Al - Talea
رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 7 ابريل 1999
العدد 1371

تناقضات(الحلقة الحادية عشرة)
محمد سلمان غانم

إن التسخير يقوم على التخصص، وتقسيم العمل، وهو يزداد عمقا ورسوخا مع تطور أسباب الرزق "القوى المنتجة" ويجعل الانتاج عملية متكاملة ذات طابع جماعي، يتناقض أشد التناقض، مع الملكية الخاصة الفردية· إن أسباب الرزق من الله، وليس من البشر، بينما علاقات الانتاج والسيطرة تجعلها  ملكية خاصة لبعض الآدميين· ويبقى في إطارها نظام الطبقات المعروف بمآثمه ومغارمه ومظالمه·

إذن فالرزق ليس مواد استهلاكية جاهزة، والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضة، إنما هو في معناه العميق الأسباب والوسائل التي تخلق الدخل والثروة وعندما يتملكها الملأ يحول حياة الناس إلى نكد·

وهناك من يربط بين التفاوت الطبقي والتفاوت في المواهب والاستعدادات وكأن من ينتمي إلى طبقة الملأ يكون ذكيا وحاذقا، ومن ينتمي إلي الفقراء والمعدمين فهو أقل ذكاء وموهبة! هذه الدعوى لا تستحق حتى المناقشة·· فقط يمكن أن نقول إن أغلب الأغنياء غارقون في ملذاتهم وشهواتهم، وإذا ما عملوا، فإن عملهم مرتبط بمتابعة مصالحهم وحساباتهم وإدارة أملاكهم، من دون أن يقدموا أي شيء نافع اجتماعيا في الوقت الذي يستنزفون عرق ودماء المنتجين والعمال ويكدسون الثروات على حساب الفقراء والمسحوتين· إننا نعلم أن الأغنياء قادرون على تعليم أبنائهم ولذلك نجد بينهم المهندسين والأطباء والمحامين·· إلخ : وهم يتمتعون بمراكز عالية، ولكن ما يحصلون عليه من مقابل لعملهم ليس هو مصدر ثرواتهم الكبيرة والمتعاظمة، فضلا عن أن تعليمهم وإعدادهم، إنما هو على حساب الثروة الاجتماعية العامة، ولذلك ينبغي أن يقدموا خدمات تتناسب مع مرتباتهم العالية وامتيازاتهم الخاصة، ومع ذلك فإن سر دخلهم وثرواتهم الطائلة إنما هو تملك وسائل الانتاج، بينما يقول الله سبحانه وتعالى "وأن ليس للإنسان إلا ما سعى"·

الملالية: هناك من ا لملالي ورجال الدين من يرى أنه "سيبقى الناس متفاوتين في أرزاقهم، بعضهم فوق بعض، أو بعضهم دون بعض، فتلك سنة الحياة"· إن الناس يتمايزون فيما بينهم حسب تنوع مواهبهم واستعداداتهم، ولكن الفوارق الطبقية بينهم لا يبررها هذا التمايز والتنوع في قدرات الناس فهذه ضرورة حتمية حينما تجعل كل إنسان خادما اومخدوما أو تابعا ومتبوعا، حسب التقسيم الاجتماعي للعمل، وفي الحياة العملية لا نرى الأكثر علما هو الأكثر ثراء·

ويرى بعض رجال الدين المتنورين إلى حد ما، أنه يمكن تقييد الملكيات أو اطلاقها حسب حاجات الناس، وأطوار الزمن، وأنه من  الممكن قيام نظام طبقي تكون فيه الطبقات متوازنة لا متعادية، ونختم بها المآسي المريرة التي تمخض عنها نظام الطبقات المعروف بمظالمه ومخازيه، ولكن كيف يمكن تحقيق ذلك؟· الطبقات الملاكية لا يمكن أن تتنازل عن مكانتها الاقتصادية والاجتماعية وهى التي ستتولى تسيير الحياة بما يضمن استغلال  الآخرين، وتكديس المزيد من الثروات، وتعميق التفاوت الطبقي·

إن الملالي ورجال الدين المحترفين شريحة تتمم طبقة المترفين ومهمتها نشر وتثبيت الأيديولوجية المكرية الرجعية، ويتآمرون مع الملأ ضد الجماعة المسلمة·· ولكن هذا لايعني أن جميع رجال الدين سند للطبقة المسيطرة، ففيهم علماء دين دافعوا عن قيم الإسلام، وناضلوا ضد الطغاة والمستبدين وكانوا مع الجماهير في آمالها وتطلعاتهم، ومن هؤلاء على سبيل المثال، محمد عبده وجمال الدين الأفغاني، وعبد الرحمن الكواكبي، وغيرهم ، وإن كانوا لم يقفوا موقفا حاسما من الملكية الخاصة، باعتبارها مصدر الشرور والآثام، اللهم إلا عبد الرحمن الكواكبي·

الملأ في القرآن: لقد تناول القرآن أسلوب حياة الملأ من ناحية وخطرهم واجرامهم من ناحية أخرى·· إن أهم ما تتصف به حياتهم ، فهو الترف والاسراف، المقترن بالكفر والكذب "الذين كفروا وكذبوا بلقاء الآخرة وأترفناهم في الحياة الدنيا" 33 - المؤمنون· وهؤلاء المترفون هم أعداء الرسل والأنبياء والمصلحين"وما أرسلنا في قرية من نذير· إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون" 34 - سبأ· وهم الذين يتمسكون بالتقاليد البالية لكي يبرروا وضعهم الطبقي "·· إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة· وإنا على آثارهم مقتدون" 23 - الزخرف، وقد توعدهم الله بالعذاب· دنيا وآخرة "حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب إذا هم يجأرون" 64 - المؤمنون ·· كما وصف الله حياتهم بالإسراف "ولا تطيعوا أمر المسرفين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون" 151 - الشعراء·· و"إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين" 27 - الاسراء·· إذن فهؤلاء المسرفون هم المفسدون أيضا· ويقترن الترف والإسراف بالفساد، وهذه قاعدة ربانية، ومن هذه الآيات ندرك أن سبب ومصدر الترف والتبذير هو الفساد والظلم والاستغلال، وقد اخترنا بعض الآيات للاستشهاد ، وليس كلها·

أمامن حيث خطرهم، فهم المجرمون حقا وصدقا، وهم المعادون لكل دعوة اصلاح· "وكذلك جعلنا لكل نبي· عدوا  من المجرمين··" 31 - الفرقان· و"كلوا وتمتعوا قليلا إنكم مجرمون··"46 - المرسلات· كما ربط القرآن بين الترف والإجرام "فاتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه وكانوا مجرمين" 116 - هود· وقد توعدهم الله بالذل والعذاب "سيصيب الذين أجرموا صغار عند الله وعذاب شديد··" 124 - الأنعام·· ومن أخلاقهم وصفاتهم أيضا المكر والخديعة، وهي سمة مرتبطة أيضا بالإجرام والترف "وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها" 123 - الأنعام· وتقترن الهيمنة الدولية بالمكر والخديعة "استكبارا في الأرض ومكر السيىء" 43 - فاطر·

وعلى كل حال، فإن الله خير من يرد مكرهم · عندما يجند المؤمنين ويتحفهم بأسباب النصر· "ومكروا، ومكر الله، والله خير الماكرين"54 - آل عمران· وهناك ذميمة أخرى يتصف بها الملأ، وهو الكيد "فالذين كفروا هم المكيدون" 42 - الطور· و"إنهم يكيدون كيدا وأكيد كيدا فمهل الكافرين أمهلهم رويدا"16 - طارق·

�����
   

حقوق المرأة السياسية في منظور الشيرازي(2-2):
ياسر الحبيب
رسالة عاجلة إلى وزير الصحة
هموم المسعفين(1):
مجموعة من فنيي الطوارىء الطبية
تناقضات(الحلقة الحادية عشرة):
محمد سلمان غانم
"ما قلت لكم"؟:
أنور الرشيد
اختفاء "علي الكيمياوي" فجّر الصراعات!:
حميد المالكي
...ونحن عنها غافلون!!:
فوزية أبل
المساءلة السياسية في مجلس الأمة:
محمد مساعد الصالح
تجميد حسابات الحكومة:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
ولا تزال التساؤلات مستمرة!:
د.مصطفى عباس معرفي
حماية حقوق المؤلف:
يحيى الربيعان
حركة عمليات مباركة:
مطر سعيد المطر
مأساة العمالة العربية!:
عامر ذياب التميمي
كوسوفا ..درس التاريخ:
سعود عبدالله
ثقافة سلام جديدة:
سعاد المعجل