مررنا في الأمس القريب بمشهد فاضح ومخل سيساهم لا محال في تشويه صورة الكويت المشرقة وسيسجل نقطة سوداء تعكر صفو الجو الديمقراطي في البلاد وسيساهم هذا المشهد أيضا في شق الصف الوطني الذي كنا نعيشه منذ تحرير البلاد من الغزو العراقي الغاشم·
فالكثير من أهالي منطقة سلوى قاطعوا انتخابات جمعية سلوى التعاونية رفضا للانتخابات الفرعية القبلية التي أقيمت قبلها· هذه الفرعية التي أدت الى انسحاب بقية المرشحين من التنافس احتجاجا على الأسلوب غير النزيه الذي ما زال البعض يصر على تفعيله ضاربا وحدة أبناء المنطقة عرض الحائط·
والأمرّ من ذلك أن تأتي هذه الانتخابات الفرعية بعد تصديق مجلس الأمة على مشروع اقتراح بتجريم الانتخابات الفرعية وبعد أن أصبح القضاء عليها مطلبا شعبيا ينادي به الجميع·
كما أن الأدهى من هذا وذاك، أن تتم هذه الانتخابات بدعم ومساندة من قبل بعض نواب المجلس الذين يدعون المبدئية في أطروحاتهم والالتزام بنهج ديننا الإسلامي الحنيف·
فكيف يبرر هؤلاء الإسلاميون هذه الانتخابات الفرعية؟! وهم يرون اليوم - وبأم أعينهم - تبعاتها من شق لوحدة الصف وظهور بوادر الحقد والضغينة والتحامل والقطيعة بين أبناء المنطقة الواحدة·
كيف يجرؤ أي نائب إسلامي يخاف الله سبحانه وتعالى ويسعى الى مصلحة الوطن على تأييد مثل هذه الانتخابات القبلية التي لا تصب إلا في خانة الدعوة الى العصبية العمياء والتي جاء الرسول [ ليبرىء الإسلام منها وممن يدعو إليها في الجاهلية الأولى في قوله [: "ليس منا من دعا الى عصبية"·
فالشريعة الإسلامية تدعو الى رفع الموانع الموجودة بين الأفراد والمجتمعات من اللون والعرق والانتماء العائلي أو القبلي لتوحدهم تحت راية واحدة وتجعل الحدود والتمييز بينهم في مقدار التقوى "إن أكرمكم عند الله أتقاكم"·· وما الانتخابات الفرعية إلا تدنيس لحقائق الدين وبُعد عن عقلانية العقل وتعزيز لجاهلية النعرة· فوجودها عائق يحول دون تقدير واحترام البعض للبعض، ومانع كبير بين أهل الكويت· وما هدفه الظاهري إلا مصالح شخصية وفئوية، وأما الباطني فهو تمزيق المجتمع الى فئات عدة تعتمد على أسس أقل ما يمكن وصفها أنها من مخلفات الماضي·
ختاما ندعو المشرعين في مجلس الأمة من نوابنا الشرفاء سد الثغرة في قانون تجريم الانتخابات الفرعية لتشمل أشكالها كافة بما فيها الجمعيات التعاونية والنقابات المهنية وجمعيات النفع العام والاتحادات الطلابية وذلك لسد الباب على كل من تسول له نفسه العبث بوحدة الصف والكلمة، خصوصا أن الكويت تمر اليوم بمحن وبلاءات وتحديات داخلية وخارجية يصعب تجاوزها ما لم تتكاتف السواعد وتتجند العقول والطاقات في خندق واحد، وهذا لا يمكن تحقيقه بوجود أصحاب العقول الضيقة والمصالح الشخصية أو العرقية· والله سبحانه وتعالى هو المستعان· |