Al - Talea
رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 15-21 ذي القعدة 1419هـ - 3 - 9 مارس 1999
العدد 1367

محنة الأيديولوجية!
عامر ذياب التميمي
tameemi@taleea.com

عندما نقرأ أخبار الانتخابات في أوروبا، أو لحد ما في الدول النامية التي تنعم بقسط من الديمقراطية الحقيقية، فإننا نلاحظ أنها انتخابات بين أحزاب اليمين وأحزاب يسار الوسط· ماذا حدث في هذا العالم؟ وأين ذهبت أحزاب اليسار التي تحمل برامج انتخابية تختلف بشكل كبير عن برامج اليمين والوسط، تعتمد وجهات النظر في الاقتصاد التي تقدس دور الدولة ونظام الاقتصاد الموجه؟ ويبدو أن مختلف الأحزاب والقوى السياسية غدت تعترف بأن النظام الاقتصادي - في أية بلاد - يجب أن يعتمد اقتصاد السوق وحرية النشاط والمنافسة· وأن تظل أفكار الاقتصاد الشمولي - أو الموجه، حبيسة كتب التاريخ·· هل يعني هذا أن نبوءات فاكيوما - المفكر الأمريكي الياباني - قد أصبحت حقيقة وأمرا واقعا، وأن التاريخ قد انتهى لصالح الرأسمالية؟ لا شك أن سياق الأحداث الجارية منذ بداية عقد التسعينيات تشير الى هذه النتيجة، لكن لا يجب التعجل والحكم على الأمور من مجريات أحداث عقد واحد من الزمن·

يجب أن نعي أن التطور الفكري في علم الاقتصاد يعتمد - الى حد كبير - على التطور في ميدان التكنولوجيا والتي انتصرت فيها الرأسمالية خلال العقود الخمسة الماضية· ربما يكون للحرب الباردة دور مهم في ما آلت إليه الأمور في هذا المضمار، حيث ركزت الدول الاشتراكية السابقة - وعلى رأسها الاتحاد السوفييتي - جل همها في تطوير الصناعات العسكرية، وتوجهت اهتمامات البحث العلمي نحو تطوير تقنيات الحروب والأسلحة·· ولا شك أن هذا الأمر حدث في الولايات المتحدة أيضا، وما حرب النجوم والأموال التي أنفقت عليها إلا نتيجة واضحة للحرب الباردة واشتداد أواصرها في عقد الثمانينيات من هذا القرن·· وهذا التطور في الولايات المتحدة ذو صلة بسيطرة اليمين المتطرف في عهد ريغان وإصراره على تحقيق تفوق كبير على الاتحاد السوفييتي السابق في ميدان الدفاع والتسلح·· بيد أن نهاية الحرب الباردة أعادت للبشرية قدرتها على المعالجة العقلانية للعلاقات بين مختلف دول العالم والاحتياجات الفعلية للأمم والشعوب في مختلف بلدان العالم·

لقد أصبح بالإمكان الاستفادة من التقنيات العسكرية المتطورة في مجالات مدنية مثل الاتصالات وتطوير الصناعات التي تخدم الإنسانية، ولم يعد أمام الصناعات العسكرية المتضخمة مجالات سوى التجارب مع الاحتياجات غير العسكرية، أو المدنية بعد تدهور أسواق السلاح في العالم وتخفيض ميزانيات التسلح في الدول الرأسمالية الرئيسة·· إذاً نحن أمام تطور محمود، أو حميد، من أجل تطويع هذه التقنيات للاستفادة منها في خدمة البشرية·· لكن هل هذه التطورات التقنية وما تجره معها من تطورات اجتماعية، وتحولات اقتصادية سوف يعني المزيد من الرفاه وتحسين ظروف المعيشة ونوعية الحياة لشعوب العالم؟ هذا هو السؤال المركزي الذي سيواجه السياسيين في مختلف بلدان العالم، على اختلاف درجات تطورها السياسي والحضاري·· ولا ريب أن السياسيين الذين نهلوا من مدارس الفكر الاشتراكي يعانون بشدة من هذه التطورات المذهلة التي حدثت على مدى زمني قصير نسبيا، ولذلك فهم سوف يتأملون ما حدث بشك وريبة، وأحيانا بفكر عميق·

وهكذا فإن من يتعامل مع أمور المجتمع والاقتصاد والسياسة من منطلقات أيديولوجية سوف يعاني من عدم المقدرة على فهم الأحداث بصورة منطقية وموضوعية· أما من يرى أن التطور التاريخي يفرض قيما قد لا تتوافق مع سيطرة الفكر الإنساني على مدى القرون والعقود الماضية فسوف يتمكن من رؤية الأحداث بمنظار أكثر وضوحا، وسوف يستنتج توقعات أكثر إشراقا·· وهكذا تطورت الأحزاب اليسارية في أوروبا باتجاه قبول فكر اقتصادي أقل تشددا، وسعت نقابات العمال لإعادة النظر في مواقفها من رأس المال وأصحابه وعززت علاقات عمل جديدة من أجل حماية أعضائها من البطالة·· وعندما ننظر الى الواقع الأوروبي الحديث بعد تأكد التوجه نحو الاندماج الكامل لاقتصاديات دول الاتحاد الأوروبي، وبروز أزمة البطالة في هذه الدول، فإن ما نجده هو اعتراف من أحزاب ونقابات بأهمية التكيف مع مستجدات الاقتصاد والفكر السياسي الجديد حتى يمكن أن يتمكن اليسار من فرض رؤية أكثر إنسانية على الأنظمة السياسية هناك·

هذه الرؤية الواقعية هل امتدت الى دول الجنوب؟ لا بد أن نقر بأن اليسار في دول أمريكا اللاتينية، وهو يسار فعّال وواسع الشعبية، قد بدأ رحلة التحول وأصبح يتعامل مع اقتصاديات السوق من دون أوهام الفكر القديم·· ومن ينظر الى الواقع السياسي في بلدان لاتينية رئيسة مثل البرازيل والأرجنتين وتشيلي يجد معالم واضحة لهذا التحول·· كما أن الاقتصاديات في هذه الدول أخذت منحى عصريا، وحدّثت عوامل الإنتاج والتقنيات المستخدمة والعلاقات في مجالات العمل بين العمال ورأس المال· وإذا كان هذا التطور قد فرض نفسه على دول أمريكا اللاتينية فهل نتوقع أن يمتد الى الشرق ويشمل بلدان أفريقيا الشمالية والشرق الأوسط بعد أن أصبحت دول آسيا الشرقية أكثر تجاوبا مع الفكر المعاصر؟ ربما هناك مؤشرات لكن علينا أن نرى تحررا أكثر من الأوهام!

�����
   

الألفية الثالثة:
محمد مساعد الصالح
..أهي تنظيمات عسكرية؟!:
مسلم صريح
الخليج والبحث عن الاستقرار:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
رسالة إلى ماما مادلين:
د.مصطفى عباس معرفي
"هلا فبراير" وغياب المشاركة الشعبية فيه:
يحيى الربيعان
عبدالله أوجلان:
إسحق الشيخ يعقوب
محنة الأيديولوجية!:
عامر ذياب التميمي
جودة الاستثمار:
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله
النقابة.. البرلمان الأصغر!!:
سعاد المعجل
تناقضات(الحلقة السابعة):
محمد سلمان غانم
متى ستتفهم الحكومة طبيعة النظام؟:
ياسر الحبيب
الحل قادم.. ثانية:
أنور الرشيد
نهاية أسطورة الظلاميين...!:
حسن علي كرم
لجنة تطبيق الشريعة ومشروع النظام التربوي!!!:
فوزية أبل