رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 6 - 12 محرم 1420هـ 21-22 ابريل 1999
العدد 1373

بلا حــــدود
قراءات محمد سلمان غانم
سعاد المعجل
suad.m@taleea.com

المفروض أن نهنئ أنفسنا جميعا قبل أن نهنئ الكاتب "محمد سلمان غانم" بمناسبة حصوله على البراءة في القضية المرفوعة ضده من قبل وزارة الإعلام، لجنة الرقابة وذلك عن كتابه الذي يتناول قراءات في القرآن الكريم، من وجهة نظر اقتصادي!!

وقد كانت وزارة الإعلام قد رفعت دعوى ضد "محمد سلمان غانم" عن كتابه "قراءات في القرآن الكريم" بحجة أن الكاتب أساء للدين الإسلامي من خلال تحليله لبعض الأوامر والنواهي كالخمر، والحجاب، ولبعض الأحداث التاريخية كحروب الردة، حيث رأت الوزارة أن الكاتب قد تمادى في تحليله وتجاوز (الحدود الوضعية) التي يتفق البعض على ضرورة عدم تجاوزها!!

الذين قرأوا الكتاب، لا شك أنهم قد لمسوا حرص الكاتب على الدفاع عن الدين الإسلامي إرثا ونصا وتشريعا، وليس العكس· فالكتاب وعبر صفحاته التي تتجاوز المائة يحاول أن يفسر أسباب ذلك التراجع الذي ألم بالعالم الإسلامي، مؤكدا وفي أكثر من موقع في الكتاب أن الإسلام كدين وشريعة ومنهج بريء كل البراءة من ذلك التدهور الذي أصبحت عليه الأمة الإسلامية والذي يعود أساسا الى تدخل البشر من خلال تسخير الشريعة والنص لخدمة أهداف دنيوية وطموحات سياسية أو اقتصادية بحتة!!

لقد حاول "محمد سلمان غانم" في كتابه أن يخرج بالقرآن الكريم من خانة الترديد والحفظ والقراءة، الى فسحة التحليل والمعالجة بهدف الملاءمة مع العصر الحديث ومستجداته المتلاحقة ولم يطرح "محمد سلمان غانم" كفرا ولا إلحادا ولا تهميشا لدور القرآن الكريم في نواحي الحياة البشرية كافة!! بل طرح رؤية قرآنية اقتصادية استمدت دلائلها وأدلتها من النص الإلهي المنزه عن كل لغط أو خطأ!!

وهو أمر قد لا يسر المحتجين على الكتاب، خصوصا أن "محمد سلمان غانم" قد قدم فيه عرضا لمترادفات من القرآن الكريم لكل النظريات البشرية الحديثة التي طالما تحدى أولئك المنتفعون منها مصداقيتها وجدوى الأخذ بها!! فالكتاب يقدم مترادفا قرآنيا للفساد المالي، ولعلاقات الإنتاج وللمفاهيم المرتبطة بالبضاعة والعمل، ويستشهد بآيات قرآنية سبقت النظريات الاجتماعية البشرية ليوضح في ضوئها كيف كانت للإسلام الأولوية في تنظيم العمل وعلاقات الإنتاج، وكيف أن القرآن قد حرم السحت قبل أن تندد النظرية الماركسية بفائض القيمة، وكلاهما - أي السحت وفائض القيمة - نتاج مباشر للاستغلال الطبقي المباشر في عملية الإنتاج!! قال تعالى: {وترى كثيرا منهم يسارعون في الإثم والعدوان وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يعملون} ^·

لقد سبق أن تطرق كتّاب كثيرون لقراءة القرآن بصورة علمية مجردة· فهنالك "محمد أركون" وهنالك الدكتور "محمد شحرور"، مؤلف الكتاب الوثيقة (الكتاب والقرآن·· قراءة معاصرة) وهنالك فرج فودة، وأيضا الدكتور نصر حامد أبو زيد!! لكن تجربة "محمد سلمان غانم" تأتي كتجربة جديدة على المجتمع الثقافي الخليجي، حيث لا يزال "الملأ" أو طبقة أصحاب رؤوس الأموال ووسائل الإنتاج هي الطبقة الأكثر حظوة ونفوذا في المجتمع الخليجي!! وهو أمر قد ضاعف من وقع كتاب كهذا، ودفع وزارة الإعلام لأن ترفع دعواها تلك بحجة الدفاع عن الإسلام!!

على الرغم من أن الكاتب قد حدد هدفه من وراء كتابه هذا وذلك في أكثر من موقع حيث يقول في أحدها: "إن ترك الدين والقرآن الكريم بالذات للقوى الرجعية ولكهنوت الدين وما ينسج حوله من تفاسير وأطروحات لا علمية هو الذي جعل الدين أداة لمحاربة العلم واضطهاد العلماء والفلاسفة، بل ورجال الدين المستنيرين· ولو التفت علماؤنا من البداية الى مفاتيح العلم والنهج الصارم في القرآن الكريم وفي التراث العقلي لا الرجعي لكبار علماء وفلاسفة الإسلام لتحول الدين الإسلامي الى أداة ثورية وحجة قائمة ضد الأطروحات الرجعية والإسرائيليات الحديثة، ووسيلة للتقدم العلمي والتطور الاجتماعي والاقتصادي، ومما يؤسف له أن الجزيرة العربية التي كانت مهد الإسلام، هي اليوم من أكبر مراكز الاقطاع المالي والسياسي في العالم· ولن نتمكن من تحقيق أي تقدم علمي أو اجتماعي إلا بتغيير هذا الواقع"·

كتاب "محمد سلمان غانم" ليس كتابا خطرا ولا مخيفا ولا خارجا عن نهج الدين والقرآن!! وإنما هو صوت جهور يحذر مجتمع الجزيرة بشكل عام وينبه الى ضرورة البدء بإعادة نظر شاملة لمفاهيم اقتصادية واجتماعية ظلت هادئة وساكتة في زمن الوفرة، والذروة المالية!! هو إذاً يدعو الى صحوة صادقة وحقيقية قد نخشاها جميعا لأنها قد تربك الكثير من معادلاتنا الاجتماعية والاقتصادية الحاضرة!! وقد تثير لدينا شعورا بضرورة الاستعانة بالعنف، وكما هو حال وزارة الإعلام!! لكنها مع كل خوفنا وحذرنا تبقى واقعا قادما لا محال!!

الكتاب يأتي كمحاولة جادة للغوص في أعماق هويتنا الذاتية لكي نستطيع تحديد مسارنا ومشاريعنا اجتماعية كانت أم اقتصادية!! فالمواجهة مع الذات هي تعبير صادق عن درجة النضج الثقافي والسياسي!·

�����
   

هذا دور خطباء المساجد:
مظفر عبدالله
الفصائل الإسلامية:
محمد مساعد الصالح
الجزائر بين الرئيس والعسكر:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
استجواب وزير:
د.مصطفى عباس معرفي
الإرهاب والحروب العرقية تجارة فاشلة:
يحيى الربيعان
الناخب الجزائري:
إسحق الشيخ يعقوب
انظر حولك!:
عامر ذياب التميمي
الله يعين خطوطنا الجوية!:
مطر سعيد المطر
قراءات محمد سلمان غانم:
سعاد المعجل
قضية ورؤية
تناقضات(الحلقة الأخيرة):
محمد سلمان غانم
الدولة والتوظيف:
أنور الرشيد
انتخابات سلوى الفرعية:
د. سامي ناصر الخالدي
ذكرى أبي الأحرار مدحت باشا:
حميد المالكي
المحتسبون الصغار!!!:
فوزية أبل