوفير آليات إصلاح اقتصادي متناغمة مع حماية الأفراد والفئات وبتدرج معقول ودون إبطاء في الإصلاح حتى لا يأتي اليوم الذي تتم فيه هذه العملية بأسلوب الصدمة، أما القول بأن عملية الإصلاح أو التخصيص قد لا تتوافق مع الالتزامات الدستورية فهو مردود عليه حيث إن القطاع العام في البلاد لن يتلاشى، وهو لم يزل قائما حتى في البلدان الرأسمالية التقليدية، بعد ذلك يجب التوافق على إصلاح بنية المالية العامة وتوفير مواد سيادية تعضد موارد النفط وكذلك إنجاز إصلاحات على بنية الإنفاق العام بما يخفض من التكاليف، ولا شك أن برامج تحويل الملكية ستساهم في مثل هذا التخفيض·

تأتي بعد ذلك مسائل الحريات المجتمعية والشخصية وهناك لا يمكن لأي طرف ديمقراطي أن يقبل بتدخل الفئات أو المؤسسات، مهما كانت هويتها، في إلزام الناس بما يهوون من سبل ترفيه أو تمتع بالفنون بمختلف أشكالها موسيقية أو سينمائية أو فنونا تشكيلية أو مسرحية وغيرها، إن مثل هذا الحرمان من التمتع لا بد أن يعني التعسف والتعدي على الحريات الشخصية والخاصة، خصوصا إذا كانت ممارسة تلك الحريات لا تمثل تعديا على المجتمع وحقوقه وما حدث في الكويت أخيرا من تدخل أو وضع ضوابط علي الحفلات الغنائية والموسيقية مثل تعديا صارخا على الحريات وعطل قدرة الناس على التمتع، خصوصا أن تلك الحفلات لم تأت بمنكر أو تجاهلت طبيعة الواقع الاجتماعي في البلاد، وكما هو معلوم أن الكويت، ومجتمعها القديم، قد أكدت الاعتدال في التعامل مع هذه القضايا وأكدت على مر السنوات والعقود أنها تحوي مجتمعا متسامحا يميل الى الفرح وليس العبوس نظرا للطبيعة الحضرية التي اكتسبها مذن نشأته الأولى·

ماذا بعد؟ هناك قضايا العلاقات العربية والخارجية، كما هو معلوم أن الكويتيين دأبوا على مناصرة القضايا العربية، وهم عرب منذ أزل بعيد، وقد أكدوا على مناصرة الفلسطينيين في صراعهم الوطني ضد الاحتلال الإسرائيلي، ولذلك فإن المزايدة عليهم في هذا الأمر ليست مفيدة، ويمكن القول بأن كل القوى السياسية في الكويت تؤكد على حق الفلسطينيين في إقامة دولة فلسطينية مستقلة بموجب قرارات الأمم المتحدة وحق تقرير المصير، هل يعني ذلك المزايدة على الفلسطينيين في وسائل تحقيق دولتهم المستقلة، وهل يعني دعم وتمويل وتبني عمليات الانتحار في الساحة الفلسطينية في الوقت الذي يعبر عدد كبير من الفلسطينيين رفضهم لهذه العمليات؟ المطلوب هو اتخاذ مواقف واقعية بشأن المسألة الفلسطينية تتماشى مع ما هو مقبول عربيا ودوليا ومتسقا مع حل النزاع العربي الإسرائيلي من خلال المفاوضات وعلى أساس الأرض مقابل السلام، أما مسألة العلاقات مع الغرب، والولايات المتحدة الأمريكية تحديدا، فإن الأمر يتطلب وعيا واقعيا بأوضاع الكويت الإقيمية وأهمية التحالف مع الغرب لحماية أمن البلاد وأمن الخليج العربي، لا يعني ذلك عدم انتقاد السياسات الأمريكية والغربية عندما يكون هناك موجب حقيقي، لكن يجب أن يكون الانتقاد من موقف الصداقة وليس العداء ورفض الآخر·

 

 tameemi@taleea.com

�����
   

إقالة العبدالله والفهد ضرورة:
عبداللطيف الدعيج
التأجيل والتعديل:
المحامي نايف بدر العتيبي
آخـر وقـفة
الفوضى السياسية·· إلى متى؟:
د·أحمد سامي المنيس
لماذا تغير موقف الحكومة؟:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
يا سبحان الله!!:
زيد بن سالم الأشهب
كلمات احتبست في الحلق:
د.ابتهال عبدالعزيز أحمد
حلقات الذكر وحلقات الفكر(2):
فهد راشد المطيري
"أرجوك تزوجني":
م. مشعل عبدالرحمن الملحم
مســـألـة الحــوار:
عامر ذياب التميمي
تقسيم العراق:
د. محمد حسين اليوسفي
السلبيات في "برجتنا" الديمقراطية:
عويشة القحطاني
تهانينا لمجلس الجالية·· ولكـن!!:
نبيل عناني
.. وللجدار إيجابياته:
عبدالله عيسى الموسوي
مجلـس خالي الدسـم:
عبدالخالق ملا جمعة
أضواء على التعداد العام في العراق:
حميد المالكي
مغزى انتصار "سخنين" الرياضي:
رضي السماك