وفي استفتاء وجهته إليه لجنة السيدة نرجس الكويتية كانت إجابة الشيرازي على ثلاثة من الأسئلة على النحو التالي: "ما هو نظركم في قوله صلى الله عليه وسلم: شاوروهن وخالفوهن؟ الشيرازي: الحديث غير معتبر سندا وقد استشار رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء كما ورد في جملة من الأحاديث·

ما هو نظركم في ما رُوي عن الإمام أمير المؤمنين رضي الله عنه من أنه قال: النساء ناقصات العقول؟ الشيرازي: كلام الإمام تعريض بمن قادت الجيش وليس مطلقا وقد شرحناه في كتاب الفقه - المرأة·

هل يجوز للمرأة التصدي للمسؤوليات في الدولة؟ الشيرازي: نعم"·

وقد كان لنا اطلاع مؤخرا على دراسة غير منشورة عنوانها "حقوق المرأة السياسية في التشريع الإسلامي" أعدها الشيخ عبدالعزيز الحبيب وهو تلميذ الإمام الشيرازي، وفي هذه الدراسة عرض كامل للأقوال المتعلقة بالحق السياسي للمرأة ومناقشة تفصيلية استدلالية لها، ويمكن لنا أن نعتبر النتيجة التي وصلت إليها تلك الدراسة نابعة من فكر الإمام الشيرازي وهو ما أكده صاحب الدراسة·

فمن جملة الأدلة العامة على أحقية المرأة في المشاركة السياسية، آية الشورى {وأمرهم شورى بينهم}··· {وشاوروهم في الأمر} حيث إن الخطاب في الآيتين عام من دون تخصيص، وهو ما يستفاد منه على تساوي الرجل والمرأة في هذا الشأن· كما أن اعتبار الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة من فروع الدين، تشتمل في ما تشتمل البعد السياسي بلا ريب، وما دامت الفريضة واجبة على الرجل والمرأة على حد سواء فإن مما يلحق ذلك الحق السياسي لكل منهما·

وتسلط الدراسة - المتوقع طباعتها في كتاب قريبا - الأضواء على مبايعة الناس في أوائل البعثة للرسول الأعظم [ فتثبت أنها كانت بيعة سياسية فيها الإقرار بالطاعة،وأنها ليست بيعة نبوية لأن النبي لا يحتاج إليها كي يقر بنبوته وإنما هي بعية سياسية تنصبه حاكما وواليا على من بايع، وما دامت المرأة قد شاركت في تلك البيعة السياسية فإن لها الحق اليوم في ممارسة ذات الدور السياسي مع فارق تطور أنظمة الحكم الديمقراطية الحديثة، حيث لها الحق في تشكيل الأحزاب السياسية وخوض الانتخابات النيابية، ولها الحق أيضا في تولي الوزارات ومنصبي رئاسة الوزراء ورئاسة الجمهورية ما دامت واقعة تحت شورى مراجع التقليد، وذلك بخلاف نظام الحكم في إيران الذي لا يسمح للمرأة خوض الانتخابات الرئاسية·

وأما ما ورد في الآية الشريفة: "الرجال قوامون على النساء" فإن التأويل الحقيقي لها هو في اختصاص هذه الآية بإدارة المنزل والأسرة، حيث إن الأسرة من وجهة نظر الإسلام عبارة عن مؤسسة تحتاج الى مدير وقد أوكل أمر إدارتها للرجل فهو القوام على زوجته بهذا المعنى حصرا· وإلا لو أخذنا هذه الآية على معنى سياسي - كما يصور رموز التيار الإسلاموي - لوقعت في إشكالات شرعية كثيرة، من بينها مثلا اعتبار الرجل الفاسق ذا ولاية وقوامة على النساء الفاضلات العادلات، وهذا أمر ينافي العقل فضلا عن الشرع·

وعند تطرقه لمناقشة حديث "لا يفلح قوم ولوا أمورهم امرأة، يعتبر الحبيب أن هذا الحديث ذو دلالة متعلقة بالأحداث التي جرت عقب وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم وأنه لا يمكن أن يؤخذ الحديث على إطلاقه لأنه يناقض السيرة النبوية، إذ أوكل النبي صلى الله عليه وسلم مهمات معينة الى نساء، وكان قد قال الى الإمام علي رضي الله عنه: "نفذ ما تأمرك به فاطمة"·

والحق أن المتتبع للتاريخ الإسلامي سيلحظ أن نساء صدر الإسلام مارسن أدوارا سياسية غير مرة، من بينها احتجاج فاطمة الزهراء "رضي الله عنها" على خلافة أبي بكر " رضي الله عنه "، ورفض عائشة أم المؤمنين "رضي الله عنها" لخلافة الإمام على " رضي الله عنه "، فهذان موقفان سياسيان واضحان لايمكن تجاهلهما·

 وختام القول إن أية ديمقراطية من دون مشاركة المرأة في عملية صنع القرار هي ديمقراطية منقوصة، والمجتمع الإسلامي كما يقول الشيرازي هو "مجتمع مؤسسات وفصل بين السلطات وعدالة اجتماعية وسيادة للحرية والتعددية"· وقد آن الأوان لأن تسترجع المرأة الكويتية المظلومة حقها في بناء تلك المؤسسات وإدارة تلك السلطات لأن في ذلك تحقيقا للعدالة الاجتماعية المنشودة·