Al - Talea
رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 17-23 شوال 1419هـ - 3-9 فبراير 1999
العدد 1363

في جواز مخاصمة القضاة وأعضاء النيابة عن الخطأ المهني الجسيم
المحامي مصطفى الصراف

للحفاظ على مبدأ استقلال القضاء، يجب أن يتحرر القاضي من أمور ثلاثة:

أولا: من تأثير السلطة التنفيذية·

ثانيا: من تأثير الرأي العام·

ثالثا: من تأثير الأفراد·

أولا: الاستقلال عن السلطة التنفيذية:

إن أي مساس في استقلال القضاء من شأنه أن يعبث بجلال القضاء وكل تدخل في عمل القضاء من جانب أية سلطة من السلطتين التنفيذية أو التشريعية يخل بميزان العدل ويقوض دعائم الحكم· لأن في قيام القاضي بأداء وظيفته حرا مستقلا مطمئنا على كرسيه آمنا على مصيره أكبر ضمانة لحماية الحقوق، فهو الأمين على الأرواح والحريات والأموال، وهو الحارس للشرف والعرض· ومن حق الضعيف إذا ناله ضيم أو حاق به ظل أن يطمئن الى أنه أمام القضاء، فيقوى بحقه مهما كان خصمه قويا بماله أو نفوذه أو سلطانه، فعين العدالة يجب أن ترعى الجميع·

ثانيا: الاستقلال عن تأثير الرأي العام:

ينبغي أن يكون القاضي في قضائه مستقلا عن تأثير الرأي العام، فلا يأخذ فيه بما ينشر في الجرائد من الحوادث أو بما تنقله ألسنة الجمهور عن القضية أو القضايا المنظورة أمامه حتى يتجنب بذلك مزالق الخطأ·

كما لا يجوز للقاضي أن يتقرب الى الرأي العام بوسائل تحط من كرامته أو تزري به، فهناك فريق ن القضاة يميل الى الزهو والإعلان عن النفس، ومنهم من يقبل تصويره وهو جالس على منصة المحكمة ومنهم من يكتب الأحكام ويبعث بها الى الصحف اليومية، ويجب على القاضي أن يبتعد عن رجال الصحافة والإعلام فلا يدلي إليهم بتصريحات في قضية ينظرها أو يحقق فيها·

ثالثا: الاستقلال عن تأثير الأفراد:

لئن كانت أخطاء القضاة هي منبع آلام المتقاضين وقد ترجع في بعض الأحيان الى الآراء التي يعتنقونها عند إصدار الأحكام، إلا أن الأصل في التشريع المقارن أن رجال القضاء غير مسؤولين من الناحية المدنية عن الأخطاء التي يرتكبونها أثناء قيامهم بواجبات وظائفهم لأن كلا منهم إنما يستعمل في ذلك حقا خوله له القانون وترك له سلطة التقدير فيه· فإذا وقع أيهم في خطأ فلا تعمل في حقه الأحكام العامة في المسؤولية التقصيرية، وحسب صاحب المصلحة أن يطعن في قراره بالطريق الذي رسمه القانون لذلك، وإذا تراخى في استعمال هذه الرخصة وفوت على نفسه الميعاد المقرر للطعن أو لم يوفق في طعنه فالقرار الصادر هو عنوان الحقيقة·

إن الغاية من تقرير مبدأ عدم مسؤولية رجال القضاء هو ضمان حرية القاضي والحرص على طمأنينة نفسه فلا يحس أنه تحت رحمة المتقاضين يجرونه الى دور المحاكم كلما لم يرق لهم قضاؤه· هذا فضلا عن أن السماح لهؤلاء المتقاضين بأن يقيموا دعوى تعويض على القاضي لكل خطأ أو إهمال يقع منه أو يتصورون إنه خطأ وقع منه أثناء تأدية وظيفته خليق بأن ينتهي الى إهدار حجية الأحكام وقرينة الصحة المفترض فيها·

لكن الأخذ بهذا المبدأ على إطلاقه ليس صحيحا لأن القضاة بشر وقد يستغل هذا المبدأ في غير مصلحة العدالة فرأي المشرع في معظم الدول القانونية بما فيها فرنسا وجمهورية مصر العربية تقرير مسؤولية القضاة وأعضاء النيابة على سبيل الاستثناء من المبدأ العام وذلك إذا انحرف أيهما عن واجبات وظيفته وأساء استعمالها، فنص في قانون المرافعات على أحوال معينة أوردها على سبيل الحصر يسأل فيها القاضي عن التضمينات كما نظم إجراءات المخاصمة في هذه الأحوال، والحكمة التي توخاها المشرع من وضع نظام المخاصمة هي توفير الضمانات للقاضي في عمله وإحاطته بسياج من الحماية يجعله في مأمن من كيد العابثين الذين يحاولون النيل من كرامته وهيبته برفع دعاوى كيدية لمجرد التشهير به· وقد ساوى بين القضاة وأعضاء النيابة لأن أعضاء النيابة يعتبرون هيئة مكملة للقضاة فحرص المشرع دائما الجمع بينهم·

فالقاضي وعضو النيابة كأصل عام لا يُسأل إلا إذا ارتكب في قضائه غشا، أو تدليسا أو غدرا أو خطأ مهنيا جسيما· هذا بالإضافة الى ما تضمنته القوانين من جواز ردهم عن نظر الدعوى·

وقد جعلت الشريعة الإسلامية القاضي ضامنا إذا اخطأ· وهذا الضمان يكون تارة في بيت المال وهو إذا أخطأ في حد ترتب عليه تلف في نفس، أو عضو، وتارة يكون هدرا في مال المقضي عليه وهو إذا أخطأ في الأموال، وتارة يكون في مال القاضي وهو إذا تعمد الجور·

إن القضاء هو إحدى السلطات الثلاث وكما هو الأمر في جواز محاسبة أي من أعضاء السلطتين التنفيذية والتشريعية ومحاكمتهم فإن أفراد السلطة القضائية لا ينبغي أن يكونوا في منأى عن ذلك متى قصروا أو انحرفوا·

وبناء على ما تقدم بات مطلوبا وضع نصوص في قانون المرافعات الكويتي أسوة بالقانونين المصري والفرنسي تجيز مخاصمة القضاة وأعضاء النيابة وذلك بإضافة باب سادس في قانون المرافعات الكويتي يتضمن المواد التالية:

الباب السادس

مخاصمة القضاة وأعضاء النيابة والتحقيق

المادة/305:

"تجوز مخاصمة القضاة وأعضاء النيابة والتحقيق في الأحوال التالية:

1 - إذا وقع من القاضي أو عضو النيابة أو المحقق في عملهم غشا أو تدليسا أو غدرا أو خطأ مهنيا جسيما·

2 - إذا امتنع القاضي من الإجابة عن عريضة قدمت له أو من الفصل في قضية صالحة للحكم وذلك بعد إعذاره مرتين على يد محضر يتخللهما ميعاد أربع وعشرين ساعة بالنسبة الى الأوامر على العرائض وثلاثة أيام بالنسبة الى الأحكام في الدعاوى الجزائية والمستعجلة والتجارية وثمانية أيام في الدعاوى الأخرى·

ولا يجوز رفع دعوى المخاصمة في هذه الحالة قبل مضي ثمانية أيام على آخر إعذار·

3 - الأحوال الأخرى التي يقضي فيها القانون بمسؤولية القاضي والحكم عليه بالتعويضات"·

مادة/306:

"ترفع دعوى المخاصمة بتقرير في قلم كتاب محكمة الاستئناف التابع لها القاضي أو عضو النيابة أو المحقق يوقعه الطالب أو من يوكله في ذلك توكيلا خاصا·

ويجب أن يشتمل التقرير على بيان أوجه المخاصمة وأدلتها وأن تودع معه الأوراق المؤيدة لها·

وتعرض الدعوى على إحدى دوائر محكمة الاستئناف بأمر من رئيسها بعد تبليغ صورة التقرير الى القاضي أو عضو النيابة أو المحقق وتنظر في غرفة المشورة في أول جلسة تعقد بعد ثمانية الأيام التالية للتبليغ· ويقوم قلم الكتاب بإخطار الطالب بالجلسة"·

مادة/307:

"تحكم المحكمة في تعلق أوجه المخاصمة بالدعوى وجواز قبولها وذلك بعد سماع الطالب أو وكيله والقاضي أو عضو النيابة أو المحقق المخاصم حسب الأحوال وأقوال النيابة العامة إذا تدخلت في الدعوى·

وإذا كان القاضي المخاصم مستشارا بمحكمة التمييز تولت الفصل في جواز قبول المخاصمة إحدى دوائر هذه المحكمة في غرفة المشورة"·

مادة/308:

"إذا حكم بجواز قبول المخاصمة وكان المخاصم أحد قضاة المحكمة الابتدائية أو أحد أعضاء النيابة أو التحقيق لديها حدد الحكم جلسة لنظر موضوع المخاصمة في جلسة علنية أمام دائرة أخرى من دوائر محكمة الاستئناف ويحكم فيها بعد سماع الطالب والقاضي أو عضو النيابة أو المحقق المخاصم وأقوال النيابة العامة إذا تدخلت في الدعوى· وإذا كان المخاصم مستشارا في إحدى محاكم الاستئناف أو النائب العام أو المحامي العام فتكون الإحالة على دائرة خاصة مؤلفة من سبعة من المستشارين بحسب ترتيب أقدميتهم· أما إذا كان المخاصم مستشارا بمحكمة التمييز فتكون الإحالة الى دوائر المحكمة مجتمعة"·

مادة/309:

"يكون القاضي غير صالح لنظر الدعوى من تاريخ الحكم بجواز قبول المخاصمة"·

وتتم تنحية وكيل النيابة أو المحقق عن مباشرة القضية من تاريخ قبول مخاصمته·

مادة/310:

"إذا قضت المحكمة بعدم جواز المخاصمة أو برفضها حكم على الطالب بغرامة لا تقل عن خمسين دينارا ولا تزيد على مائتي دينار مع التعويضات إن كان لها وجه، وإذا قضت بصحة المخاصمة حكمت على القاضي أو عضو النيابة بالتعويضات والمصاريف وببطلان تصرفهما"·

ومع ذلك لا تحكم المحكمة ببطلان الحكم الصادر لمصلحة خصم آخر غير المدعي في دعوى المخاصمة إلا بعد إعلانه لإبداء أقواله ويجوز للمحكمة في هذه الحالة أن تحكم في الدعوى الأصلية إذا رأت أنها صالحة للحكم وذلك بعد سماع أقوال الخصوم·

مادة/311:

"لا يجوز الطعن في الحكم الصادر في دعوى المخاصمة إلا بطريق النقض"·

�����
   

الإخوان المسلمون وجمع الأموال:
مسلم صريح
البلدية تتجاهل قوانينها:
محمد مساعد الصالح
سذاجة أمريكية:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
على نفسها جنت براقش:
د.مصطفى عباس معرفي
الثورة الإيرانية في عامها العشرين: آفاق وتحديات:
يوسف عزيزي
أعياد المملكة العربية السعودية:
يحيى الربيعان
ذاكرة الدم والخوف:
إسحق الشيخ يعقوب
أحداث وقضايا!:
عامر ذياب التميمي
التعامي:
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله
أين الجامعة العربية:
سعاد المعجل
تناقضات (الحلقة الثالثة):
محمد سلمان غانم
تلعبين بالنار يا حكومة!:
ياسر الحبيب
استقالة العون:
أنور الرشيد
هل ديمقراطيتنا حقيقية..؟:
سعود عبدالله
الثورة الخمينية.. إلى أين؟!!:
فوزية أبل
في جواز مخاصمة القضاة وأعضاء النيابة عن الخطأ المهني الجسيم:
المحامي مصطفى الصراف