Al - Talea
رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 7 ابريل 1999
العدد 1371

مأساة العمالة العربية!
عامر ذياب التميمي
tameemi@taleea.com

ردد تقرير صادر عن منظمة العمل العربية ما جاء ذكره في تقارير سابقة، وما جاء أيضا في تقارير منظمة العمل الدولية، حول واقع العمالة في العالم العربي··· ومن أهم ما ورد ذكره أن حجم العمالة العربية قد بلغ 90 مليون فرد، منهم ما يربو على 14 مليونا من العاطلين عن العمل، أو ما يقارب 16 في المائة من إجمالي قوة العمل العربية، هذا الواقع هل يمكن تجاوزه من خلال النوايا الحسنة وإصدار القرارات، أم أن الأمر مرتبط بواقع اقتصادي هيكلي، ومستند لبنية مجتمعية صعبة المراس لا يمكن وضع حد لتأثيرها من دون تبدلات في واقع القيم والمفاهيم السائدة في هذه المجتمعات العربية؟ بداية إن الأوضاع الاقتصادية المتردية والتي تزداد ترديا هي نتيجة لتدهور اقتصاديات النفط، والتي شكلت على مدى نصف القرن المنصرم العصب الحيوي للاقتصاديات العربية كافة من دون تمييز، ولذلك فإن القدرة على خلق فرص العمل تظل محدودة من دون الانعتاق من هذه الهيمنة كقطاع النفط على الاقتصاد العربي بمجمله·

وكما هو معلوم فإن القطاعات الاقتصادية الأخرى مثل الزراعة والصناعات التحويلية تواجه تراجعا لعوامل عديدة مرتبطة بمكونات وعناصر اقتصادياتها·· هذه القطاعات أصبحت غير فاعلة، وليست قادرة على خلق فرص العمل· وإذا علمنا، وحسب ما يشير التقرير المنوه عنه آنفا، أن هناك ما يقدر بـ2,5 مليون إنسان عربي، من الذكور والإناث، يتدفقون على سوق العمل سنويا، فكيف يمكن أن نتوقع حلولا واقعية لمأساة العمالة العربية؟ هؤلاء المتدفقون الجدد لسوق العمل العربية إما أن يكونوا من مخرجات التعليم العالي والتعليم المهني، أو أن يكونوا من متسربي التعليم الثانوي أو المتوسط، ولذلك فإن قدراتهم المهنية والمهارية تتفاوت بين عمالة هامشية غير ماهرة، أو من أصحاب المؤهلات العليا·· ومما يزيد الوضع صعوبة هو أن أنظمة التعليم في البلدان العربية لا تتوافق بالضرورة مع احتياجات سوق العمل·· وهكذا تضيع أعداد كبيرة من العمالة الجديدة في ظل أوضاع اقتصادية وتعليمية تعيث فيها الفوضى وانعدام التخطيط والرؤية، وكما يقال فإنهم يضيعون بين الرجلين!

من جانب آخر هناك عناصر جديدة تعزز أزمة العمالة في العالم العربي، ومن أهمها انسداد شرايين القطاع العام بسبب تفاقم العجوزات المالية، وعدم القدرة على التوسع الاستثماري وزيادة الإنفاق الجاري·· هذا القطاع الذي كان يوفر فرص عمل كبيرة أمام العمالة الجديدة، وخصوصا المتعلمة منها لا يمكن أن يستمر في مثل هذا الحال·· كذلك فإن فلسفة التحول الى الاقتصاد الحر وجعل مسألة خلق فرص العمل الجديدة من اختصاص القطاع الخاص، لم تأخذ مجراها الطبيعي حتى الآن بشكل واضح·· وإذا افترضنا أن القطاع الخاص اضطلع بهذه المسؤولية، بدلا من القطاع العام، فإن أمامه زمنا طويلا ليثبت جدارته وقدرته على خلق فرص العمل المناسبة·· ولا شك أن هناك معضلات موضوعية أمام التغيير من اقتصاد موجه الى اقتصاد يعتمد على آليات السوق وقوانينه الطبيعية·

إذاً يمكن أن نستنتج، ومن دون ذكاء خارق، أن الأزمة هي أزمة بنيوية مرتبطة بتكوين الاقتصاد العربي وتركيبته بالدرجة الأولى، ثم هي أيضا مرتبطة بالتركيبة الاجتماعية·· كيف هي مرتبطة بالتركيبة الاجتماعية، والإجابة عن ذلك تكمن في طبيعة الواقع السكاني، أو الديمغرافي، الذي يتشكل من بنية سكانية صغيرة السن لها متطلبات من الإعالة ومن التعليم ومن خلق فرص عمل تضيف أعباء متفاقمة على قدرات اقتصادية محدودة·· وإذا كان هناك من يرى بأن المعالجة يمكن أن تتم عبر تعريب العمالة في كل البلدان العربية، حيث هناك حيز تشغله عمالة وافدة من خارج الوطن العربي، وخصوصا من الدول الآسيوية، فقد لا يكون هذا الرأي غير حصيف أو معقول إلا أن المسألة أكثر تعقيدا·· وما يحول دون التمكن من وضع مثل هذا الرأي موضع التطبيق هو الواقع السياسي العربي المرير والعلاقات المتسممة بين العديد من الدول العربية مما ينعكس سلبيا على المواطنين العرب وحركة تنقلهم وقدرتهم على إيجاد فرص في دول عربية أخرى·

وكما هو معلوم فإن غزو العراق للكويت في عام 1990 قد سبّب معضلات عديدة لمئات الآلاف من العمال العرب وأثّر على أوضاعهم المعيشية، وألغى قدراتهم على تحويل الأموال لأوطانهم ودعم معيشة أسرهم وأقاربهم·· وقد تضرر العمال العرب، وكذلك الموظفون الإداريون والفنيون والمهنيون العرب من مختلف التخصصات، في كل من الكويت والعراق، وإلى حد ما في بعض بلدان الخليج العربية الأخرى·· وما حل في مقام هؤلاء ربما لا تكون عناصر وافدة، من بلدان غير عربية أو حتى عربية، ذات إمكانات مهنية أو مؤهلات علمية أفضل، لكن إعادة الأوضاع الى سابقها قد لا تكون ميسرة في ظل أوضاع اقتصادية صعبة·· هذا الواقع المتعلق بالعمالة العربية يتطلب، ومن دون جدال تبني سياسة اقتصادية واقعية تهدف الى إصلاح الأوضاع الاقتصادية الوطنية، وزيادة في التنسيق بين مختلف البلدان العربية من أجل صياغة سياسات توظيف تساعد على الحلول·

�����
   

حقوق المرأة السياسية في منظور الشيرازي(2-2):
ياسر الحبيب
رسالة عاجلة إلى وزير الصحة
هموم المسعفين(1):
مجموعة من فنيي الطوارىء الطبية
تناقضات(الحلقة الحادية عشرة):
محمد سلمان غانم
"ما قلت لكم"؟:
أنور الرشيد
اختفاء "علي الكيمياوي" فجّر الصراعات!:
حميد المالكي
...ونحن عنها غافلون!!:
فوزية أبل
المساءلة السياسية في مجلس الأمة:
محمد مساعد الصالح
تجميد حسابات الحكومة:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
ولا تزال التساؤلات مستمرة!:
د.مصطفى عباس معرفي
حماية حقوق المؤلف:
يحيى الربيعان
حركة عمليات مباركة:
مطر سعيد المطر
مأساة العمالة العربية!:
عامر ذياب التميمي
كوسوفا ..درس التاريخ:
سعود عبدالله
ثقافة سلام جديدة:
سعاد المعجل