إن مجتمعنا العربي يمر بمرحلة حرجة، فهناك الكثير من المشاكل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية المتراكمة التي لا يجد لها حلا حتى الآن مثل مشاكل التجنيس والبطالة والإسكان والفساد الإداري والتأمينات، إلخ·· وهذه المشاكل لا تحل إلا تحت قبة البرلمان بين السلطتين التنفيذية والتشريعية إلى جانب نضال القوى السياسية الجماهيرية من خارج قبة البرلمان·
إن القوى الموجودة خارج البرلمان أيضا لها الدور الأكبر في المساهمة في دفع النواب الوطنيين والديمقراطيين إلى طرح القضايا، الساخنة في البرلمان للسلطة التنفيذية وإيجاد حلول لها مثل قضية التأمينات وصندوق التقاعد ولكن من المؤسف أن البرلمان المؤلف من أكثرية من التيار الديني المحافظ تقوم بوعي أو من دون وعي بعرقلة الجهود المبذولة من قبل النواب الديمقراطيين والوطنيين الآخرين لتناول وطرح الملفات الساخنة والقضايا التي تهم مصالح أكثر الفئات الجماهيرية، وتحول الأنظار إلى قضايا جانبية مثل قضية النقاب، وقيادة السيارة للمرأة، والاختلاط ومنع البحرينيين من الدخول إلى الفنادق، إلخ·· وهذه القضايا ليست أساسية للشعب البحريني ولوعرف الناخب البحريني أن هؤلاء النواب المحافظين يطرحون هذه القضايا الثانوية بدلا من القضايا الساخنة لما أعطى صوته لهؤلاء النواب، هذه القوى تقوم بتأجيج الوضع الاجتماعي في البلد وتثير الجماهير على أهداف تافهة مثل ما حدث ابتداء من حملة على حفلة المغنية اللبنانية نانسي عجرم إلى قضية مشروع "الأخ الأكبر"، مما أدى إلى تأزم الوضع حتى وصل الأمر إلى تقديم وزارة الإعلام للاستجواب، وإلغاء المشروع من قبل وزارة الإعلام وانسحاب شركة MBC من البحرين، فأدى ذلك الأمر إلى الاستغناء عن 55 عاملا بحرينيا مما شكل أزمة للسلطة·
هناك أصوات داخل البرلمان دأبت على إثارة جوانب ليست لها علاقة وثيقة بقضايا الإصلاح السياسي والاقتصادي وهذه الأصوات تفكر بإثارة هذه القضايا الجانبية لجذب انتباه الناس وتريد إبراز صورتهم للناس لأنهم يجدون أنفسهم خارج الصورة وخارج واهتمام الناس إن بعض النواب الدينيين ليس لديهم وعي سياسي بما يدور على الساحة الآن ولا يعرفون ما الذي يجري فهم لايفرقون بين أهمية القضايا النضالية وغيرها ولا يعرفون النضال البرلماني الحديث وقضايا الشعب المحورية كالفساد والبطالة والحريات، إلخ···· مواصلين دورهم الوعظي في المساجد والمنابر متصورين البرلمان ميداناً للوعظ والإرشاد وليس سلطة تشريعية ولأجل مواجهة هذا التيار السلفي الذي يعيق الإصلاح السياسي والاقتصادي لجلالة الملك مطلوب من القوى الليبرالية والديمقراطية في البلد ممثلة بالجمعيات السياسية التقدمية والليبرالية وجمعيات المجتمع المدني الأخرى أن تزيد من نشاطها السياسي بين الناس وتعبئة الجماهير للعمل على مواجهة النشاط التحريضي لهذه الجماعة المحافظة عن طريق الندوات والمسيرات الشعبية والعمل الجماهيري المغاير لمسيرات ومظاهرات التيار الديني حتي يدركوا أن الشارع البحريني ليس إلى جانبهم وأنهم ليسوا الوحيدين في الساحة، وأن هناك قوى ديمقراطية أخرى تناضل من أجل الإصلاح السياسي الحقيقي في هذا البلد·
ü كاتب بحريني |