Al - Talea
رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 17-23 شوال 1419هـ - 3-9 فبراير 1999
العدد 1363

هل ديمقراطيتنا حقيقية..؟
سعود عبدالله

سؤال يظن البعض أن الإجابة عنه سهلة هينة·· وأنا على يقين بأنها صعبة عسيرة·· بل ربما مستحيلة غير ممكنة·

إن الإجابة عن هذا السؤال تستلزم جرأة وصدقاً وأماناً·· وكلها أدوات بعيدة المنال سواء في مجتمعنا الصغير أم في المجتمع العربي الكبير·· ولا شك أننا نتأثر بكل من هم حولنا·· سواء من اعتدى علينا أم من أعاننا وساعدنا·· هذا نحسب حسابا ضده·· وذاك نحسب حسابا معه·· هذا نتقي شره·· وذاك نرضي خاطره·· ولهذا يقف من يريد البحث والحديث عن الديمقراطية أمام سدود لا يستطيع تجاوزها أو اختراقها·

ولا يقف الأمر عند هذا الحد·· بل إن الإجابة عن هذا السؤال تستدعي فكرا عميقا وثقافة عالية وحرية رأي واسعة·· ترى الأمور بنظرة طائر من أعلى·· لا من زوايا ضيقة·· فتهدف للمصلحة العامة·· لا للمصالح الشخصية المحدودة·· التي إن نفعت البعض اليوم فسوف تضرهم بلا شك غدا·· والمصالح تتقلب·

سأطرح هنا عينة من العقبات التي تجعل الإجابة عن هذا السؤال صعبة عسيرة·· أو ربما مستحيلة·· وآمل من القارئ الكريم أن يتمعن فيها·· وأن يقرأ ما بين سطور هذه التساؤلات:

أولا: ما الموانع التي تعيق إنشاء أحزاب سياسية؟ وهل يمكن لأية ديمقراطية أن تنجح أو بعبارة أخرى أن تكون ديمقراطية حقيقية من دون أحزاب؟ وما فائدة أعضاء مجلس الأمة الفرادى الذين يصلون الى المجلس من دون خطة واضحة أو برنامج عمل معروف·

من دون الأحزاب·· لا شك أن الحكومة·· أية حكومة كانت·· سوف تسيطر تماما على مجلس الأمة وتلغي دوره·· وسوف يتحول أعضاؤه الى أتباع وموالين·· عن طريق الواسطات والخدمات التي يحتاجونها لإرضاء ناخبيهم·· أو عن طريق الترضيات الأخرى·· وما أكثرها·· المناقصات والرواتب والاستئجار والتوظيف والتجاوزات·· وكلها بيد الحكومة·

أما بوجود الأحزاب·· فالخطط واضحة·· ولا يحتاج النائب الى الحكومة للوصول الى المجلس·· بل على العكس·· هو الذي سيشكل الحكومة·· إذا استطاع إقناع الشعب والحصول على الأغلبية·· لن يحتاج للحكومة·· ولن يحتاج للعنصرية القبلية·· ولن يحتاج للعنصرية الدينية·· ذلك أن معيار الاختيار هو اقتناع الناخب ببرنامج عمل المرشح·

ثانيا: هل دولتنا دينية أم علمانية؟ وبعبارة أخرى هل يمكن أن تنشأ دولة إسلامية في أي مكان في العالم؟

إن مواطن الدولة الدينية هو أي مسلم·· وليس الكويتي·· له الحقوق نفسها تماما·· الوظيفة والتملك والقرض والأرض·· يدخل البلاد ويخرج من دون تأشيرات أو ممانعات·· له الحق في الترشيح والانتخاب والحكم والتجارة والوزارة· وتنشأ هنا إشكالات كبيرة·· أولها النظام الاقتصادي·· ذلك أن البنوك التجارية تتعاطى الربا والفائدة·· فعلى الدولة الدينية أن تبتدع نظاما دينيا اقتصاديا آخر لا يعتمد على النظام البنكي الربوي، وثانيها أن النظام السياسي يجب أن يتوافق مع الشروط الشرعية سواء أكانت في الخلافة أم الولاية أم أي مستوى سياسي·· لا في البيعة فقط بل في التعامل مع الأنظمة العالمية الأخرى غير الإسلامية، وثالثها أن النظام الاجتماعي يجب أن يتماشى مع الشرع·· الحقيقي وليس الصوري كما في بعض البلاد·· من ناحية الأحكام والقضاء والمساواة وأخذ الجزية وإقامة الحدود على الكبير والصغير، ورابعها وذلك هو الأخطر·· هل ستكون دولة دينية سنية أم دولة دينية شيعية؟ وما تعريف المسلم والكافر والذمي والمشرك··؟ وما تقييم كل طائفة مذهبية دينية للطوائف الأخرى؟ وماحقوق كل إنسان منهم؟ وكيف يمكن منع التصادم بين الطوائف؟ وخامسها إن الديمقراطية أساسا هي نظام علماني غير إسلامي·· ولا يمت للإسلام بصلة لا من بعيد ولا قريب·· ولا علاقة للديمقراطية بنظام الشورى الإسلامي·· فالشورى غير إلزامية للحاكم·· فهو يشاور أهل الحل والعقد الذين يعينهم بنفسه في ما لم يرد به نص·· وله أن يأخذ برأيهم أو لا يأخذ·· والدولة الدينية تعني إلغاء الديمقراطية العلمانية واستبدالها بالأنظمة الشرعية الإسلامية·

كيف يمكن أن تنشأ دولة دينية مع كل هذه الإشكالات؟

ثالثا: ما الأسباب التي تجعل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة حكومية فقط؟ نريد سببا واحدا فقط·

هذا معناه أن الحكومة هي الجهة الوحيدة التي تستطيع أن تشرح وجهات نظرها في الداخل والخارج·· والتأثير الوحيد هو تأثير حكومي·· والخطاب حكومي·· والتوجيه حكومي·· والبروز والشهرة حكومية·· والحكومة تستطيع أن تمنع أي خبر أو تعليق لا يعجبها·· وتستطيع أن تسرب من الأخبار التي في صالحها ما تريد·· وما الذي يمنعها أن تحسن في هذا وتشوه في ذاك·· أو أن تُطفئ هذا وتلمع ذاك·· وهل يمكن لأي رأي مخالف أو معارضة أن تستخدم وسائل إعلام الحكومة؟

رابعا: ما الذي يمنع استقلال القضاء؟ لماذا يتبع وزارة العدل وبالتالي الحكومة؟

لا يجوز أن يأخذ القضاة رواتبهم من خلال الحكومة·· ولا يجوز أن تسير أمورهم الإدارية عن طريق الحكومة·· وكذلك توظيفهم وعلاواتهم وترقياتهم·· كيف يكون هناك اطمئنان للعدالة من دون استقلال تام للقضاء·· بعيدا عن أي تأثير من الحكومة·· وسيان أن يكون ذلك التأثير فعلياً أو محتملاً·

وخامسا: هل يمكن استجواب الحكومة كلها··؟ وكيف يتم تشكيل كل حكومة؟

ليس لمجلس الأمة أي دور في ذلك·· ولا يجرؤ على الاعتراض·

ونعود في النهاية الى سؤالنا الأساسي (هل ديمقراطيتنا حقيقية؟) ونكرر مرة أخرى للقارئ الكريم أن الإجابة صعبة عسيرة بل ربما مستحيلة·

�����
   

الإخوان المسلمون وجمع الأموال:
مسلم صريح
البلدية تتجاهل قوانينها:
محمد مساعد الصالح
سذاجة أمريكية:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
على نفسها جنت براقش:
د.مصطفى عباس معرفي
الثورة الإيرانية في عامها العشرين: آفاق وتحديات:
يوسف عزيزي
أعياد المملكة العربية السعودية:
يحيى الربيعان
ذاكرة الدم والخوف:
إسحق الشيخ يعقوب
أحداث وقضايا!:
عامر ذياب التميمي
التعامي:
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله
أين الجامعة العربية:
سعاد المعجل
تناقضات (الحلقة الثالثة):
محمد سلمان غانم
تلعبين بالنار يا حكومة!:
ياسر الحبيب
استقالة العون:
أنور الرشيد
هل ديمقراطيتنا حقيقية..؟:
سعود عبدالله
الثورة الخمينية.. إلى أين؟!!:
فوزية أبل
في جواز مخاصمة القضاة وأعضاء النيابة عن الخطأ المهني الجسيم:
المحامي مصطفى الصراف