Al - Talea
رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 7 ابريل 1999
العدد 1371

بلا حــــدود
ثقافة سلام جديدة
سعاد المعجل
suad.m@taleea.com

مع تلاحق الأحداث في يوغسلافيا وتزاحمها، تعود بي الذاكرة الى أيام الدراسة، وبالتحديد الجامعية منها· كنا مجموعة من الطلبة جمعنا تخصص واحد، يستعرض كل واحد منا أحلامه وخططه المستقبلية· كان المستقبل بالنسبة لنا واضح الملامح، إلا "زوران" ابن السفير اليوغسلافي في الكويت آنذاك، والذي كان يردد دائما إن من الصعب عليه أن يتخيل مستقبلا آمنا في بلده يوغسلافيا، وإنه يخطط لتحقيق أحلامه الوظيفية في بقعة أخرى من الأرض!! يومها اعتبرنا "زوران" مسرفا في تشاؤمه، وأن لا مبرر على الإطلاق لتلك التكهنات السوداوية! وكان "زوران" يُصر على أن "يوغسلافيا" ترقد فوق بركان من التناقضات الع سعاد المعجلرقية والطائفية، التي سيُشعل فتيلها الآخرون في صراعاتهم الجانبية، وأنهم لن يجدوا تربة أكثر خصوبة وثراء من التربة اليوغسلافية ليتسللوا من خلالها ويقتصوا من أعدائهم، وأن ذلك سيكون على حساب الأرض والشعب اليوغسلافي!!

"البلقان" بشكل عام هي المنطقة الأكثر سخونة من بعد منطقة الشرق الأوسط الحارة· وإشعال فتيل حرب عن طريق البلقان أمر في غاية السهولة· ويكفي أن نتذكر هنا أن الحرب العالمية الأولى قد خرجت من البلقان، وبالتحديد من قلب "سراييفو"· وكذلك كانت الحرب الثانية· والتي كان العالم يأمل أن تكون خاتمة الحروب، غير أن بداية الحرب الباردة، أو الحرب العالمية الثالثة كما يفضل البعض تسميتها، قضت على تلك الأمنيات بسيادة السلام في العالم، ودشنت مرحلة جديدة وفنا جديدا من فنون الحرب والصراع، وطال التنافس والصراع بين القوتين العظميين كل بقاع الأرض، وكل شعوبها·· حيث كانت حروب الحرب الباردة تدار بالوكالة، وكان إشعالها يسيرا وسهلا، من خلال الاختلافات العرقية والطائفية· ولا عجب أن تكون أشرس صراعات الحرب الباردة وأكثرها فتكا تلك التي تحتمي بإرث طائفي أو عرقي·

حرب "كوسوفو" الحالية تؤكد أن الحرب الباردة لم تنته وكما خيل للكثير منا، أن التوتر الروسي والأمريكي لا يزال متوهجا، وأن فترة (الانصياع) الروسي لبروتوكول النظام العالمي الجديد قد انتهت وأن القبول الروسي لكل شروط السلام الأمريكية سواء في الشرق الأوسط أو في منطقة البلقان قد أخذ في التراجع، خصوصا بعد أن بدأ النظام العالمي الجديد يفرض قيوده ويمارس عقوباته على بعض الشركات الروسية المتهمة ببيع التكنولوجيا النووية لإيران، بالإضافة الى معارضة روسيا لاستمرار الحصار على العراق، واستيائها من ذلك التهميش الواضح لدورها في مباحثات السلام العربي - الإسرائيلي· كذلك كان الغضب الروسي لاستخدام القوة ضد "الصرب"، خصوصا بعد أن زودتهم روسيا بأسلحة دفاعية متطورة وطائرات قتال حربية، مما يعني أن المواجهة العسكرية تتم وفقا للتقنيات الروسية والأمريكية!!

لقد تحمل العالم بأجمعه، ومنذ نهاية الحرب الثانية، الكثير من المآسي والحروب الدامية التي راح ضحيتها الكثيرون في أفريقيا وفي أمريكا اللاتينية وفي آسيا، واُستنزفت بسببها ثروات كبيرة، وأُحرقت خيرات أكثر!! حيث كانت الحرب الباردة وعلى امتداد أربعة عقود كاملة سببا مباشرا في كل تلك المآسي!! تماما كما هي الآن المحرك الأول للعمليات العسكرية فوق أراضي "كوسوفو"!!

قد لا ينكر أحد أن هنالك اختلافات عرقية وطائفية في يوغسلافيا!! لكنها قطعا ليست السبب الوحيد والمباشر لما آلت إليه الأوضاع في "كوسوفو"!! بل هي لا تعتبر سببا على الإطلاق في تطور الأحداث بهذه الصورة!! ولعلنا نستطيع هنا أن نستشهد بالمثال اللبناني، حين ثارت الطائفية فجأة لتقضي على الأخضر واليابس وعلى مدى سبعة عشر عاما، وذلك قبل أن تصمت أيضا فجأة وكما بدأت!!!

إن التطورات الأخيرة في يوغسلافيا تثير الكثير من علامات الاستفهام!! فالوضع كله يدعو للدهشة، حيث تتدخل قوات أمريكية وأوروبية يفترض أن تكون مسيحية، لنصرة شعب مسلم في دولة أوروبية وضد قوات مسيحية صربية!! وتلك بحد ذاتها معادلة لم تحدث أبدا في أية حقبة من حقب التاريخ البشري المدون!! ومن السذاجة بمكان أن نُرجع مسألة "كوسوفو" برمتها، لدوافع إنسانية ومشاعر مرهفة تجاه الحقوق البشرية!!

لقد تطورت الآلة العسكرية بصورة مخيفة وأصبحت تهدد الوجود البشري، وتبدلت تقنيات الحروب لتصبح أكثر شراسة ودمارا·· وسواء أكانت في "كوسوفو" أم في "العراق" أم في "هاييتي" فإن مداها يطال العالم أجمع وهو أمر أصبح يتطلب ثقافة سلام جديدة تساهم فيها كل الشعوب حفاظا على الإنسان والبيئة والحياة بأكملها!!

�����
   

حقوق المرأة السياسية في منظور الشيرازي(2-2):
ياسر الحبيب
رسالة عاجلة إلى وزير الصحة
هموم المسعفين(1):
مجموعة من فنيي الطوارىء الطبية
تناقضات(الحلقة الحادية عشرة):
محمد سلمان غانم
"ما قلت لكم"؟:
أنور الرشيد
اختفاء "علي الكيمياوي" فجّر الصراعات!:
حميد المالكي
...ونحن عنها غافلون!!:
فوزية أبل
المساءلة السياسية في مجلس الأمة:
محمد مساعد الصالح
تجميد حسابات الحكومة:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
ولا تزال التساؤلات مستمرة!:
د.مصطفى عباس معرفي
حماية حقوق المؤلف:
يحيى الربيعان
حركة عمليات مباركة:
مطر سعيد المطر
مأساة العمالة العربية!:
عامر ذياب التميمي
كوسوفا ..درس التاريخ:
سعود عبدالله
ثقافة سلام جديدة:
سعاد المعجل