رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 3 يوليو 2006
العدد 1735

الديمقراطية والإصلاح السياسي وحرية التعبير
د. محمد عبدالله المطوع
malmutawa@albayan.ae

حينما تكون في مدينة تعود في قدمها إلى آلاف السنين طوت خلالها مراحل عديدة من  صراع الإنسان مع الحياة وتصميمه على البقاء، ترى معادلة صعبة، فالتحديات دائماً تخلق الإنجاز والتطور، وربما تؤدي إلى الصراع، وحين ذاك، يصبح خيار الإنسان صعباً، فإما البقاء أو الفناء، لذلك اتجه الفلاسفة نحو التركيز على  أهمية التساؤلات بدلاً عن الإجابات، فالسؤال هو الذي يخلق آليات الإجابة، وفي الوقت نفسه يترك مجالاً لحرية التفكير، وعليه فإن مقولة أنا موجود إذاً أنا أفكر، أو العكس أنا أفكر إذاً أنا موجود!!! تلك المقولة التي فاه بها الفيلسوف الفرنسي ديكارت والتي  ساهمت في بداية عصر النهضة في أوروبا·

لا يزال التساؤل مطروحاً في عالمنا العربي والإسلامي الذي شهد حضارة مبهرة على مدى قرون عديدة في الماضي، حول مستقبل هذا العالم  ومصيره وهل يبقى على هامش التاريخ؟· لقد تعددت الإجابات عن هذا التساؤل وخاصة في القرن الماضي، الذي تقدمت فيه البشرية في  المجالات كافة سواء في العلوم الطبيعية أو العلوم الاجتماعية، وفيه أيضاً أعيد الصراع للمنطقة الأولى أو المربع الأول، وكأن التاريخ يتكرر ويعيد نفسه ولكن بصورة جديدة، وظل حلم الإنسان في المدينة الفاضلة هو الأمل، بين نظريات مختلفة ومتعارضة بين هذا وذاك·

إن تلك الحضارة بحاجة إلى دراسات عميقة للكشف عن دورها الريادي في تقدم الإنسانية وبحاجة كذلك إلى معرفة دور الإنسان الذي صنع تلك الحضارة، وعن أسباب تدهورها في القرون الأخيرة مما حدا بالكثير من أبنائها إلى الهجرة إلى أرجاء المعمورة، في سبيل حياة أفضل سواء في شرق آسيا أو في العالم الجديد، أو في دول المغرب العربي، فقديماً كان ابن خلدون وحديثاً محمد عابد الجابري، والذي أكد على جذوره التاريخية في حضرموت!!

وذلك يؤكد على أن العالم كان ولا يزال قرية صغيرة جداً، وأن الإنسان يتحرك في جميع الاتجاهات لتحقيق الحياة الفضلى، هرباً من القمع والاضطهاد تارة،أو بحثاً عن الحقيقة تارة أخرى، ألم تكن أرض بلقيس هي محك للصراع العالمي في القرن الماضي، وظلت جنة عدن حلماً لم يتحقق في الواقع، إلا إن الواقع يؤكد دائماً على أن البقاء للأقوى، وأن الخلاص لا يتم إلا بآليات جديدة تتلاءم مع الواقع وهي الآليات التي أنقذت أوروبا من العصور الوسطى ووضعتها في عصر التنوير بعيداً عن الصراعات العرقية وتعزيزاً للمشاركة السياسية بين النبلاء والعامة، ذلك هو طريق الإصلاح السياسي وحرية التعبير·

من المعلوم أن السلطة الرابعة، والتي كانت ولا تزال، الحكم والسيف المسلط على رقاب كل من يحاول أن يستغلها مهما كان وضعه السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي، فمقولة المفكر الفرنسي فولتير "قد أختلف معك في الرأي إلا أني مستعد لأضحي بحياتي من أجل رأيك!!" تبقى يانعة لأنها تعبر بشكل بليغ على أهمية احترام الرأي الآخر·

كان مؤتمر صنعاء الذي عقد قبل أيام قلائل حول الديمقراطية والإصلاح السياسي وحرية التعبير، لقاء بين الحكومات ومنظمات المجتمع المدني، لقاء بين الأطياف المختلفة للمجتمع الإنساني يمثل تحدياً جديداً لمرحلة العولمة، لذلك التناقض الواضح بين العصور الوسطى والألفية الجديدة، وتطلعات الإنسان للعيش في قرن جديد وألفية جديدة·

لعل من أهم إنجازات القرن الجديد، ونحن في أوله، أن يتم اللقاء بين السلطة السياسية ومنظمات المجتمع المدني، والتي ينظر إليها دائماً على أنها تشكل المعارضة، من الجميل أن يتم الحوار السلمي بين هاتين المؤسستين بعيداً عن الشك والريبة والتوجس، إنه عصر كسر الجمود بين طرفي المعادلة·

إنه عصر جديد ومرحلة تاريخية جديدة لغدٍ أفضل للبشرية، من دون استخدام آليات العصور الوسطى التي تستبعد الآخر أو تقوم بتصفيته·

وهنا انبرى ذلك الصديق العزيز ليقطع تسلسل أفكاري ويستفزني بسؤال:  ما هي أهمية ذلك المؤتمر الذي تعتقد أنه خطوة نحو رؤية جديدة؟!

فبدأت أسرد له بعض ما أقره مؤتمر صنعاء عن الديمقراطية والإصلاح السياسي وحرية التعبير في الجلستين الأولى والثانية وهي كما يلي:

1 - الإصلاح الديمقراطي

- الأخذ بعين الاعتبار العديد من المبادرات والمقترحات والأنشطة في المنطقة والتي شددت على القيم الديمقراطية، والمساواة، والحريات السياسية والمدنية على أساس أنها حقوق الإنسان المصونة وغير القابلة للتنازل·

- أن تتزامن الإصلاحات المؤسسية مع إصلاح الهياكل الإدارية بما فيها زيادة  وتنمية مهارات الخدمة المدنية والمسؤولية تجاه المواطنين·

- إن الإرهاب بأشكاله  وتعابيره كافة يمثل تهديداً جاداً للنمو والتطور الديمقراطي والسلام العالمي وإن العمليات الإرهابية تخلق مناخاً من عدم الثقة والرعب والتي تحط من القيم الكونية مثل حرية الفكر والتعبير، كما أن مواجهة الإرهاب تتطلب معالجة أسبابه·

- تعزيز دور الشباب في الحوار بين المجتمع المدني والحكومة ومن أجل الوصول لهذه الغاية يجب اتخاذ الإجراءات لزيادة الوعي لدى الشباب حول قضايا الحكم الرشيد، وذلك عبر وسائل الإعلام والتبادل الثقافي والمناهج الدراسية التي تتضمن مبادئ وقيم الديمقراطية·

2 - حرية التعبير

- التأكيد مجدداً على الأهمية الأساسية لحرية التعبير باعتبارها حقاً إنسانياً فردياً وحجر زاوية للديمقراطية في المنطقة ووسيلة للتأكيد على احترام حقوق الأفراد·

- الأخذ بعين الاعتبار الدور المهم الذي يلعبه الإعلام ووسائل الاتصال الأخرى في التأكيد على احترام حرية التعبير في تعزيز التدفق الحر للمعلومات والأفكار في إطار المسؤولية المهنية وفي مساعدة الناس من أجل صناعة قرارات مبنية على معرفة وفي تسهيل وتعزيز الإصلاح الديمقراطي·

- يجب على الصحافيين أن يكونوا قادرين على ممارسة حقهم في حرية التعبير دون خوف من المحاكمة أو التخويف الذي يقوض الصحافة الفعالة والتدفق الحر للمعلومات للناس، ويجب تبني إجراءات فعالة لمنع ومعاقبة أي محاكمة أو تخويف للصحافيين·

- تحسين قدرة العاملين في وسائل البث الحكومي من أجل تقديم برامج عامة تعكس وجهات النظر المتعددة·

- يجب تشجيع تطوير مجمعات المعرفة عبر تسهيل وإتاحة الوصول إلى الإنترنت وتفادي محاولات مراقبته·

- يجب عدم فرض قيود غير ملائمة على قدرة الصحافيين على جمع الأخبار بما في ذلك إتاحة حضور اجتماعات الأجهزة الرسمية·

وفي جلسة الحوار الثالثة حول دور المرأة وضمن فعاليات المؤتمر كان هنالك العديد من النقاط التي تم طرحها خلال الجلسة وهي:

- أعربوا عن القلق لطريقة تمثيل المرأة في الإعلام أوصوا بضرورة بذل الجهود لصياغة مجموعة من المبادئ تؤطر صورة المرأة في الإعلام·

- اقترحوا ازالة أي توجه يعزز التنميط والتوزيع التقليدي للأدوار بين الجنسين في مناهج ووسائل التعليم·

- شددوا على الحاجة الماسة لتفعيل الإصلاح القانوني والتشريعي في الفقرات الدستورية والقانونية التي تحد أو لا تشجع بصورة كافية دور المرأة في الحياة العامة·

- شجعوا مشاركة المرأة في مختلف العمليات الانتخابية وأهمية اتخاذ الخطوات لتسهيل زيادة انخراطها في الحياة العامة·

- أكدوا على أن الإسلام يشجع ويضمن مشاركة المرأة في الحياة العامة وتمتعها بحقوقها وبأنه لا يقف عائقاً أمام تمكينها·

كانت تلك القضايا المهمة التي ناقشها المشتركون في المؤتمر على مدى يومين، ومن خلال ذلك اتضح أن الحوار بين المؤسسات الحكومية، ومؤسسات المجتمع المدني، هي الخطوة الأولى نحو ردم الفجوة بين الطرفين، إضافة إلى أن وجود مختلف الاتجاهات الفكرية السائدة في معظم المجتمعات، وهذا يؤكد على أن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية، إذا أخذنا بعين الاعتبار أن التحاور بين أبناء الشرق والغرب، يؤكد على أهمية إيجاد آليات لحوار الحضارات وليس كما يطرح البعض بصراع الحضارات·

هز صديقي رأسه بخبث، وابتسم كمن يريد أن يهزأ مني سائلاً: ألا تعتقد أنكم وقعتم في الفخ، وأن السلطة السياسية استخدمت عشرات المثقفين والمفكرين المنتمين لمؤسسات المجتمع المدني للدعاية لها، والترويج لأفكارها، وللدفاع عن ممارستها؟·

لم أترك صديقي المزعج يفرح كثيراً، وقلت له:  في السياسة لا يوجد رابح دائم، وخاسر دائم، في السياسة قد تتبادل الأطراف الربح والخسارة، فكما أن السلطة ربحت فإن أطراف المجتمع المدني كانوا رابحين أيضاً فإن من المهم تعزيز الحديث عن الديمقراطية والحرية وحرية التعبير وإقناع الطرف الآخر على الإقرار بها·

 malmutawa@albayan.ae

�����
   
�������   ������ �����
من يدفع ثمن الصراع؟
احترام العقل الإنساني
ما بين عامي 1956- 1967!!
بوش: انقل تمثال الحرية!!
وداعاً للعاطفة... الحل هو العقل؟!
المنتدى الإعلامي العربي
الأسطورة والنفط
من هو الأهم؟
الإنسان هو الأقوى
دبي.. هي الرؤية المستقبلية
المعذرة سيد سماحة
مهلا سيد بلير!!
استراحة المحاربين
الرقم السابع يطرق الأبواب
قراءة أولى في الانتخابات
المشاركة رؤية وطنية
إرادة الإنسان هي الأقوى!!
المحافظة على حلم جميل !!!
الوطن في مرحلة جديدة
  Next Page

عندما تكلم الشعب إلى عامر الزهير:
شيخة الصانع
المرأة تعاقب مؤيديها:
المحامي نايف بدر العتيبي
نعم للنقد لا للتشويه:
د. فاطمة البريكي
الديمقراطية والإصلاح السياسي وحرية التعبير:
د. محمد عبدالله المطوع
"ودي أصدق هالنواب":
يوسف الكندري
ظاهرة عارف باشا والسنعوسي:
خالد عبد العزيز السعد
شباب في مهب الريح:
د. لطيفة النجار
ولادة استثنائية.. وتبعات مصيرية:
عويشة القحطاني
مِنْتي كفو..!:
عبدالرحمن خالد الحمود
إلى محمد العبدالجادر:
المحامي بسام عبدالرحمن العسعوسي
انتخابات الوحدة الوطنية:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
نو ..نو ..حدسو 4:
عبداللطيف الدعيج