الإدارة العسكرية التي تدير الأمور في الجزائر من خلف الإدارة المدنية لها وضع غريب، فهي تحبط كل المحاولات السلمية التي تسعى لتهدئة الأمور في البلاد والخروج من الأزمة الخانقة التي تواجهها·
ففي السابق أجهضت نتائج الانتخابات البلدية بعد أن حقق فيها الإسلاميون تقدما، وها هي الآن تتدخل بطريقة سمجة في انتخابات الرئاسة الحالية مما تسبب في انسحاب كافة مرشحي الأحزاب السياسية عدا مرشح واحد، مما كشف الوضع بدرجة كبيرة وعرّى العسكريين بصورة واضحة فجعل بقية الأحزاب تحتج على هذه الممارسات المكشوفة لمنع الوصول الى الحكم والتعددية السياسية وتبادل السلطة بأسلوب ديمقراطي·
وهنا يُطرح سؤال كبير هو لماذا يقوم العسكر في الجزائر بالتدخل المكشوف لعرقلة العملية الديمقراطية؟ ومن الذي يدفع بهم لمواجهة الشعب بهذه الأساليب؟! ولئن قلنا في السابق إنهم يواجهون فئة واحدة هي الفئة الإسلامية فإنهم اليوم يواجهون الشعب كله بكافة فئاته ومختلف مشاربه واتجاهاته وبالتالي فإنهم يحاولون جر الشعب الى المجهول·
ويرى العديد من المراقبين أن هناك امتيازات كثيرة ومتعددة يتمتع بها العسكريون في الوضع الحالي وبالتالي فإنهم لا يريدون تغيير الواقع الحالي حتى لا تتأثر أوضاعهم المادية وعليه فإنهم الطرف الأقوى الذي يحاول منع هذا التغيير الديمقراطي وهم يسعون دائما للمجيء بأشخاص مرضي عنهم ومن الممكن توجيههم وفقا لما يريد العسكر·
ويأمل المراقبون أن يتجه الشعب الجزائري الى الهدوء خصوصا أن المرشحين المنسحبين الستة قد طلبوا منه ذلك، إلا أن المراهنة على تهدئة الشعب من دون إعطائه حقوقه وخصوصا حقه في اختيار قياداته قد لا تكون سهلة·· لذا فإن الأجواء السياسية والأمنية المقبلة تعتمد على مدى قبول الشعب بالرئيس الجديد وقدرته على العبور بالجزائر الى بر الأمان والهدوء وعلى إمكاناته للحصول على قبول دولي لانتخابه خصوصا من فرنسا والولايات المتحدة وهما الدولتان الأقرب للجزائر واللتان صرح المسؤولون فيهما مستنكرين الأسلوب الذي جرت فيه الانتخابات مما سيجعل مهمة الرئيس الجديد أكثر صعوبة وخصوصا أمام شعبه الذي ينظر إليه وإلى قادة الجيش بعين واحدة وبالتالي فإنه وصل الحكم حاملا كافة سلبيات العسكريين وهو ما سيعقّد عليه المهمة أكثر· |