رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 3 يوليو 2006
العدد 1735

عندما تكلم الشعب إلى عامر الزهير
شيخة الصانع

ليس حدثا عاديا أن تلتقي شخصا بمثل حماسة وصراحة وقدرة عامر الزهير ، مخرج ومنتج الفيلم الوثائقي "عندما تكلم الشعب" الذي يعتبرأحد أكثر الأفلام الوثائقية التي شهدتها الكويت مؤخرا إثارة للجدل، وهو عن الحقوق السياسية للمرأة·

فبمهارة ورشاقة فائقتين، يوثق الزهير الأحداث التي جرت مابين 7 مارس 2005 ، عندما اعتصمت مجموعة كبيرة من الناس أمام البرلمان مطالبين بالحقوق السياسية الكاملة للمرأة، و 16 مايو عندما أقر مجلس الأمة تلك الحقوق بعد عناء طويل·

يقول الزهير "عندما علمت بأن مجموعة كبيرة من النساء، ومناصريهن، كانوا يخططون لاعتصام أمام البرلمان للمطالبة   بحقوقهن السياسية، شعرت بأن حدثا كهذا يمكن أن يكون نواة لفيلم وثائقي مهم، وبالفعل، فقد كان اعتصام السابع من مارس حدثا لم نشهد له مثيلا من قبل في الكويت، أعداد المشاركين كانت كبيرة نسبيا، والتطورات الدراماتيكية التي جرت أكدت يقيني بأهمية توثيق تلك المرحلة المهمة من تاريخنا السياسي، بعد ذلك، بدأت أحرص على متابعة ما استطعت من محاضرات وندوات ومناظرات تتعلق بتلك القضية، سواء كان المجتمعون مع أو ضد الحقوق السياسية للمرأة، وذلك لكي أتمكن من رصد آراء كلا الجانبين للقصة، وقد تراكمت لدي ساعات وساعات من المادة الدرامية التي راجعتها ونقحتها لأصنع منها هذا الفيلم"·

في مجتمع اعتاد إضافة "التوابل" على الحقائق، نجح الزهير في تقديم الحقيقة كاملة ولا شيء غير ذلك، وبحسه الفكاهي ونفسه الساخرة وجرأته، صنع المخرج الموهوب فيلما وثائقيا ممتعا، ومثيرا·

يستطيع المرء أن يقول بكل ثقة بأن الكويت لم تشهد فيلما كهذا من قبل، فطوال فترة الفيلم التي تقارب الخمسة والتسعين دقيقة، يجعلك الزهير تجلس على حافة مقعدك وعيناك مشخصتان نحو الشاشة خوفا أن تفوتك لحظة ما·

"عندما تكلم الشعب" يعطيك لمحات من الداخل، ويقربك من أعماق القصة بشكل لم تكن تتوقعه، فالفيلم يحتوي على مشاهد نادرة للمناقشات الحامية التي دارت في قاعة وأروقة البرلمان، صور المخرج  بعضها،  وبعضها حصل عليها من تسجيلات البرلمان، بالإضافة إلى مشاهد أخرى نرى ونسمع بها آراء صادقة لمواطنين من الجنسين ومن مختلف الأعمار ومختلف الخلفيات الاجتماعية والمذاهب الدينية·

المشاحنات والمهاترات، والغضب، والهياج، والإحباط، ونواب يتناقشون في دواوينهم فيصبون جام غضبهم على البعض أحيانا، وأحيانا أخرى وهم يحكمون المنطق، الحركة الطلابية وهي تتخد موقفها، مسؤولون ومواطنون عاديون يعبرون عن آرائهم فيسمعون بذلك أصواتهم للعالم·

يتطرق الفيلم أيضا بشفافية إلى الدور الأمريكي في القرار الذي كسبت به المرأة حقوقها السياسية، الشيء الذي اعتبره البعض تدخلا سافرا في الشؤون الداخلية للبلاد·

ومما لا شك فيه ، فإن الفيلم أثار ردود أفعال متباينة من مشاهديه، فمنهم من اعتبره عملا رائعا يستحق كل الثناء والتقدير، فيما رأى آخرون ما هو عكس ذلك·

والبعض اعتبره فيلما محايدا ومتزنا ، غير منحاز لأي من الجانبين ، الليبراليين أو الإسلاميين، بينما اعتبره البعض الآخر فيلما يسخر من الفريق المعارض للحقوق السياسية للمرأة ويوجه ضربة مباشرة للإسلاميين الذين حاربوا مشروع قانون المرأة بضراوة·

الحقيقة التي لابد من ذكرها، هي أن الذي جعل من "عندما تكلم الشعب" فيلما وثائقيا فريدا لم يكن سوى مهارة مخرجه في معالجة موضوعه ونجاحه في إظهار الجانب الإنساني لقادة القرار السياسي في الكويت، الذين نراهم عادة وهم في منتهى الرزانة ورباطة الجأش·

الزهير يعطي مشاهديه الفرصة ليروا أحداثا ولحظات حقيقية ثم يتركهم لشأنهم ليحللوا ويفسروا ويكونوا قناعاتهم بأنفسهم، ففي الفيلم، نرى لمحات فريدة ، لم تشاهد من قبل، لهؤلاء القادة وهم يعبرون ، كل على طريقته، عن الإحباط، والإرهاق· أو الانزعاج، نراهم كما هم·

نرى رئيس البرلمان، جاسم الخرافي، وهو يفقد أعصابه،  نرى النائب جمال العمر وهو يتلعثم ويتأتئ محاولا إنهاء جملته، نرى النائب وليد الطبطبائي مجادلا بكلمات لا علاقة لها بالمنطق، كما نرى النائب أحمد السعدون في قمة تألقه وهو يقتبس مرة من الآيات القرآنية الكريمة ومرة من أبيات شعرية يحورها لتلائم المناسبة·

وبكل تقدير وإعجاب، وفي خضم الهرجلة والتشويش، يبشرنا المخرج الزهير ببصيص من الأمل ، بقدر من التفاؤل، بمستقبل أفضل، وذلك عندما يلقي ضوءا باهرا على ممثلين لقوى طلابية متعددة من شبابنا الجامعي وهم يجلسون ليناقشوا قضية الحقوق السياسية للمرأة بشكل حضاري حقيقي ، على العكس تماما مما       شاهدناه من مناقشات حادة وتلاسنات مابين السياسيين داخل البرلمان، ثم لنرى هؤلاء الشباب   وهم يتوصلون الى رأي موحد يوضحون فيه موقفهم من تلك القضية،  وبالتالي ليظهروا كقوة سياسية قادمة لابد من الاعتداد بها·

خاض المخرج الزهير معركة مريرة مع إدارة الرقابة للحصول على تصريح رسمي يمكنه من عرض فيلمه لعامة الناس ولكن وبعد أسابيع طويلة ومضنية، منعت الرقابة الفيلم مدعية بأنه "يتعارض مع المصلحة العامة"· وطبيعيا فقد استفز ذلك القرار مخرج الفيلم الذي أصر على أن الفيلم للكويتيين، عن الكويت، ومن مخرج كويتي ويتابع "لا يمكنني قبول تلك الجملة المطاطة ولا أقبل من أحد التشكيك  بوطنيتي أواتهامي بإثارة النعرات، أنا لم أحقر أو أهن أحدا في هذا الفيلم، لا الإسلاميين، ولا البدو، ولا الحضر، ولا الليبراليين، ولا النواب·

إذا شعر أحد المشاهدين أن شخصا أو فئة من الناس قد ظهر بمظهر سيء أو تفوه بما هو غير لائق، فلربما أن ذلك الشخص أو تلك الفئة من الناس هم من يقع عليهم اللوم بسبب اختيارهم طواعية لأسلوبهم الذي أرادوا به التعبير عن آرائهم في العلن"·

ولكي يثبت موضوعية معالجته لقضية الفيلم الرئيسة، يستشهد الزهير بمشهد مهم من مشاهد الفيلم هناك مشهد لمناظرة أقيمت في جمعية المحامين الكويتية أثناء النقاش، تظهر المحامية هند الشيخ بمظهر قوي وهي ترد على ادعاء النائب ضيف الله أبورمية بأن دخول المرأة البرلمان سيعطيها ولاية عامة،  وهو أمر، برأيه،  يخالف الشريعة الإسلامية، تفند المحامية هند الشيخ ذلك الادعاء بأن الولاية في الكويت قد تم حسمها لصالح أسرة الصباح مرتين، الأولى عندما أجمع الكويتيون على صباح الأول أميرا لهم قبل ما يربو على الثلاثمئة عام، والثانية في جدة أثناء الغزو العراقي الغاشم·

 وتواصل الشيخ مداخلتها موجهة حديثها لأبو رمية قائلة: إنك تتحدث عن الانتخاب والترشيح وليس الولاية، ثم تنهي مداخلتها وهي ترفع سبابتها في وجه النائب قائلة: أنت نائب ولست بوال·

ويستمر المشهد لنرى،  بعد لحظات قليلة من مداخلتها السابقة، نرى هند الشيخ وقد زل لسانها سهوا فبدت وكأنها تسخر من الآية القرآنية الكريمة "وقرن في بيوتكن"·

ويستمر المشهد كذلك لنرى مجموعة الإسلاميين المؤيدين للنائب أبو رمية   يثورون على المحامية الشيخ ، وهم محقون، فيقرعونها  أمام الجميع،   وتخسر المحامية تلك الجولة وتظهر بصورة فقدت فيها الكثير من مصداقيتها·

فإذا كنت أقصد الإساءة للإسلاميين، فهل كنت لأبقي على نهاية ذلك المشهد؟·

المخرج عامر الزهير، الذي كان تألمه واضحا من قرار الرقابة، رفض الاستسلام لذلك القرار، وقرر أن يذهب حيث يسمع صوته، فسخّر الانترنت وقام بعمل "بلوج" أو "مدونة"  خاصة به·   

"قررت أن أنضمّ للفئة العمرية المفضلة لدي - الشباب - لأدعوهم لمشاهدة الفيلم وليشاركوني آرائهم فيه"· كتب عامر الزهير في افتتاحية ومدونته·

واتضح أن قرار منع الفيلم لم ينتج عنه سوى ازدياد الاهتمام الشعبي به، ويعود الفضل الى حديث الشباب عنه فمن خلال الرسائل الالكترونية و"المسجات" الهاتفية و"المدونات" تنامى الاهتمام بالفيلم بشكل لم يسبق له مثيل، ولا زال المخرج يحصد الدعم اللامتناهي من كثير من مؤسسات المجتمع المدني الكويتي· 

وقد أتيحت الفرصة للكثيرين لمشاهدة الفيلم في عروض خاصة في معظم جامعات الكويت وبعض جمعيات النفع العام والسفارات ومؤخرا في بعض المقار الانتخابية·

ومع الأحداث السياسية التي مرت بها الكويت مؤخرا وما نتج عنها من حل دستوري للبرلمان، وبالتالي مانشهده الآن من أجواء للانتخابات البرلمانية التي تشارك فيها المرأة لأول مرة، فإننا نرجو أن يكسب المخرج الزهير معركته مع الرقابة لتتاح الفرصة للكويت وللمنطقة وللعالم بأسره فرصة مشاهدة "عندما تكلم الشعب"·

�����
   
�������   ������ �����
 

عندما تكلم الشعب إلى عامر الزهير:
شيخة الصانع
المرأة تعاقب مؤيديها:
المحامي نايف بدر العتيبي
نعم للنقد لا للتشويه:
د. فاطمة البريكي
الديمقراطية والإصلاح السياسي وحرية التعبير:
د. محمد عبدالله المطوع
"ودي أصدق هالنواب":
يوسف الكندري
ظاهرة عارف باشا والسنعوسي:
خالد عبد العزيز السعد
شباب في مهب الريح:
د. لطيفة النجار
ولادة استثنائية.. وتبعات مصيرية:
عويشة القحطاني
مِنْتي كفو..!:
عبدالرحمن خالد الحمود
إلى محمد العبدالجادر:
المحامي بسام عبدالرحمن العسعوسي
انتخابات الوحدة الوطنية:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
نو ..نو ..حدسو 4:
عبداللطيف الدعيج